بقلم:زهير دعيم
نقلت وكالات الانباء خبرًا مُلفتًا للنظر وهامًّا جدا ، جاء فيه أنّ محكمة جزائرية في عين حمام ( تبعد 150 كم عن الجزائر العاصمة)برّأت أمس الثلاثاء 5\10\2010 ساحة مسيحييْن جزائريين محليين أتهما بالجهر بتناول الطعام في رمضان وإهانة مشاعر المسلمين .
وقال محامي المُتهميْن بعد قرار التبرئة : " إنّه قرار عادل ، فلا بدّ من احترام حريّة العقيدة في الجزائر ".
كذلك رحّبت مجموعة من المسيحيين الجزائريين المحليين تواجدت في المحكمة بالقرار وأبدوا سعادتهم بالتبرئة قائلين : " انهما لم يرتكبا خطأً ، فهما مسيحيان ولا يصومان رمضان "
قرار لافت للنظر فعلا ، قرار ايجابيّ ...فمنذ اللحظة الاولى للاعتقال قالوا وقلنا : "علقا" ..." أكلوها سخنة "..فالقضية ليست الأكل في رمضان وانما اعمق وابعد ، انّها قضية التنصير في الجزائر وشمال افريقيا عامّة.
فالتنصير في شمال افريقيا ، وخاصة في مناطق القبائل يسير بخطىً حثيثة وهذا يقلق بال الكثيرين هناك ، خاصة والأعداد في تزايد ، والكنائس ايضًا ، والأهم أنّ هناك من بدأ يجاهر بايمانه وتنصّره وينادي بحريّة المعتقد وبناء الكنائس المحليّة.
نعم من حقّ الانسان ؛ أيّ إنسان أن يختار معتقده ، وأسلوب تواصله مع الهه، ونمط حياته الروحيّة ، فالأيمان هو علاقة مابين الخالق والمخلوق ، وهذه العلاقة يجب ألا تأتي من خلال دستور او قانون أرضي أو نهج مفروض ، وانما كما أسلفنا عن طريق علاقة خاصّة حميميّة تربط الجابل بجبلته ، والخالق بالمخلوق ، يعبده كيفما يشاء وأنّى شاء وبالصورة التي يرتأيها مناسبة.أمّا ان تفرض اسلوبا معيّنًا متوارثًا فهو مرفوض ويُكبّل الانسان بالقيود ، ويجعل روحه التي تهيم بالانطلاق نحو العلاء ، يجعلها تنزف دمًا وحزنًا.
حرّيّة المعتقد ، وحرية الايمان هي ركيزة أساسية من ركائز الحريّة الشخصيّة ، فمن حقّ الانسان أن يكون ما يشاء ، ومن حقّه ان يتعبّد عند أقدام المصلوب أو ان يكون مسلمًا او بوذيًا او لادينيًا ، بل من حقّه أن يعبد الحجر ان هو أراد شريطة ان لا يقذفنا به، ومن حقّنا أن نُقنعه بايماننا وبصحته وبالأبدية ، وبالحياة الأخرى ، فإن اقتنع ربحناه وربح نفسه ، وإن لم يقتنع هو هو سيُقدِّم حسابا يوم يفتح الربّ السِّفر.
قرار المحكمة في عين حمام أثلج صدري ، وجعلني أرنو الى السماء شاكرًا ، فأنا على يقين أن هذا الحاكم الذي أصدر الحكم بالتبرئة ، لم يصدره جزافًا ، بل هناك من أوحى به اليه ، ومَن حرّك ضميره ، وبيّن له أن الايمان يجب ان يكون مفتوحًا على المصراعين ، مفتوحًا للهواء الطلق والنسمات المُنعشة التي تهبّ من الفداء ، والآتية من الأعالي.، فالكون الشاسع في هذه الأيام ، أضحى قرية صغيرة ، تتأثر بمجريات الاحداث ، ولن يخفى شيء عن عيون البشر، ويصعب بل يستحيل أن نُخبِّيء النور في هذه الأيام تحت المكيال ، فلقد فتحت التقنيات والانترنت كُوّة الأمل لكلّ البشر ، فتحتها لساكني الأدغال والصحرواوات والبلدان المغلقة ، حتى بات من المستحيل على الحكومات في تلك البلدان من منع النّور من أن يشعّ في النفوس ، ومن الطّيب من أن يُعطِّر الأجواء حتى المُغبَّرة منها.
قرار رائع مفرح ومبارك ، أظهر انّ الدّنيا ما زالت بالف خير ، وأنّنا نستطيع اليوم أن ننقل البشارة الى كلّ نفس عطشى ؛ ننقلها بالمحبّة والرفق والّلين ، وله الحقّ في ان يقبل او يرفض بل ان يقبل ثمّ يرفض.
علينا ان نفعلها ....أن نزرع البذور ؛ بذور الايمان .وأنا على يقين ، أنّ الربّ المُحبّ هو الذي سيمطر ويسقي هذه البذرة حتى تضحي شجرة كبيرة وارفة الظلال ، يستظلّ تحتها وبظلّها الكثيرون.
الباب مفتوح اذن ...والنفوس مستعدة ، فهيّا نحمل الرفش والبذار ، ونعمل جاهدين في حقل الربّ ، فنزرعه بالكلمة ، بالموعظة على الجبل ، ونسقيه بماء الحياة ونُسمّده بالخبز النازل من السماء.
دعونا ألاّ ننتظر الغد ...فقد لا يأتي .من يعلم ؟!!!!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com