"رؤية تحليلية للمرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب 2015"
مقدمة عامة:
تابعت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية من خلال مراقبيها
انتخابات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب والتي جرت يومي 18 و19 أكتوبر 2015 وذلك في 14 محافظة وهي؛ الجيزة، والفيوم، وبنى سويف، والمنيا، وأسيوط، والوادي الجديد، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان، والبحر الأحمر، والإسكندرية، والبحيرة، ومرسى مطروح.
وبلغ تعداد من لهم حق التصويت فى تلك المرحلة 27 مليونا و402 ألف و353 ناخبا، يتوزعون على 103 لجان انتخابية عامة، فى حين بلغ عدد المراكز الانتخابية 5460 مركزا يضم كل منها مجموعة من اللجان الفرعية المخصصة للانتخاب.
وتنافس على المقاعد الفردية والبالغ عددها 226 مقعدا فى تلك المرحلة 2548 مرشحا، من بينهم 112 سيدة، وبلغت نسبة المستقلين بينهم 65%، فى حين تبلغ نسبة المرشحين المنتمين للأحزاب السياسية 35% . وانتخب كل ناخب عددا من المرشحين على المقاعد الفردية وفقا لما هو مقرر فى دائرته، والذى يتفاوت من دائرة انتخابية إلى أخرى، ويتراوح ما بين مقعد واحد إلى 4 مقاعد، إلى جانب انتخاب إحدى القوائم الانتخابية.
وبإعتبار الرقابة على الإنتخابات أحد الضمانات الأساسية لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة ، يأتي دور الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية في مراقبة الإنتخابات البرلمانية القادمة ، إذ تراقب كافة مراحل العملية الإنتخابية بدءاُ من مرحلة فتح باب الترشيح ، مروراً بمرحلة الدعاية، ثم وقائع اليوم الإنتخابي نفسه، بالإضافة إلى دراسة وتحليل البيئة التشريعية والقانونية التي تجرى في ظلها الإنتخابات، وكذلك البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ومتابعة أداء كافة أطراف العملية الإنتخابية ، من إعلام إلى رجال دين ومؤسسات دينية إلى جهات أمنية والمؤسسات التابعة للدولة بشكل عام، وذلك للوقوف بدقة على ما إذا كانت تلك الإنتخابات قد جرت وقائعها بشكل يميل إلى الحرية ونزاهة الإنتخابات، أم أنها جرت في ظل نوع من الفساد والفوضى وتزوير إرادة الناخبين.
وفي هذا الإطار ، يأتي تقرير الجمعية المصرية لمتابعة المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب تحت عنوان "رؤية تحليلية للمرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب 2015" متضمناً المحاور التالية:
المحور الأول: البيئة المحيطة بانتخابات برلمان 2015
ويتضمن هذا المحور تقييمياً للبيئة التي أحاطت بالعملية الإنتخابية سواء كانت بيئة سياسية أوأمنية أو تشريعية أو اقتصادية واجتماعية .
المحور الثاني : المرحلة الأولى لإنتخابات برلمان 2015.... رؤية تحليلية
ويتضمن هذا المحور تقييمياً شاملاً للمرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب وذلك فيما يخص أداء كلاً من اللجنة العليا للانتخابات، والأجهزة الأمنية، والقضاة، والأجهزة الإعلامية ، وعملية المراقبة لمنظمات المجتمع المدني، وكذلك تحليلاً للمشاركة السياسية لكلاً من الأحزاب والمرأة والشباب في العملية الإنتخابية.
المحور الثالث : مخالفات وتجاوزات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب
ويتضمن هذا المحور أبرز المخالفات والتجاوزات التي رصدها مراقبو المشاركة المجتمعية فيما يخص العملية الإنتخابية على مدار اليومين، والتي تعتبرها الجمعية بمثابة "مخالفات وتجاوزات " لا ترتقي إلى مصاف "انتهاكات" ، إذ تعرف الأخيرة بكونها مختلف أشكال الإنتهاكات التي تمارسها الدولة بمختلف أجهزتها العلنية منها والسرية، بشكل ممنهج ومتواتر وبتعليمات فوقية صادرة من أعلى هرم السلطة وذلك لصالح حزب أو فئة أو قوى سياسية بعينها .
المحور الرابع : التوصيات
يتضمن هذا المحور توصيات الجمعية المصرية للمشاركة المجتمعية فيما يتعلق يومي الإنتخابات البرلمانية بصفة خاصة والمنظومة التشريعية والحياة السياسية والحزبية بصفة عامة.
