ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الشعب التركي يدفع ثمن إرهاب إردوغان

د. عبد الخالق حسين | 2015-10-13 09:38:41
كتب : د.عبدالخالق حسين
 
الأبرياء من عامة الشعب هم دائماً ضحايا الإرهاب السياسي الذي ينظمه قادة سياسيون يتظاهرون بمحاربتهم للإرهاب. فهذه بضاعة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رُدَّت إليه، وفي عقر عاصمته، أنقرة. إذ وقعت في صباح السبت، 10/10/2015، جريمة إرهابية مروعة قام بها انتحاريان في تجمع سلمي وسط العاصمة التركية، قتل فيها 95، وأصيب 246، وُصِفت جراح 48 منهم بالخطيرة حسب بيان الحكومة التركية. دعت إلى هذه التظاهرة عدة جهات منها (حزب الشعوب الديمقراطي) وهو أكبر الأحزاب الكردية في تركيا للمشاركة في المسيرة تحت شعار"من أجل السلام والديمقراطية"، ومسيرة أخرى دعا لها الحزب نفسه في مدينة ديار بكر التى تقطنها أغلبية من الأكراد قبيل الانتخابات العامة الأخيرة قد استهدفت بتفجير مشابه.(1)
 
ولما لم يستطع رئيس الحكومة التركية أحمد داوود أوغلو، تبرئة داعش من الجريمة، فشارك معها في إلقاء التهمة على حزب العمال الكردستاني(PKK)، وهو أمر مضحك، إذ كيف لهذا الحزب القومي الكردي العلماني اليساري أن يقوم بقتل مشاركين في تظاهرة شعارها (السلام والديمقراطية) من أجل مصلحته؟ كذلك من النادر أن يقوم مناضلون علمانيون بعمليات انتحارية التي هي خاصية ملازمة للتنظيمات الإسلامية التكفيرية مثل داعش وجبهة النصرة وغيرهما من لقيطات القاعدة التي يدعمها حكومة أردوغان.
 
والمفارقة أنه رغم إعلان مصادر أمنية تركية فيما بعد إن "أصابع الاتهام تشير إلى تورط تنظيم الدولة الاسلامية في تنفيذ هذه التفجيرات"، إلا إن طائرات أردوغان راحت تقصف مواقع تابعة لحزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا وشمالي العراق. ولكن هذه اللعبة لا يمكن أن تنطلي على الشعب التركي الذي أدرك أن أردوغان يلعب بالنار بمناسبة قرب الانتخابات، يريد بها إثارة المشاعر القومية التركية ضد الأكراد، لذلك هتف حشد في ميدان صحية بأنقرة: "إردوغان قاتل" و"الشرطة قاتلة"(2).
 
في الحقيقة، لا أحد يشك بدور أردوغان في دعم داعش الإرهابية، فبشهادة الاعلام الغربي هناك مكاتب شبه علنية لداعش في مدن تركيا التي صارت حاضنة للتنظيمات الإرهابية، والجسر الذي يعبر منه الإرهاب الداعشي إلى سوريا والعراق لقتل أبناء الشعبين(3). و كما تستر حزبه الإسلامي وراء اسم علماني (العدالة والتنمية)، كذلك ادعى أردوغان أنه يحارب الإرهب الداعشي، ولكنه في نفس الوقت يعادي كل جهة تحارب داعش بجدية، لذلك ألغى اتفاقية السلام المعقودة بين حكومته وحزب العمال الكردستاني(PKK)، بعد أن انعم الشعب التركي بسلام لعامين، ألغى الاتفاقية بعد أن الحق الأكراد في مدينة كوباني (عين العرب) السورية، هزيمة ماحقة بقوات داعش، الأمر الذي أزعج أردوغان، فسهل قيام انتحاري داعشي بتفجير نفسه في تموز الماضي داخل المركز الثقافي في مدينة سروج التركية التي تبعد عِشرة كيلومترات عن مدينة كوباني، وكان يتجمع فيه ما يقرب من ثلاثمائة شخص ممن يعملون على ايصال المساعدات الى مدينة كوباني، وقتل مالا يقل عن 32 شخصا، وأصيب نحو مائة آخرون، كلهم من الأكراد والأتراك اليساريين الذين جاؤوا للمساهمة في إعادة بناء المدينة بعد تحريرها من داعش.(4) 
نفس الجريمة تكررت يوم السبت 10/10، في أنقرة ضد تظاهرة نظمتها قوى يسارية من أجل السلام والديمقراطية. 
 
أردوغان هذا أصابه الغرور، وكبقية حلفائه (أمريكا، والسعودية وقطر)، وقف ضد القصف الروسي لداعش، فأقام الدنيا وأقعدها عندما دخلت طائرة روسية بالخطأ الأجواء التركية لثوان قليلة، فلم يكتف بالاحتجاج الدبلوماسي، بل شارك معه كل حلف النيتو (NATO) في عقد اجتماعات للاحتجاج، بينما تقوم تركيا باختراق أجواء العراق بطائراتها الحربية و أراضيه بقواتها البرية بعمق 20 كيلو متراً شمال العراق بتكرار ولعشرات السنين، لضرب قواعد حزب العمال الكردستاني، وحتى بدون تقديم أي اعتذار للحكومة العراقية.
 
إن تاريخ حكومة أردوغان الملوث بالدماء ودعم الإرهاب، يجعل الناس تعتقد أن التفجيرات الإرهابية التي وقعت بمسيرة السلام والديمقراطية في أنقرة هي من صنع داعش، وبتواطؤ الحكومة التركية، وذلك لمنع تكرار مثل هذه المسيرات التي تنظمها أحزاب المعارضة في المستقبل وتحضيراً للانتخابات المقبلة. والتاريخ يؤكد أن من يلعب بالنار لا بد وأن يحترق بها.  
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com