بقلم: جرجس وهيب
خطر على ذهنى سؤال ملح خلال الفترة الماضية وهو: لماذا تجرأ الشعب المصرى على الدولة بهذا الشكل الكبير خلال الفترة الأخيرة؟ ولماذا زدات اعتداءات المواطنين على الدولة والمرافق العامة؟ والمعروف عن الشعب المصرى إنه شعب مطيع ومسالم مع الدولة!!
فمنذ فترة قام مجموعة من مواطنى محافظة "الفيوم" بقطع الطريق الرئيسى أمام السيارات احتجاجًا على انقطاع المياة لعدة أيام متواصلة، وتجاهل المسئولون حل هذه المشكلة. وقام تجار سوق التونسى بقطع طريق "الأوتوستراد" لعدة ساعات، وهو طريق حيوى أمام السيارات كما هو معروف للجميع؛ احتجاجًا على عدم صرف الدولة لهم تعويضات عن الحريق الذى شب بمحلاتهم، نتيجة لاحتراق سيارة، ونقل السوق لمدينة "15 مايو".
بل تعدى الأمر ذلك، فقام مجموعة من لصوص كابلات الكهرباء بقذف محافظ "بنى سويف" الأسبق الدكتور "عزت عبدالله" بالطوب والزلط، بعد قيام المحافظ بضبطهم أثناء سرقة بعض كابلات الكهرباء.
كما قام مجموعة من الصيادين بمحافظة "كفر الشيخ" منذ عدة شهور بقذف اللواء "أحمد زكى عابدين"- محافظ "كفر الشيخ"- وكبار رجال المحافظة بالطوب بعد قيام المحافظ بتغيير سياسة توزيع الخبز بمحافظة "كفر الشيخ".
وقام مجموعة من البدو باحتجاز أحد ضباط الشرطة كرهينة لتحقيق بعض المطالب، ورفضت الإفراج عنه إلا بعد تحقيق هذه المطالب. ووصل الأمر بقيام بعض البدو بقتل أحد رجال الشرطة وقطع الطريق الدولى عدة مرات. ومهاجمة مجموعة من تجار المخدرات لسيارة ترحيلات مصلحة السجون فى محاولة لتهريب أحد تجار المخدرات، مما أدى إلى مقتل بعض رجال الشرطة بينهم ضابط.
كما شهدت الأيام الماضية اعتداء أحد المحامين على وكيل نيابة، وهى سابقة جديدة، وما تبعه من تصعيد للأمور، والتى تضمنت احتجاز بعض المحامين المحامى العام لنيابات "طنطا" بمكتبه ورفض خروجه، وقيام بعض المحامين بمنع أحد القضاة من مغادرة قاعة المحكمة.
كما زدات الفوضي والبلطجة والعشوائية والغوغائية فى الشارع المصرى بشكل مفزع، يكاد يصل لحد عدم وجود قوانين تُطبَّق على المخالفين للقانون. فضلاً عن السلوكيات الفظة فى الشارع المصرى فى الريف والحضر بين المواطنين وبعضهم.
وهذه الأحداث جميعها جديدة، وزدات فى الفترة الأخيرة بشدة لم تشهدها "مصر" من قبل. فهل يرجع ذلك لضعف هيبة الدولة فى الشارع المصري؟ أم نتيجة لتطبيق سياسات متعارضة؟! فأغلب القوانين لا تُطبَّق إلا على الغلابة فقط. فبعض رجال المرور هم من يطبقون قوانين المرور، وهم أكثر الناس مخالفة لقوانين المرور..وسيارات الشرطة أكثر السيارات التى تخالف القوانين والسير فى المعاكس.
أم نتيجة ليأس وإحباط الناس وعدم وجود ما يخشون عليه؟ أم محاولة للتفريغ عن النفس ضد الدولة التى تظلمهم وتقهرهم وتذلهم وتستبد بهم؟ أم إن الكيل طفح؟ أم اقتناع الناس بسيادة قانون البلطجة لحسم أى خلافات حتى لو كانت مع الدولة نفسها؟ أم أن هذا كله مقصود من قبل بعض أجهزة الدولة؟ أم أن يد الدولة القوية لا تظهر إلا ضد المعارضين السياسين فقط؛ فمعظم المظاهرات السياسية التى لا يتعدى عدد أفرادها بضع مئات بل تصل فى بعض الأحيان أقل من مائة فرد، ونجد أن التواجد الأمنى عشر أضعاف عدد المتظاهرين؟!!
فهل الدولة ضحت بالأمن الداخلى من أجل الأمن السياسى؟ أم أن الدولة ضعفت قبضتها بالفعل؟ فلابد للمراكز البحثية رصد هذه الظاهرة الخطيرة بالمجتمع المصرى، التى سوف تحوِّل المجتمع فى القريب العاجل إلى فوضى وغابة يفترس فيها القوى الضعيف. كما لابد ألا تنتظر الدولة المواطنين حتى يعتصموا أو يقتطعوا طريقًا من أجل حل مشكلتهم.
لابد أن يتحرك الجميع من أجل إنقاذ وطننا من براثن الفوضى التى أوشك عليها، ولك الله يا مصرنا الحبيبة..
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com