المحور الأول: البيئة المحيطة بانتخابات برلمان 2015
برغم الأهمية القصوى للبرلمان القادم، نجد أن البيئة السياسية التي جرت فيها الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية لعام 2015 تتسم بالهشاشة والضعف، فضلاً عن استمرار حالة "السيولة" السياسية المفرطة، وازدياد وتيرة الإنتقال من قبل الأحزاب والأشخاص من حزب لآخر ومن ائتلاف لغيره، هذا بخلاف حالة من الصراع والإنقسام التي تعيشها بعض الأحزاب السياسية ، ولعل قراءة الأرقام الصادرة عن اللجنة العليا الإنتخابات فيما يخص أعداد المرشحين من الأحزاب السياسية والمستقلين تثبت حالة "الضعف والتشرذم الحزبي"، إذ بلغ عدد المستقلين المرشحين بانتخابات مجلس النواب 4058 شخصاً، وهم يمثلون الأغلبية الكاسحة بين المرشحين، فيما بلغ إجمالى الشخصيات الحزبية والمحسوبة على الأحزاب المصرية عدد 1897 شخصاً.
ولعل قوة كتلة المستقلين فى برلمان 2015 ستختلف وستغير المشهد داخل البرلمان بصفة عامة، فبرلمان 2005 و2010 و2011 كانت الأحزاب تسعى إلى ضم المستقلين إليها داخل البرلمان مع تغيير صفتهم الحزبية لتشكيل كتلة صوتية قوية تقود بها داخل البرلمان، أما البرلمان القادم فالمادة 6 من قانون مجلس النواب اشترطت على النائب استمرار العضوية بمجلس النواب وأن يظل العضو محتفظا بالصفة التى تم انتخابه على أساسها، فإن فقد هذه الصفة أو غير انتمائه الحزبي المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلاً، أو صار المستقل حزبيًا تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وبالتالي فالأحزاب لن تستطيع ضم المستقلين إليها داخل البرلمان.
أما بالنسبة للبيئة الأمنية المحيطة بالعملية الإنتخابية فنجد أنها "متردية" وذلك في ظل حالة من التطور في موجات العنف والإرهاب في بعض المناطق .
أما بالنسبة للبيئة التشريعية فهناك ترسانة تشريعية تتعارض مع الحريات العامة والخاصة للمواطنين ولا تنحز لقيم ومبادئ حقوق الانسان مما يتعارض مع دستور 2014 ، ومن أمثلة ذلك قانون التظاهر وقانون الجمعيات الأهلية وقانون الأحزاب السياسية هذا من ناحية أولى، ومن ناحية ثانية القوانين المنظمة للعملية الإنتخابية ثار جدل قانوني ودستوري وحقوقي بشأنها وبالأخص فيما يتعلق بقانون تقسيم الدوائر الإنتخابية رقم 202 لسنة 2014 والتأكيد على عدم دستوريته لافتقاده شرط تكافؤ الفرص إذ اعتمد القانون على أن يكون تقسيم الدوائر على أساس عدد السكان فقط أو على أساس عدد أصوات من لهم حق الانتخاب، دون النظر إلى التكتلات القبلية والعصبية ومراعاة البعد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لبعض المناطق.
ومن ناحية ثالثة، النظام الإنتخابي الحالي الذي جرت بموجبه الإنتخابات البرلمانية، فهناك عدة مثالب قد اعترته وتتمثل في الآتي ذكره :
أولاً : كونه نظام انتخابي يعتمد بشكل كامل على نظام الترشيح الفردي الأغلبي، وما كلمة قوائم الموجودة في قانون مجلس النواب سوى كلمة "للتعميه" على الواقع العملي، إبان إجراء العملية الانتخابية. فالقائمة التي تفوز بـ51% من عدد المقاعد ستحصد كل المقاعد، وكأن القائمة هي فرد أو مرشح فاز بنسبة 51%. ويسمى هذا النظام بالقائمة المطلقة، وهو نظام هجرته كافة النظم الانتخابية في العالم الديمقراطي.
ثانياً : أضعف النظام الانتخابي الأحزاب السياسية ، وهو بذلك لا يتناقض فحسب مع المادة 5 من الدستور التي تعتبر التعددية هي المقوم الرئيس للنظام السياسي، بل وأيضًا يتناقض مع العملية السياسية برمتها من زاوية كون الأحزاب هي مربط التنمية السياسية لأي دولة ، حيث يجعلها بين شقى الرحى، رحى تجعلها تعاني في البحث عن مرشحي العائلات والقبائل في ترشيح الـ 448 مقعدًا، لتجذبهم رغم أنهم ليسوا من أعضائها، ورحى استيفاء الكوتات السبع الذي أتي بها "دستور الترضيات" في ترشيح الـ120 مقعدًا. وكل ما سبق ينذر بانشقاقات كبرى في البرلمان.
