أثارت قرارات البنك المركزى الأخيرة، بشأن رفع سعر الجنيه أمام الدولار وقبله زيادة أسعار الفائدة على بعض الأوعية الادخارية فى بعض البنوك، حالة جدل بين أوساط رجال الأعمال واقتصاديين شككوا فى جدوى هذه القرارات، متوقعين أن تحمل توابع سلبية على الاقتصاد المصرى فى الفترة المقبلة، أبرزها إضافة أعباء جديدة على خدمة الدين العام، واستنزاف «الاحتياطى» من العملة الصعبة.
وقال هانى توفيق، خبير الاستثمار، إن رفع سعر الفائدة على الجنيه على بعض شهادات بنكى «الأهلى ومصر» يعنى خسائر كبيرة للاقتصاد المصري، لعل أهمها إضافة أعباء جديدة على خدمة الدين العام بما يصل إلى 70 مليار جنيه على الأقل، على اعتبار أن الحكومة هى أكبر مستدين من البنوك، وأشار «توفيق» إلى أنه على جمال نجم، نائب المحافظ، القائم بأعمال المحافظ، عرض محضر لجنة السياسة النقدية بالبنك، الذى اتُخذ على أساسه قرار رفع سعر الفائدة ورفع قيمة الجنيه، ومبررات هذين القرارين الاقتصادية والمالية ونسبة التصويت على كل قرار، وهو إجراء متبع فى كل البنوك المركزية المحترمة فى العالم. وأضح «توفيق» أن القرارين عنيفان ويسيران بالاقتصاد المصرى فى الاتجاه الخاطئ.
«توفيق» يحذر من الصدمات الفجائية.. و«هيكل»: تفعيل دور المجلس التنسيقى بين السياسات النقدية
وفيما يتعلق بقرار رفع سعر الفائدة قال «توفيق» إن هذه الزيادة تشكل ٢٥٪ من سعر الفائدة الأصلى، وتدل إلى حد كبير على بدء اتخاذ قرارات اندفاعية وترتب على ذلك الهجوم الكاسح من الأفراد والشركات على باقى البنوك وسحب مئات الملايين من الودائع لتحويلها إلى الشهادات الجديدة، ما أدى بلا شك إلى خلل فى سيولة هذه البنوك، وأضاف أن ذلك سيؤدى حتماً إلى اتباع هذه البنوك نفس السياسة ورفع الفوائد على الودائع حتى لا تخسر باقى عملائها، وتوقع ارتفاع عجز الموازنة للدولة بمبالغ خرافية بصفتها المدين الأكبر «حوالى 70 مليار جنيه تمثل ٢٥٪ إضافية من موازنة خدمة الدين العام».
وأشار إلى أن قرارات «المركزى» تعمل على تحجيم الاستثمار الخاص إلى حد كبير وزيادة أعباء خدمة القروض للشركات القائمة، مؤكداً أن اتخاذ القرارات النقدية يكون بالتدرج أسوة بكل دول العالم لتجنب الصدمات الفجائية للمجتمع بصفة عامة، وللقطاع المصرفى على وجه الخصوص.
ورفض الدكتور أحمد هيكل، رئيس مجموعة القلعة، التعليق على قرارات البنك المركزى، لكنه طالب الحكومة بعدم إعطاء ضمانات بنكية لقطاعى الكهرباء والصرف الصحى، لأن هذا الأمر سيؤدى إلى أزمة لا يمكن احتواؤها بالنسبة لأسعار الصرف، وتساءل عن أسرار اختفاء الدولار من الأسواق المصرية، محذراً من أن الأمر سيكون ذا تبعات بالغة الخطورة فى حال عدم التصدى له بأسرع ما يكون، وحذر من الاندفاع فى إصدار القرارات النقدية، ودعا لإعادة تفعيل دور المجلس التنسيقى بين السياسات النقدية والمالية والذى لم يجتمع منذ 2005.
وانتقدت الدكتورة عالية المهدى، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إجراء رفع قيمة الجنيه أمام الدولار أمس الأول، ووصفته بـ«الإجراء غير المدروس».
وقالت إن إجراء «المركزي» له انعكاسات سلبية كثيرة أبرزها تقليل تنافسية الصادرات والسياحة واستنزاف الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، ويخفض من جاذبية السوق المحلية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلاً تعارضه مع الاتجاه العالمى لتخفيض عملات الأسواق الناشئة أمام الدولار، مضيفة: «احنا للأسف بناخد قرارات والظروف كلها ضدنا».
وأضافت «المهدى» أن إجراء البنك المركزى بمثابة مغامرة محفوفة بالمخاطر، وأتوقع أن يستنزف ذلك احتياطينا النقدى، المكون مُعظمه من ودائع خليجية، فضلاً عن تضرر المُصدرين منه لتقليله تنافسية صادراتنا، وأقول للمشيدين بإجراء «المركزى» من قبيل اعتباره ووصفه بـ«صفعة للسوق السوداء وحائزى الدولار والمضاربين» وما إلى ذلك، كان غيركم أشطر، وطالما ظلت وارداتنا أقل من صادراتنا سيكون الجنيه ضعيفاً للغاية أمام غيره من العملات، والاقتصادات القوية هى التى تخفض عملتها جذباً للاستثمار، وليس العكس.
وطالبت العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية الحكومة بمراجعة القيود المفروضة على إتاحة الدولار من قبَل المحافظ الحالى هشام رامز، ودعم المصانع المُتعثرة والمتوقفة، وتنشيط السياحة ودعمها، لا سيما فى الوقت الراهن.
وفيما يخص أسواق المال توقع محللون فنيون استمرار الاتجاه الهابط للبورصة المصرية، واختبار المؤشر الرئيسى مستوى دعم عند 6650 نقطة، وقال زياد شتا، مدير حسابات العملاء بشركة جراند إنفستمنت لتداول الأوراق المالية، إن السوق تتجه لمنطقة دعم عند 6650 نقطة، نتيجة الأخبار السلبية التى أثرت على نفسية المتعاملين الفترة الماضية، لا سيما مع عدم استقرار سوق الصرف، واستردادات الصناديق، وأوضح أن توقيت الإعلان عن نتائج أعمال البنك التجارى الدولى غير فعال نتيجة عدم استقرار السوق، لافتاً إلى أن القوة الشرائية من الصعب أن تعود للسوق حالياً قبل الوصول لمستوى الدعم السابق، وفقد رأس المال السوقى للأسهم المقيدة أكثر من 28 مليار جنيه فى 4 جلسات بسبب قرارات «المركزى» الخاصة بالفائدة على الودائع بالجنيه، عبر وعاء ادخارى جديد تصل أسعار الفائدة عليه 12.5
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com