5 أشهر.. هيّ الفارق الزمني بين حادثين إرهابيين وقعا في دولتين بالمنطقة العربية واهتز لهما العالم، واختلفت ردود الأفعال الدول الغربية حيالهما، ففي 26 يونيو الماضي، كانت تونس على موعد مع حادث إرهابي استهدف السياح الموجودين على شاطئ مدينة "سوسة"، وأفرغ مُنفذ العملية المنتمي لتنظيم "داعش" الإرهابي، طلقاته التي استقرت في أجساد نحو 74 سائحا، وقع منهم 38 قتيلا من مختلف الجنسيات الأوروبية، وعلى رأسها أصحاب الجنسية البريطانية.
وفي نهاية شهر أكتوبر المنصرم، سقطت طائرة مدنية روسية في العريش، عقب إقلاعها من مطار شرم الشيخ بـ22 دقيقة، من ارتفاع 30 ألف قدم، وعلى متنها 217 راكبا وطاقمها المكون من 7 أشخاص، ولقي 212 مصرعهم.
لم تتعد ردود أفعال الدول الأوروبية على حادث "سوسة"، أكثر من الشجب والإدانة وتحذير رعاياها في تونس، ومن ثم أطلقت بعض الدول الغربية بيانا تضامنيا مع تونس في مكافحاتها للإرهاب، في حين أعلنت 10 دول غربية تعليق رحلاتها الجوية من وإلى مصر بعد حادث الطائرة الروسية، وبدأ بعضهم عمليات إجلاء لرعاياهم من البلاد.
وتستعرض "الوطن"، تحليل خبراء في الشأن الدبلوماسي والسياسي والسياحي والعسكري، لاختلاف ردود أفعال الغرب حول الحادثين:
دبلوماسيون: اعتراف تونس بالخطأ قلل ردود الفعل على أزمتها.. والمعلومات الاستخباراتية في حادث الطائرة الروسية أضعفت موقفنا
قال السفير عادل الصفتي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هذه الدول تحركت بناءً على معلومات استخبارية، أفادت بوقوع انفجار في الطائرة من خلال قنبلة زُرعت، إلى جانب عدم معالجة مصر للحادث بشكل سريع، والاكتفاء بالقول إن الحادث "قيد التحقيق" وهو ما لن تنتظره الدول، في حين أن وقت وقوع حادث تونس، خرج الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، واعتذر عن عدم اتخاذ بلاده إجراءات الحماية اللازمة للسياح الذي قصدوا شواطئ تونس، ما غيّر شكل التعامل الدولي مع الحادثين.
فيما رأى السفير أحمد القويسني مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن القياس بين الحادثتين "مغالطة"، لأن كلاهما وقع في بيئة مختلفة، ورد الفعل الدولي كان من الممكن أن يتشابه مع تونس إذا كان الحادثين متطابقين.
وأوضح القويسني، أن الدول الأوربية تهورت واندفعت في رد فعلها إزاء مصر، لكنها تتحرك بناء على معلومات استخباراتية، اقتحمت سياق الحادث المصري، فأصبح ليس حادث إرهابيا يجلب التعاطف مع الدولة إلى ما هو أبعد من ذلك، بخاصة أن ما حدث إذا كان مقصودا وفقا لما تقوله هذه المعلومات، فإن الحادث سيكون مزدوجا باستهداف روسيا التي تحارب إرهاب "داعش" في سوريا، ومصر التي تحارب التنظيم ذاته في سيناء.
وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق، "هذه الدول وراءها برلمان وشعب يحاسبونها، لذا وضعت سلامة مواطنيها في أول الحسبان، لاستشعارها بناء على معلوماتها خطرا مستقبليا، وحاليا قد لا تكون استشعرته أو وصلت إليه وقت حادث تونس.
بينما وصف السفير علي جاروش مدير الإدارة العربية بجامعة الدول العربية سابقا، اختلاف رد الفعل بـ"الهجمة الشرسة" على مصر، من قوى عالمية كبرى بمساعدة قوى محلية، وما حدث مدبرا ومخططا وليس ارتجاليا، وهذا التخطيط ليس من بعد ثورة 25 يناير فقط، لكنه منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد.