ثالثاً : جعل النظام الانتخابي الراهن الوظيفة الرئيسة للأحزاب السياسية أن تتحالف برغم كون وظيفتها التي خلقت من أجلها منذ عدة عقود هي أن تتنافس، فضلاً عن أن هذا النظام يؤدي لحالة من السيولة في التحالفات الحزبية ، وهو ما ينذر بخرائط جديدة وتحالفات غريبة أخرى ويجعل للمستقلين الغلبة تحت قبة البرلمان القادم.
ومن ناحية رابعة ، نجد أن قانون مباشرة الحقوق االسيايسة رفع من قيمة السقف المالي المحدد لما ينفقه كل مرشح في الدعاية الانتخابية فنجدها في النظام الفردي، خمسمائة ألف جنيه، ويكون الحد الأقصى للإنفاق في مرحلة الإعادة مائتي ألف جنيه، أما بالنسبة للقائمة، فيكون الحد الأقصى لما ينفقه المرشحون على القائمة المخصص لها (١٥) مقعدًا مليونين وخمسمائه ألف جنيه، ويكون الحد الأقصى للإنفاق في مرحلة الإعادة مليون جنيه، ويزاد الحدين المشار إليهما إلى ثلاثة أمثال للقائمة المخصص لها (٤٥) مقعدا.
وفي ضوء ذلك امتنعت شريحة كبيرة من المجتمع المصري ممثلة في الفقراء (رجالاً ونساءاً) والشباب من الترشح للإنتخابات البرلمانية ، وعليه نجد أن رجال الأعمال وأصحاب النفوذ والمال سيكون لهم الغلبة في برلمان 2015 مقابل ضعف تمثيل الشباب والفقراء الذين من المتوقع أنهم سوف يمتنعون عن المشاركة في العملية الإنتخابية القادمة .
وبالنظر للبيئة الاقتصادية فنجد أنها بيئة "خانقة" في ضوء ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتدهور وضعية الحقوق الاقتصادية والإجتماعية وبالأخص الحق في الصحة والتعليم والسكن ....إلخ ، فضلاً عن غياب منظومة التشريعات التي تحقق شعار العدالة الاجتماعية كأحد الشعارات الأساسية لثورة 25 يناير ، مما قد يؤثر على نسبة المشاركة بالانتخابات البرلمانية القادمة ، ولاسيما في ضوء اهتمام قطاع كبير من الشعب المصري بهمومه وانشغالاته فيما يخص حياته الاقتصادية واليومية على حساب المشاركة في الشأن العام .وفي ضوء ارتفاع معدلات الفقر نجد أن المال السياسي سيلعب دورا هائلاً في الإنتخابات القادمة ولاسيما من قبل مرشحي رجال الأعمال ومرشحي الحزب الوطني المنحل وغيرهم ، فمن المتوقع أن يلجأ هؤلاء المرشحين في الأغلب لشراء أصوات الناخبين .
المحور الثاني : المرحلة الأولى لإنتخابات برلمان 2015.... رؤية تحليلية
ويمكن بيان وتحليل المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب 2015 على النحو التالي:
أولاً : فيما يخص اللجنة العليا للانتخابات
1- يمكن وصف أداء اللجنة العليا للإنتخابات خلال المرحلة الأولى من انتخابات برلمان 2015 بأنه "مرتبك" و"متخبط" من حيث الأرقام والإحصائيات الصادرة عنها فيما يخص نسبة المشاركة في الإنتخابات والتي تم الإعلان عنها في وقت مبكر من اليوم الأول للمرحلة الأولى، ومن ثم بعد ذلك بساعات قليلة أعلنت اللجنة العليا نسبة مختلفة عن ذلك فيما بعد ، وبعد إنتهاء المرحلة الأولى أعلنت اللجنة أنها لم تقم بإعلان أي نسبة فيما يخص المشاركة في عملية التصويت !!.
2- "عشوائية العمل" من قبل اللجنة العليا للإنتخابات فيما يخص عملية توزيع قضاة مجلس الدولة على الدوائر الانتخابية بمحافظات المرحلة الأولى بالمقارنة مع أقرانهم فى الهيئات القضائية الأخرى، مما أدى إلى حالة من الغضب الشديد لدى الغالبية العظمى من القضاة الذين أشرفوا على العملية الانتخابية فى المرحلة الأولى نظراً لـ«سوء توزيعهم».وفي ضوء هذه العشوائية تغيب عدد كبير من القضاة عن العملية الإنتخابية وبالأخص في اليوم الأول منها .
