بقلم : هند مختار
تتردد في الآونه الأخيرة كلمة (الوهابية) كأحد الأسباب الرئيسية ، لما يعاني منه المجتمع المصري من تأخر على المستوى الفكري بدعوى ان الفكر الوهابي ساهم بقوة مع عوامل أخرى في تراجع المجتمع المصري عما كان عليه من تسامح وقبول الآخر وغير ذلك ..
هدفي الأساسي من هذا الموضوع هو التعرف على محمد بن عبد الوهاب والذي يمثل حالة خاصة تستحق البحث والدراسة ،فأفكاره لا زالت حاضرة تؤثر في الآخر إيجابا أو سلبا تتفق أو تختلف معها ولكنك تجدها تحت كل حجر وكل ركن ،بالإضافة إلى محاولة التعرف على فكره ..مع التساؤل هل ما آتى به محمد بن عبد الوهاب من فكر كان جديدا على الإسلام ؟ وهل ما جاء به محمد بن عبد الوهاب من البادية كان مناسبا لمجتمع كالمجتمع المصري على سبيل المثال ؟
محمد عبد الوهاب نشأته عادية ليس فيها جديد فوالده كان قاضيا ،وقد حفظ القرآن الكريم ودرس علوم الفقه والدين وأظهر نبوغا وتفوقا ويقال أن والده قد قال فيه (لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام ) طلب العلم نابين الحجاز والعراق والأحساء ،ولم يستطع أن يذهب إلى الشام لطلب العلم ويؤكد حفيده عبد الرحمن بن حسن وابنه عبد اللطيف وابن بشر أنه لم يسافر إلى الشام ولم يذهب إلى فارس وأصفهان وقم ولم يدرس الفارسية أو التركية ولم يدرس الحكمة الإشراقية والفلسفة والتصوف ..
محمد بن عبد الوهاب تأثر بابن تيمية وبن القيم الجوزي وبالمذهب الحنبلي في الفقه ..حتى يقال أنه حنبلي المذهب سلفي العقيدة
تخبرنا كل المصادر عن فكر محمد بن عبد الوهاب أنه يتلخص في عقيدة التوحيد وتخليص الدين الإسلامي من مظاهر الشرك مثل التعبد في القبور ،والبناء عليها والسحر وما إوأنه قد دعا إلى ذلك وجاهد عليه وأنه قاتل من أبى عليه ذلم وقتله؟
وأنه بعد أن لاقى متاعب كثيرة بسبب دعوته تلك ،وبعد خروجه من العينيه طريدا لجأ إلى الأمير محمد بن سعود وهناك حدث بينهم إتفاق كانت بنوده
1.أن لا يرجع الشيخ عنه إن نصرهم الله ومكنهم.
2.أن لا يمنع الأمير من الخراج الذي ضربه على أهل الدرعية وقت الثمار.
فقال محمد بن عبد الوهاب:
"أما الأول: الدم بالدم، والهدم بالهدم. وأما الثاني: فلعل الله يفتح عليك الفتوحات، وتنال من الغنائم ما يغنيك عن الخراج"
وخلاصة فكر محمد عبد الوهاب ثلاثة نقاط
1.نكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص.
2.إنكار البدع، والخرافات، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك الطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة
3.أنه يأمر الناس بالمعروف، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه، ألزم به وعزر عليه إذا تركه وينهى الناس عن المنكرات، ويزجرهم عنها، ويقيم حدودها. مثل قتل الساحر وجلد المخمور وقطع يد السارق.
ومع الإحترام الشديد لكل المذاهب التي تأثر بها محمد بن عبد الوهاب وكل الأفكار الفقهية يثور سؤال من خلال قصة حياته عن تلقيه العلم وراءه الدينية ..فهل حصل محمد بن عبد الوهاب على أكبر قدر ممكن من العلم في زمنه الذي يؤهله أن يكون صاحب دعوى فكرية خاصة وأنه منذ مائتي سنة كان الأزهر بمصر هو مقصد من يريد أن يتزود بعلوم الدين في كل المذاهب ، بالإضافة إلى علوم الشام وغيرها من البلاد والفلسفة الإسلامية ،والفقه المقارن وعلوم العقيدة وغيرها من العلوم اللازمة للعالم العادي حتى يكون أهلا للإفتاء وليس صاحب فكر له أتباع في كل مكان ..
أنا هنا لا أشكك فيما لديه من علم ولكن أقول أن علمه كان على كثرته أقل مما كان يجب أن يكون عليه مروج فكر أو صاحب مذهب ..
