ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

البرلمان القادم.. ومغامرة جديدة نحو الديمقراطية

بقلم: منى مكرم عبيد | 2015-09-26 16:04:26

يقترب البرلمان القادم من الانعقاد بعد مرحلة مخاض عسير وسط مرحلة من الارتباك السياسى والفكرى فى الشارع المصرى، عكست حالة من الترقب الممزوج بالحذر، بعد أن كان الجميع فى انتظار معركة انتخابية ساخنة قائمة على التنافس الحقيقى لخدمة المجتمع ومواجهة القضايا العالقة، إلا أن تشرذم النخبة وتراجع دور الأحزاب والقوى السياسية، وتزايد معاناة المواطن اقتصاديا وحياتيا، عملت على تصدير حالة من اليأس بعدم التغيير المنشود، وأن سقف طموحات المواطن لم يعد كما كان!

ومع ذلك هناك عدد من التحديات أمام البرلمان القادم، والتحدى الأكبر منها هو تهيئة المجتمع للنظام السياسى الجديد فى ظل الدستور الحالى، بعد أن فسر عدد من الشخصيات السياسية بشكل سيئ كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن الدستور تمت كتابته بنوايا حسنة، وهو ما دعا البعض للحديث مبكرا عن ضرورة تعديل الدستور، وهناك من تبرع بالدعوة لضرورة العودة للنظام الرئاسى، بل من شطح فى الحديث مطالبا بتعديل مدد حكم رئيس الجمهورية، وهكذا تحولت الساحة إلى ملاعب مختلفة يشتت من خلالها فكر المواطن، ولا يستطيع تحديد أولوياته بالشكل المنتظر.

وبالرغم من إقرار الدستور العام الماضى إلا أن الأحزاب والنخبة والإعلام فشلت فى خلق حالة حوار جاد لمناقشة النظام السياسى الجديد، وتحديد صلاحيات البرلمان والرئيس منعا لحدوث أزمات، وأهمية اختيار برلمان متناسق يسمح بتطبيق الرئيس لبرنامجه وطموحاته، فالتجربة العملية تقول إن مجلس إدارة النقابات المهنية أو الأندية الرياضية حينما لا يكون النقيب أو الرئيس متجانسا مع أعضائه يعرقلون خطط بعضهم بعضا حتى يتم انتخاب مجلس جديد، فما بالكم بمنصب رئيس الجهورية والبرلمان، فهل يعى المواطن اليوم هذه التغيرات؟

كذلك، كثيرون دعوا من قبل إلى أهمية اختيار ظهير شعبى للرئيس لتبنى طموحاته وبرامجه تحت قبة البرلمان، فى ظل الصلاحيات الكبيرة الممنوحة للبرلمان فى دستور ٢٠١٤ إلا أن الرئيس السيسى نفسه رفض ذلك، واكتفى بدعوة المواطنين لاختيار الأصلح فقط منعا لخلق أزمة أو تبنى أفكار تيار على حساب آخر، ومع ذلك استغلت قوائم انتخابية الأمر لصالحها وادعى البعض أنهم يمثلون الرئيس لإقصاء الآخرين!

ومن ضمن التحديات أيضا، أنه لا يوجد لدينا حزب حاكم ولا توجد مؤشرات ظهور أغلبية ومعارضة تحت قبة البرلمان، ويبدو أننا على موعد مع برلمان يضم غالبية من المستقلين، والسؤال الآن: هل لدينا آلية تحت القبة لتبنى هموم المواطنين؟، هل لدينا مايسترو يقود البرلمان يمكن أن نعتبره زعيم الأغلبية، بحيث يكون حصيفا سياسيا وبرلمانيا رفيعا يقود ولا يقاد، يثير النقاش ولا يجعل الجلسات أسوة بجلسات المجالس المحلية؟

ومن ضمن التحديات أيضا، ماذا بعد إلغاء مجلس الشورى؟، هل سيتم تعويض ذلك باختيار حكماء فى عضوية البرلمان من المعينين لتعويض غياب مجلس الشورى؟ وهل هناك استعداد لذلك بوجود بديل للشورى أم نكتفى ببرلمان يغلب عليه القبلية ورأس المال وقليل من السياسة؟، وهل ستتم مراعاة ذلك فى الاختيارات أم لا؟

وعلى المستوى الشخصى، أتمنى أن أرى «السوط» أو «الكرباج» على غرار النموذج الموجود فى مجلس اللوردات البريطانى، والذى يقع عليه عبء تنظيم تحركات أعضاء حزب الأغلبية، والتأكد من أن التصويت يسير وفقا لتوجهات حزبه، عبر الحشد والتأييد للقضايا والقوانين المراد التصويت عليها، كما يقوم بإطلاع نواب حزبه على آخر التطورات فى مشروعات القوانين المراد تمريرها، وهناك الكثير من الخبرات والتجارب الموجودة فى مجلس اللوردات التى تكشف عن هذا الموقع وكيفية قيامه بدور مهم فى كثير من الأحيان.

ومن أهم التحديات التى تواجه البرلمان القادم، هل هناك استعداد لاختيار رئيس البرلمان القادم على أسس مختلفة عما حدث فى الماضى، فنحن بحاجة لشخصية قانونية رفيعة المستوى، تتمتع باحترام القوى السياسية والمجتمع، ولا أجد شخصية تنافس المستشار الجليل عدلى منصور فى هذا المنصب، نتيجة التحديات والمشكلات المنتظر أن يكشف عنها البرلمان القادم، فهل لدينا سيناريوهات وتصورات لمن يحتل المنصب؟

أتمنى أن تركز الفضائيات وبرامج «التوك شو» خلال الفترة القادمة على طرح هذه الإشكاليات، لأنها تعود بالنفع على الناخب والمرشح، بدلا من الانشغال بقضايا سطحية تزيد من ارتباك المشهد الراهن!

* برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية

نقلا عن المصري اليوم

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com