3- لم تقم اللجنة العليا للانتخابات بتفعيل العقوبات الواردة في قانون ماشرة الحقوق السياسية فيما يخص التجاوزات والمخالفات التي شابت المشهد الإنتخابي برغم كونها عديدة .
4- لم تقم اللجنة العليا للإنتخابات بحملة مكثقة بغية تعريف الناخبين بماهية العملية الإنتخابية وآلياتها، فالكثير من الناخبين ليس له دراية ومعرفة بتلك الآليات، وعليه جاءت نسبة الإقبال ضعيفة ، في حين كانت نسبة الأصوات الباطلة مرتفعة .
5- التغاضي عن قيام الكثيرين من المرشحين بخرق الصمت الإنتخابي في بعض محافظات المرحلة الأولى وأثناء اليوم الإنتخابي نفسه .
ثانياً : فيما يخص الأجهزة الأمنية
• التزام الأجهزة الأمنية وقوات الجيش بالحيادية الكاملة أُثناء العملية الإنتخابية وهذا خلاف ما كان يحدث في الانتخابات التي كانت تجرى من قبل ، وعدم الاحتكاك بالناخبين بل والقيام بتسهيل عملية الانتخاب عليهم، وتأمين تصويتهم في أجواء هادئة، حيث تم تأمين المقرات الانتخابية على مستوى جميع محافظات الجمهورية.
ثالثاً : فيما يخص المشاركة السياسية
1- تصدر النساء وكبار السن –كناخبين- المشهد الإنتخابي بجميع المحافظات المصرية بدون أية استثناءات وإن ارتفعت معدلاتها باليوم الإنتخابي الثاني، ويرجع هذا لبحث هذه الفئة العمرية والنوعية على الأمان والاستقرار للبلاد، فضلاً عن قيام الكثير من المرشحين بإستغلال السيدات - ولاسيما الفقيرات والأميات - بدفع رشوى انتخابية لهن لدفعهن للمشاركة، بل والتهديد بفرض عقوبات مالية على من لم يذهب للتصويت وكذلك القيام بنقل السيدات لمقارهن الإنتخابية. وفي المقابل نجد أن نسبة مشاركة النساء –كمرشحات- في العملية الإنتخابية منخفصة إذ لم تتعد 2% .
2- برغم الدعاية الانتخابية المكثفة من قبل حزب النور، ولكن لوحظ انخفاض نسبة مشاركة الكثيرين من أنصاره في الكثير من المحافظات -التي من المفترض أن يتواجدون فيها كما يدعون - وهذا ما يمكن ارجاعه لعدة مسببات أهمها عدم إيمان الكثيرون من أعضاء حزب النور بالعملية الانتخابية بل وبالعملية الديمقراطية برمتها ، ولا بمشاركة الأقباط في القوائم ، ولا بمشاركة الأحزاب السياسية في أية عملية انتخابية ديمقراطية ، فهم يسعون بالأساس إلى إقامة "دولة دينية" ، ولعل ذلك يكشف حقيقة وطبيعة التيار السلفي في مصر.
3- امتنع الإخوان المسلمين عن المشاركة –كناخبين- بالعملية الإنتخابية، ماعدا بعض الدوائرة القليلة في بعض محافظات المرحلة الأولى التي كان يوجد بها مرشحين إخوان غير معلنين .
4- أما بالنسبة للأحزاب السياسية ، فيمكن تصنيفها إلى نوعين ، النوع الأول: أحزاب سياسية سيطر عليها رجال الأعمال ومن أمثلتها (قائمة حب مصر، ومستقبل وطن ، والوفد) ونظراً لحجم الإنفاق المالي- الذي تم تجاوزه وفقاً لما هو محدد في قانون مباشرة الحقوق السياسية- الذي أنفقته هذه الأحزاب أثناء العملية الإنتخابية ومن قبلها ، فقد حكمت هذه الأحزاب حكمت العملية الانتخابية . أما النوع الثاني من الأحزاب فهي أحزاب سياسية – قليلة الموارد المالية- لم تستطع التنافس بشكل قوي خلال العملية الإنتخابية ولاسيما في ظل هذا المناخ العام الذي سيطر عليه رأس المال ، وعليه كانت مشاركة هذه الأحزاب "ضعيفة" مقارنة بالخبرات السابقة لها، ويأتي على رأس هذه الأحزاب الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي والتحالف الشعبي الاشتراكي .