هنا يثور تساؤل آخر ما هو الجديد الذي آتى به محمد بن عبد الوهاب ؟ فالعقيدة الإسلامية فكرتها قائمة على التوحيد والإيمان بأن الله واحد لا شريك له والإيمان بهذا إيمانا مطلقا وما معنى كلمة سلفي العقيدة ؟ فهل للسلف عقيدة ولمن أتى بعدهم عقيدة أخرى والمحدثين بعقيدة ثالثة العقيدة الإسلامية واحدة لا تتغير ...
أما عن وجود بعض المظاهر الغير لائقة بالعقيدة الإسلامية كزيارة القبور والأضرحة والتبرك ببعض الأولياء الصالحين وهي معتقدات أغلبها مجلوب من المذهب الشيعي أو من المذاهب الصوفية ،وهي لا تتحرك داخل أصل العقيدة الإسلامية فهي كلها أشكال ثقافية من جهة ولها وجهة شعبية من جهة أخرى فالدين الإسلامي لم يلغ ثقافة الآخر وما يكون غير مناسب لمجتمع ما يكون مجتمع آخر في أشد الحاجة إليه ..فعلى سبيل المثال لقد حرم محمد بن عبد الوهاب الإحتفال بالمولد النبوي الشريف على عكس بن تيمية الذي لم يحرم ذلك ..وبالتبعية تحريم إقامة أية موالد لي شخص ..في حين أننا لو نظرنا إلى أهمية المولد في المجتمع المصري نجده أنه في عصور الإحتلال ،وعصور الظلام أن طقوس الموالد هي التي ساهمت في الحفاظ على الهوية المصرية الثقافية ، فمن خلال الموالد كان توجد حلقات الشعر والزجل ، وحلقات الفنون الشعبية مثل الآراجوز وخيال الظل وصندوق الدنيا وغيرها ،بالإضافة إلى حلقات الذكر والمديح ، حتى حلقات الرقص كفن شعبي يقبل عليها الجميع كنوع من الترفيه ، كل هذه المظاهر ساهمت في الحفاظ على ما يسمى الهوية المصرية ،ومصر هنا على سبيل المثال فلكل بلد هويته الثقافية ،والإجتماعية ..
من خلال تتبع سيرة محمد بن عبد الوهاب نجد أنه قد إضطر إلى إقامة تحالف سياسي مع محمد بن سعود ..
أخطر ما في الفكر الوهابي فكرة قتل من يأبى أن يأتمر بأمره ..فالنص القرآني كان واضح (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وأيضا (لو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك) ..وهل لو كانت دعوته بالرفق واللين دون تعصب هل كان سيحتاج إلى قوة سياسية تدعمة لينفذ فكره ؟ فالأطماع السياسية حينما تتداخل مع الدين دائما تثور الفتن ..
أما ما يصر عليه أتباع محمد بن عبد الوهاب في كل مكان من أنها مجرد دعوة وليست مذهب مردو عليها فالمذاهب الأربعة يوجد بينها خصائص مشتركة ويوجد بينها إختلافات هذه الإختلافات تجعلنا نقول أن هذا المذهب الشافعي وهذا المذهب الحنبلي وذلك الحنفي لكنها لو كانت مشتركة 100% لما قانا أنها مذاهب مختلفة ووجود إختلافات بين هذه المذاهب وفكر محمد بن عبد الوهاب نجعلنا نقول الوهابية فمحمد بن عبد الوهاب استخدم عقله لصياغة أفكاره ،وباقي الفقهاء أيضا استخدموا عقلهم أيضا لذلك نطلق على أفكار محمد عبد الوهاب الوهابية ..
ولولا تلك الفوارق بين المذاهب لم يكن ليوجد علم الفقه المقارن ..
الوهابية موجودة وقد استخدمت القوة لنشر أفكارها ، وقد كان بها بعض الثغرات (فهي في النهاية إجتهاد بشري) سمحت لبعض المتعصبين والمتطرفين وأصحاب الأطماع أن يستخدموها في أغراضهم فنحن في حاجة إلى محاربة المفسدين الذين استغلوا فكر محمد بن عبد الوهاب وثغراته بطريقة خاطئة لأغراضهم ، وأيضا إلى تنقية الفكر الوهابي من بعض الثغرات وفتح قنوات للحوار بين متبعين كل مذهب من المذاهب وفكر من الأفكار للمناقشة وطرح وجهات النظر ،وقبول فكر الآخر
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com