وأضاف جاروش، أن عزل مصر عن العالم والقرار العربي لم يكن اعتباطيا، لكنه لتقطيع عناصر القوى لمصر من خلال اندلاع الحروب في العراق وسوريا واليمن، وما حدث في تونس كان "قصقصة للجوانح" للقوى المتبقية، فالدول الكبرى إذا تساوت مصالحها تتفق علينا، وإذا اختلفت نحن مَن يدفع الثمن.
خبراء سياحة: رد الفعل الغرب على حادث الطائرة الروسية محاولة لـ"تكسير رجل مصر".. والحادث أضعف نصيبنا في حركة السياحة العالمية
على الجانب السياحي، يرى حسن النحلة نقيب المرشدين السياحيين، أن السياحة المصرية ستتأثر أكثر من السياحة التونسية بسبب رد الفعل العالمي، الذي لا تفسير له غير محاولة لـ"تكسير رجل مصر"، مضيفا أن تونس لم تعان بالشكل الكبير لتضامن وزارة الخارجية الفرنسية معها ضد الإرهاب.
واتفق معه الدكتور زين الشيخ المستشار السياحي، موضحا أن الأمر تعدى الجانب السياحي، لذا فإن تأثير الحادث علينا أكبر من تونس، ويضعف من نصيبنا في حركة السياحة العالمية لصالح دول أخرى مثل تركيا.
سياسيون: رد الفعل الغربي "مبالغ فيه".. ويدل على تعرض مصر لضغوط
ومن الناحية السياسية، يقول الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، إن رد الفعل مبالغ فيه بالنسبة لحادث سقوط الطائرة الروسية، كما أنه يختلف كثيرًا عن رد الفعل الغربي تجاه ما حدث في متحف بادرو في تونس، موضحًا أن مسلحون حاصروا السياح الأجانب في تونس، وقتلوا منهم من قتلوا، ولم تعلن أي دولة سحبها للسياح من تونس، أما في مصر، فسقطت طائرة روسية بسبب عطل فني، دعا الدول إلى سحب سياحها من مصر.
وأضاف نافعة، "هناك لغزًا يجب على مصر توضيحه، بخصوص تعامل الغرب مع الحادث"، واصفًا إياه بالتعامل "المهين والمبالغ فيه"، ومضيفا "قد تكون الدول الغربية تريد الضغط على مصر في القضية، لكن اللغز الأهم هو رد الفعل الروسي، كيف استبقت التحقيقات وتعجلت واتخذت قرارها السلبي في حادث سقوط الطائرة"، معتبرا أن المصريين يشعرون بمحاولة غربية لخنقه وحصاره، ومشددًا على ضرورة أن توضح مصرية حقيقة ما يحدث لشعبها وللعالم.
وعلى صعيد متصل، أكد الدكتور أيمن عبدالوهاب المحلل السياسي، أن تغير الدول الأوروبية في موقفها في كلا الحادثين، يؤكد أن هناك ضغوطا تتعرض لها مصر من قبل هذه الدول، موضحًا أن هذه الضغوط تعكس تباين وجهات النظر بين هذه الدول وبين مصر في عدد من القضايا الهامة.
وأضاف عبدالوهاب، أن الغرب يدرك أهمية السياحة للاقتصاد المصري، حيث إنها ورقة الضغط الأقوى حاليًا، مشيرًا إلى أن ردود الفعل الغربية على حادث إسقاط الطائرة كانت مبالغ فيها.
خبير استراتيجي: الوضع في مصر يختلف كثيرا عما حدث في تونس
ومن الجانب العسكري، تحدث اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي، قائلا: "الغرب يتخذ دائما موقف الشك ويستبق التحقيقات، بخاصة مع دولة مثل مصر بحجمها وثقلها الإقليمي، ورد الفعل الغربي على حادث سقوط الطائرة، اختلف عن ردود الفعل على الحادث الإرهابي الذي ضرب تونس.
وأضاف مسلم، "الوضع في مصر مختلف كثيرًا، فما حدث في تونس كان حادثا إرهابيا مسلما به من الجميع، لكن ما حدث في مصر ليس حادثًا إرهابيًا حتى الآن، والغرب يصدر تقاريره التي تفيد بأن السياح في سيناء مستهدفين، وهي تقارير لا تكون دقيقة بالضرورة، موضحًا أن موقف روسيا جاء كإجراء احترازي وليس بناءً على معلومات أكيدة.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com