5- عودة رجال الأعمال القدامي من أعضاء الحزب الوطني المنحل ومعظمهم من المستقلين للمشهد السياسي والإنتخابي ، وهذا ما اتضح من خلال مشاركتهم الواسعة في الإنتحابات ، فضلاً عن ظهور رجال أعمل من "نوع جديد" .
6- وفي ظل هذه الظروف الصعية التي يسيطر عليها رأس المال والعصبيات والقبليات ورجال الأعمال وأعضاء الحزب الوطني المنحل ، غاب شباب ثورة 25 يناير بالكامل عن المشهد السياسي بصفة عامة والإنتخابي بصفة خاصة .
7- غياب التنافسية بين الأحزاب السياسية خلال العملية الإنتخابية ، فالتنافس والصراع الوحيد بين تلك الأحزاب على درجة الإقتراب من السلطة السياسية فحسب .وهنا واجب الإشارة إلى قائمة "في حب مصر"، وفي هذا الصدد هناك عدة ملاحظات أساسية وهي :
• الترويج المبكر من قبل مؤسسات الدولة والأجهزة الإعلامية على كون قائمة " في حب مصر"هي بمثابة قائمة "الدولة"، بل وقائمة "الرئيس" السيسي أيضاً .
• مارست قائمة "في حب مصر" أثناء يومي الإنتخابات – مثلها مثل باقي القوائم – كافة التجاوزات والمخالفات التي تخللت يومي الإنتخابات - بما في ذلك الرشاوى الإنتخابية للناخبين.
• نظراً لغياب الرؤية السياسية الواضحة لدى جميع القوائم التي خاضت العملية الإنتخابية ، وفي مقدمتها قائمة حب مصر ، كانت تركيبة المرشحين تجمع بين جميع المتناقضات القومي واليساري والاشتراكي والليبرالي ...إلخ .
رابعاً : فيما يخص القضاة
1. التزام القضاة من المشرفين على اللجان الانتخابية بالحيدة والموضوعية في إدارة العملية الانتخابية.
2. عشوائية توزيع قضاة مجلس الدوائر على بعض الدوائر الانتخابية أدى إلى تغيب البعض من القضاة وغلق لجان انتخابية أمام الناخبين – لاسيما خلال اليوم الأول- وحدوث أخطاء شابت العملية الانتخابية ، بخلاف ما ذكر عن تلقي بعض القضاة لتهديدات من قبل جماعة الإخوان في حال مشاركتهم في العملية الإنتخابية .
خامساً : فيما يخص الأداء الإعلامي
وفي هذا الصدد ، يمكن التفرقة بين بعض الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية التي قامت – قبل العملية الإنتخابية – بمهاجمة السياسة والأحزاب السياسية ومطالبتهم بتعديل الدستور وتأكيدهم بأننا لسنا بحاجة إلى برلمان كل ذلك وغيره أسهم في ضعف إقبال الناخبين على عملية التصويت . ومع بداية المشهد الإنتخابي قام البعض من هؤلاء الإعلاميين بالوقوف بدقة وتحليل أسباب هذا الضعف ، في حين استمر الكثيرون على ذات المنهج قبل بدء العملية الإنتخابي ، ولكن في ذات الوقت على مدار يومي الإنتخابات قامت بعض المؤسسات الإعلامية بالتغطية الدقيقة والشاملة لمجرية العملية الانتخابية .
سادساً : فيما يخص مراقبة منظمات المجتمع المدني
1. السماح لمراقبي منظمات المجتمع المدني سواء المحلية أوالدولية بالقيام بدورهم الرقابي على العملية الإنتخابية ، مع جود بعض الإستثناءات القليلة .
ويأتي دورمنظمات المجتمع المدني في تعزيز عملية الإصلاح الإنتخابي والديمقراطي برغم القيود والتضييقات التي تتعرض لها تلك المنظمات وبالأخص منظمات حقوق الإنسان،إذ يمكن القول بأن حرية تكوين الجمعيات" في مصر قد أصبحت وضع يتسم بـ" بالخطورة" – بعد ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيه 2013 – مما ينذر بـ "كارثة" ، حيث شهدت السنوات الأربع الماضية تقديم الحكومات المتعاقبة لأكثر من 5 مشروعات قوانين للمنظمات غير الحكومية، لا يتوافق أياً منها مع المعايير الدولية للحق في تكوين الجمعيات، بل أن أغلبها أشد قمعًا وتقييدًا للحق من القانون الحالي رقم 84 لسنة 2002، بالإضافة إلى الهجوم على بعض نشطاء حقوق الإنسان واتهمهم بـ "التخوين" و"العمالة" واقتحام بعض المنظمات والمراكز الحقوقية ، فمنظمات حقوق الإنسان تتعرض في الوقت الحالي لهجمة حكومية "شرسة" وبرغم ذلك استطاعت هذه المنظمات القيام بدورها الرقابي الوطني للمرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب 2015 ، فعلى سبيل المثال قامت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية بمراقبة هذه المرحلة بدون أية مصادر للتمويل ولكن بفضل الشباب من المتطوعين في محافظات الأربع عشر لهذه المرحلة استطاعت الجمعية سد هذه الثغرة.
