أنت تريد أن تعرف: هل كانت ثورة أم نكبة؟!.. انظر حولك أو بداخلك.. وستعرف حتماً أنها كانت ثورة حقيقية، حتى وإن خذلناها جميعاً..!
لا ذنب لـ25 يناير فى أننا لم نكن بحجمها.. ولا ذنب لمن خرجوا إلى الميدان وقد اندس بينهم متآمرون.. احسبها بالنتائج: أزاحت الثورة نظاماً عمره 60 عاماً.. نظاماً أقوى من الأنواء والعواصف.. غير أننا جميعاً كنا أصغر من الحدث وأسوأ من اللحظة.. فاعتقدنا أن الحرية تتحقق فى 18 يوماً.. وأن الكرامة ثمنها عدة شهداء.. وأن العدالة تتحول إلى أسلوب حياة بمجرد أننا انتصرنا فى معركة وخسرنا الحرب..!
يقولون إن 30 يونيو انتصرت على 25 يناير فى صناديق الانتخابات البرلمانية.. وبصرف النظر عن إيمانك أو إيمانى بأنها كانت انتخابات أصلاً.. فإن انتصار 30 يونيو أكبر دليل على أننا ضللنا الطريق بعد رحيل مبارك.. يناير هى الثورة، ويونيو هى تصحيح الثورة، ولاتزال.. الاثنتان نجحتا لحظياً، ثم لم تحققا النتائج كاملة.. لماذا؟!.. لأننا لم ننجح طوال تاريخنا فى إتمام مشروع وطنى أو عملية سياسية أو إصلاح اقتصادى أو حتى شارع جميل..!
ربما تقول الآن: لماذا هذا التشاؤم؟!.. لست متشائماً.. ولكننى واقعى.. أهوى دائماً عدم دفن رأسى فى الرمال.. وربما أغضبك ذلك أحياناً.. ولكن ماذا أفعل؟!.. كيف لمثلى أن يهجر قراءة الواقع على الأرض، ويؤمن بشعارات رنانة أو يدخل «خناقة بايخة بين أنصار ثورتين لم نكن كشعب فى حجمهما»؟!.. 25 يناير نجحت فى الإطاحة بنظام مستبد.. و30 يونيو أنقذت مصر من نظام فاشى.. ولكن هل غيرت حياتك أنت للأفضل؟!.. ولماذا نصرخ دائماً «احمدوا ربنا إن مصر لم تصبح العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن».. والمفارقة أننا لا نقول دائماً «ولماذا لا نصبح مثل ماليزيا أو تونس أو الهند أو الأردن أو حتى بوركينا فاسو؟!»..!
انظر.. وارصد.. ودقق.. وحلل.. وستجد النتائج بين أصابعك..!!
أخلاق المجتمع تدهورت إلى الحضيض.. مجتمع صراع يأكل بعضه البعض.. نلتهم لحم الآخرين بـ«الكاتشب».. ونغتال الشرف والسمعة والحياة الخاصة بـ«المايونيز».. الشريف بات خائناً وعميلاً.. والحقير أصبح بطلاً ومليونيراً.. ضحية التحرش خرجت حياتها الخاصة وجسدها المحرم إلى شاشات التليفزيون.. وزنى المحارم بات خبراً يومياً فى المواقع وفقرة ثابتة فى البرامج..!
الفقر تغلغل وتغول.. المستور من كام سنة تعرى الآن ويشحت «بطانية» من صناديق الخير.. والجائع يتسول بقايا وجبة من الفنادق.. والمريض لا يجد سريراً فى مستشفى ولا قلباً ينبض له ولا يداً تربت على أوجاعه.. والعاطل لم يجد عملاً ولا وظيفة.. يموت فى مركب هجرة غير شرعية، فترسل أسرته المعدمة شقيقه الأصغر على المركب التالى.. بينما نحترف دائماً لوم السلطة دون أن نعمل أو ننتج أو نقوم بواجباتنا قبل المطالبة بحقوقنا.
أثرياء الثورة يحاولون التحلق حول السلطة.. والإعلام يختلط فيه الغث بالسمين.. والفساد تحول إلى سرطان حتى أصبحنا كلنا فاسدين، ولكننا نطالب الدولة بأن تحاربه، ونسينا أنها لو حاربت الفساد بجدية سوف تسرّح 80٪ من العمالة فى الدولة.. والحكومة تعمل بـ«اليومية».. والأزمات لا تجد من يعالجها.. والدولار يسحق الجنيه.. والمصانع تطفئ الماكينات.. والشباب ضائع ويحلم ويسعى للتحليق خارج وطنه.
من حقك أن تختلف معى إذا كان شىء مما ذكرته لا يحدث.. ولكن السؤال الخاتم: على أى إنجاز يتشاجر أنصار 25 يناير ومؤيدو 30 يونيو؟!.. دون أن نسأل أنفسنا قبل أن نسأل السلطة الحاكمة: هل تغيرنا، أم أننا خرجنا إلى الميادين والشوارع فى ثورتين عظيمتين ثم عدنا إلى بيوتنا ومكاتبنا لنمارس نفس الحماقات التى أدت إلى قيام الثورتين؟!..
اسمحوا لى أن أتحدث عن نفسى وعنكم.. نحن نتعامل مع مصر منذ 5 سنوات بنظرية «اعمل نفسك ميت».. والمفارقة أن كلاً منا يفتح عيناً واحدة من آن لآخر لينظر إلى الآخرين ثم يسأل نفسه هل تغيروا؟! ولأنه شخصياً لم يتغير يغلق عينيه مرة أخرى وينام فى انتظار أن يأتى الحل من السماء.. وينسى أن السماء ترسل العون ولا تمطر الحلول على شعب «عامل نفسه ميت»..!
■ «المصرى اليوم»
أسمعك تسألنى: لماذا تكتب فى «المصرى اليوم» وأنت تستعد لتجربة صحفية جديدة؟!.. والإجابة: هى بيتى الأول.. حلمى.. حياتى.. أسسها رجال.. وحررها رجال.. وكتب فيها رجال.. ووزعها على الأرصفة رجال.. و«الرجولة مالهاش قطع غيار»..!
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com