انتحار وزير التربية والتعليم
بقلم: مينا ملاك عازر
في مفاجأة غير متوقعة هزت مقاعد وجدران وأساسات وزارة التربية والتعليم، انتحر وزير التربية والتعليم.
ويحكي أحد المصادر المسئولة بالوزارة، أن معاوني الوزير، وهم قلة بعد أن أطاح الوزير بالكثيرين منهم لينفرد بتدبير شئون الوزارة بمزاجه الخاص، وليتأكد من السرية التي يريدها في تدبير قراراته حتى تفاجئ الجميع، يعود المصدر ويقول: إن معاوني الوزير عندما دخلوا عليه وجدوه معلقًا من رقبته في منتصف حجرة المكتب بحبل مثبّت في سقف الحجرة وعلى وجهه علامات الغضب، حيث انكشفت مفاجأته، وحينما نظروا إلى مكتبه وجدوا عليه ورقة وقلم.
وبتفحُّص الورقة، اكتشفوا إنها مكتوبة لتوها بواسطة الوزير الراحل، يكتب فيها وصيته ويقول ببالغ الأسى:
ما أن قرأت بالجرائد خبر انتحار تلميذ في الصف الأول الإعدادي، حتى انتابتني حالة غضب شديدة من مدى القسوة التي يعانيها هذا الطفل بإجباره أن يذهب للمدرسة، وسألت نفسي: هل هذا ما تعمل لأجله أيها الشقي؟ ألا تعمل لكي تكون المدارس في أحسن حال، وعملت جاهدًا لتحسينها وتطويرها، والرفع من مستوى المدرس بها والعاملين بمجال التعليم؟ وجلبت الكمبيوترات، وحسّنت من "الدكك" والفصول، ونظّفت أكوام القمامة المحيطة بالمدارس، وأحطتها بأسلاك شائكة حتى لا يقتحمها الأعداء من الخارج، وكنت قد أوشكت على حفر الخنادق حول المدارس زيادة في تأمينها؟ كيف كره هذا الطفل البريء المدرسة بعد كل ما قدمته للتعليم؟
وتذكرت معركتي مع ناشري الكتب الخارجية ومؤلفيها الأشرار الذين كانوا يحاولون تسهيل التعليم على التلاميذ مما يبعدهم عن الذهاب للمدرسة، وإشعارهم بإنه لا قيمة للمدرسة ولكتب وزارتي العظيمة. وانتابني فجأة شعور بإنني أريد الذهاب لمنزل هذا الطفل، وأعلّق نفسي في ذات الحبل الذي علّق به المسكين نفسه هربًا من جنتي التعليمية، عقابًا لنفسي على تقصيري في حقه.
ولكنني خشية على والديه من أن أفتك بهم، إذ إنهم أجبروه على الذهاب لمكان يكرهه ولم يحاولوا الاتصال بي للتدخل لأهون على هذا الطفل البريء، وخشية من أن أضعف كأي مسئول في اتجاهه للتخلي عن كرسيه، فقرّرت الانتحار في مكتبي بالوزارة؛ لأبقى عبرة لكل وزير قصّر في تأدية عمله وواجبه، وأوصي عليكم أن تبقى هذه الوصية هكذا في مكانها على مكتب كل وزير يأتي من بعدي ليقرأها وتأنب ضميره، وأوصيكم أن تحنطوا جثتي، وتبقون عليها معلقة هكذا حتى لا تغيب عن عين أي مسئول في بلادنا، قسى أو فكر أن يقسو على مواطني بلدي.
وأخيرًا، أنا أعتذر لن أشبع توقعاتك أيها القارئ الحبيب، بأن أقول لك إنني استيقظت من نومي، مما يعني أن ما سبق كان حلمًا، ولن أشبع طموح أحد من المتربصين بي، وأقول إنها كانت أمنية فيوديني في داهية، لكنها مجرد خواطر كتبها وزير تعليم في عالم ما وراء الشمس.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com