2.المراقبة الميدانية للإنتخابات البرلمانية 2015 أقل من السنوات الماضية
3.مشاركة ضعيفة من قبل المجتمع المدني الدولي ، في حين كانت هناك مشاركة واضحة من قبل الإتحاد الأوروبي والجامعة العربية والإتحاد الإفريقي والكوميسا للمشهد الإنتخابي المصري .
سابعاً : فيما يخص أعمال العنف والإرهاب
1. لم تشهد الإنتخابات البرلمانية على مدار اليومين أية أعمال للعنف والإرهاب ، بإستثناءات قليلة في الجيزة والفيوم ولكن الأمن استطاع أن يبطل دورالإرهاب أثناء العملية الإنتخابي .
2. ظهور العنف الانتخابي بين أنصار معظم المرشحين في اليوم الأول والثاني لانتخابات المرحلة الأولى وإن تزايدت معدلاته باليوم الثاني .
المحور الثالث : مخالفات وتجاوزات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب
رصد مراقبو المشاركة المجتمعية العديد من المخالفات والتجاوزات التي شابت العملية الإنتخابية على مدار اليومين، والتي يمكن بيانها على هذا النحو:
1- ضعف الإقبال
يعتبر ضعف إقبال الناخبين هو الملمح الرئيسي للمرحلة الأولى من انتخابات مجاس الشعب 2015، وهو مارصده مراقبو الجمعية المصرية على مدار يومي الإنتخابات ، ففي اليوم الأول استمر ضعف إقبال الناخبين حتى الساعة 11 صباحاً في عدد من لجان محافظات سوهاج والمنيا والجيزة وأسيوط وقنا والبحر الأحمر والوادي الجديد ومرسى مطروح والبحيرة ، أما في اليوم الثاني – فبرغم إصدار الحكومة تعليمات لكافة الوزارات والمصالح والجهات الحكومية، بتقديم التيسيرات اللازمة لأبناء محافظات المرحلة الأولى، وخاصة محافظات الوجه القبلى، والسماح لهم بالسفر للمشاركة في الإنتخابات مع اعتبار اليوم الثاني للانتخابات نصف يوم عمل للكافة- رصد مراقبو الجمعية استمرارضعف الإقبال في 12 محافظة وهي أسوان وبني سويف والمنيا والفيوم والإسكندرية وقنا ومرسى مطروح وسوهاج والوادي الجديد والبحيرة وأسيوط والأقصر، أما في محافظة الجيزة تفاوتت نسبة الإقبال من الناخبين ، فبعض اللجان كان الإقبال ضعيفاً في دوائر إمبابة والدقي والعجوزة وكفر طهرمس ، في حين تزايد الإقبال ولاسيما من السيدات في دائرتي الطالبية والعمرانية، أما في محافظة البحر الأحمر ، فقد تفاوتت نسبة الإقبال من الناخبين أيضاً ، حيث رصد مراقبو الجمعية ضعف الإقبال بجميع اللجان الإنتخابية التي تضم الغردقة ورأس غارب في حين شهدت اللجان الانتخابية في حلايب وشلاتين جنوب البحر الأحمر، كثافة في التصويت من قاطني القرى والتجمعات البدوية، إضافة إلى مشاركة كثيفة من السيدات.
2- الرشاوى الإنتخابية
قام أنصار المرشحين المستقلين وكذلك أنصار مرشحي حزبي المصريين الأحرار والحزب الوطني المنحل وقائمة في حب مصر بتوزيع رشاوى إنتخابية على الناخبين وذلك بغية دفعهم للتصويت لهؤلاء المرشحين ، وهذا ما رصده مراقبو الجمعية المصرية على مدار يومي الإنتخابات – مع زيادة معدلاته باليوم الثاني – وذلك ببعض اللجان الإنتخابية في المحافظات التالية الإسكندرية، الجيزة، البحيرة ، الوادي الجديد ، الفيوم ، المنيا، أسيوط ، سوهاج، ولم تتمثل الرشاوى الإنتخابية في دفع مبالغ مالية فحسب بل ووصلت لحد توزيع مخدرات على الناخبين وهذا ما تم رصده ببعض اللجان الإنتخابية بمحافظة الفيوم .
3- التأخر في فتح اللجان
علي الرغم من أن أغلب اللجان الانتخابية على مستوى المحافظات بدأت عملية التصويت في موعدها المقرر في التاسعة صباحاً، إلا أن هناك بعض اللجان لم تفتح أبوابها للناخبين حتى الساعة العاشرة من صباح اليوم الإنتخابي الأول نظراً لتغيب القضاة ، وقد رصد مراقبو الجمعية ذلك في بعض اللجان الإنتخابية في المحافظات التالية الجيزة ، مرسى مطروح ، البحر الأحمر، أسيوط، المنيا، بني سويف ، قنا ، سوهاج، أما في اليوم الإنتخابي الثاني، فقد رصد مراقبو الجمعية فتح معظم اللجان الإنتخابية بمعظم محافظات المرحلة الأولى ، ومع ذلك استمر ضعف إقبال الناخبين في هذه اللجان .
4- توجيه الناخبين
قام بعض أنصار المرشحين المستقلين وكذلك أنصار مرشحي حزبي (المصريين الأحرار ، النور) وقائمة في حب مصر ومستقبل وطن بتوجيه الناخبين في يومي الانتخابات ببعض اللجان الإنتخابية أثناء الإدلاء بأصواتهم وذلك بغية دفعهم للتصويت لصالح هؤلاء المرشحين ، وهذ ما رصده مراقبو الجمعية على مدار يومي الإنتخابات – مع زيادة معدلاته باليوم الثاني – وذلك ببعض اللجان الإنتخابية في المحافظات التالية سوهاج ، البحيرة ، الأقصر، الوادي الجديد ، الإسكندرية ، الجيزة .
5- الدعاية الانتخابية أمام اللجان
قام كلاً من أنصار مرشحي حزب النور والحزب الوطني المنحل وبعض أنصار المرشحين المستقلين باستخدام كافة الأدوات من سيارات ومكبرات للصوت وأغاني وبوسترات ولافتات بدعوة الناخبين للتصويت لهم ، وهذا ما رصده مراقبو الجمعية المصرية على مدار يومي الإنتخابات – مع زيادة معدلاته باليوم الثاني – وذلك ببعض اللجان الإنتخابية في المحافظات التالية الإسكندرية، الجيزة، الوادي الجديد ، بني سويف .
6- شحن الناخبين
قام كلاً من أنصار مرشحي حزب النور والحزب الوطني المنحل وبعض أنصار المرشحين المستقلين وقائمة في حب مصر وقائمة مستقبل وطن بإستخدام مختلف وسائل النقل من سيارات ومكروباصات وتكاتك لشحن الناخبين ولاسيما من السيدات وكبار السن ونقلهم للمقار الإنتخابية ، وهذا الملمح رصده مراقبو الجمعية المصرية باليوم الإنتخابي الثاني -وقد زادت معدلاته بقرب انتهاء هذا اليوم – في بعض اللجان الإنتخابية في المحافظات التالية أسيوط ، الإسكندرية ، البحيرة، الجيزة ، بني سويف ، قنا، سوهاج ، مرسى مطروح ، الفيوم .
المحور الرابع : التوصيات
وفي ضوء ما سبق ، فإن الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية توصي بالآتي ذكره :
1. مطالبة اللجنة العليا للانتخابات بالقيام بإجراء تحقيقات في البلاغات التي تقدمت بها منظمات المجتمع المدني بشأن التجاوزات والمخالفات التي رصدها مراقبو تلك المنظمات على مدار يومي الانتخابات .
2. مطالبة اللجنة العليا للانتخابات بإصدار لوائح واضحة لإدارة اليوم الانتخابي، وضرورة شفافية القرارات الصادرة عنها وإصدارها في أوقات مناسبة ، مع ضرورة اختيار عناصر كفء ومدربة بشكل جيد ومنظم فيما يخص إدارة العملية الانتخابية ليكونوا بمثابة أعضاء في هذه اللجنة .
3. مطالبة اللجنة العليا للإنتخابات بتنفيذ القانون والعقوبات المتعلقة بتجاوز السقف المالي وبمرحلتي الدعاية الانتخابية واليوم الإنتخابي على المخالفين أياً كانوا.
4. تعزيز ودعم فكرة المشاركة السياسية لدى القطاعات المختلفة من المواطنين ولاسيما قطاع الشباب، بإعتبار هذه المشاركة إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها الديمقراطية، وذلك عبر تكثيف برامج التوعية السياسية للمواطنين سواء عبر تنظيم الندوات وحلقات النقاش أو تخصيص برامج تلفزيونية حول ذات الهدف. وهنا يمكن دور الأحزاب السياسية ودوره الأساسي في تعزيز آليات المشاركة والتوعية السياسية ودعمها في جميع المحافظات المصرية لجميع قطاعات الشعب بدون استثناء، وضرورة فتح حوار مجتمعي مع الشباب لمعرفة أسباب غيابه في العملية الانتخابية.
5. إصدار تشريع ينظم أعمال المراقبة لمنظمات المجتمع المدني على الانتخابات، بما يضمن تمكين تلك المنظمات من المراقبة داخل وخارج اللجان، مع ضرورة أن تكون عملية الفرز علانية وتمكين المرشحين ووكلائهم والمنظمات من حضور فرز كل صندوق على أن يتم الفرز بالمقر الانتخابي، وتسليم نسخة من كشف فرز كل صندوق إلى المرشحين ووكلائهم.
6. تفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية والشأن العام ، فلا إصلاح حقيقي بدون ديمقراطية، ولا ديمقراطية حقيقية بدون حياة حزبية حقيقية ، مع ضرورة إصلاح المنظومة التشريعية للحياة الحزبية ،وذلك لفتح المجال أمام تعددية وحياة حزبية حقيقية، وفي نفس الوقت ينبغي على الأحزاب نفسها ضرورة إصلاح أوضاعها الداخلية، لاسيما في ضوء غياب الديمقراطية الداخلية في بعض تلك الأحزاب، مع سرعة قيامها بتركيز العمل وسط الشارع السياسي و الانخراط داخل الجامعة و النقابات ، وضرورة التكاتف بين أحزاب المعارضة وبعضها البعض من أجل التأثير في الشارع السياسي ككل.
7. العمل على سن منظومة قانونية وتشريعية منحازة إلى الحقوق والحريات العامة والخاصة للمواطنين ومنحازة لقيم ومبادئ حقوق الانسان بشكل ينسجم مع مواد دستور 2014، وكذا ضرورة مراجعة القوانين المتعلقة بحرية التجمع والتنظيم والحق في التظاهر السلمي وحرية الرأي والتعليم وجعلها تتماشى مع المعايير الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
8. ضرورة تمتع وسائل الإعلام المختلفة التابعة لمؤسسات الدولة بالحيدة والموضوعية وإتاحة الفرصة لكل الآراء للتعبير بحرية عن رأيها وعدم فرض آراء معينة على المواطنين قبل العملية الانتخابية أو أثنائها أيضاً، مع ضرورة وضع التشريعات والقوانين التي تكفل هذه الحيدة.
9. سرعة العمل على إصلاح البيئة السياسية التي تتسم بالسيولة المفرطة والاقتصادية "الخانقة" ، بمعنى آخر خلق بيئة تعزز الحق في المشاركة في إدارة الشأن العام وحرية الرأي والتعبير والتنظيم والاجتماع، فهي بيئة تقوم على التعددية السياسية والفكرية والثقافية، بيئة تسمح بالتنوع وتحفظ للأفراد والجماعات حقوقهم الفردية والجماعية، وبيئة تكفل حقوق الإنسان من مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.
10. ضرورة رفع قبضة الأجهزة الأمنية عن الحياة العامة، وإفساح المجال أمام المجتمع المدني للقيام بدوره، وتعزيز دور الأحزاب السياسية في المجال السياسي والعام.
11. ضرورة ضبط عملية الإنفاق على الدعاية في الانتخابات البرلمانية، من خلال وجود آلية عملية لضبط ومراقبة عملية الإنفاق للمرشحين في الانتخابات البرلمانية.
12. مضاعفة الفترة الزمنية المخصصة للدعاية الانتخابية للمرشحين لكون الفترة المخصصة قصيرة وغير مناسبة لشرح البرامج الانتخابية لهؤلاء المرشحين وتفاعل الناخبين معها .
13. مناشدة مرشحي المرحلة الثانية لانتخابات مجلس الشعب سواء قوائم أو أفراد بالإلتزام بضوابط اللجنة العليا للانتخابات المحددة لمرحلة الدعاية الانتخابية وكذلك بضوابط قانون مباشرة الحقوق السياسية.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com