أغبط الأستاذ أسامة القوصى على مقترحه الوطنى بتعيين الأستاذة ماجدة هارون، رئيس الطائفة اليهودية، بالبرلمان، وأستهجن حملة التقبيح التى قبّحت وجه الرجل، وأطالع باستغراب رفض نفر من المتشددين لاقتراح القوصى.. هذا شأنهم!.
أعلم أن هذا مقترح يصدم العاديين، لم يخطر على قلب أحدهم، كثير منهم لا يعرف أن بين ظهرانينا يهوداً محترمين، مصريتهم أولًا، ولا يتاجرون بوطنيتهم، ولا يطلبون ثمناً للبقاء رغم الإغراءات، الوالد الراحل شحاتة هارون (نموذج ومثال).
المحامى اليسارى الكبير رفض الرحيل إلى إسرائيل، وتمسك بالجنسية المصرية، اتهم مرات عديدة أنه جاسوس يعمل لحساب إسرائيل، كما عارض معاهدة «كامب ديفيد»، وعندما توفى فى مارس 2001، رفضت عائلته أن يصلى عليه السفير الإسرائيلى بالقاهرة، واستقدمت حاخاماً من فرنسا ليصلى عليه حتى لا يحضر حاخام من إسرائيل ويلوث سيرة هذا الرجل.
من صفحة القوصى أنقل بعضاً من حوارات الرفض، نقرأ ما كتبه القوصى نصاً:
«ولما قرأ بعض أقاربى كلامى عن أمنيتى أن تكون الأستاذة ماجدة هارون رئيسة الطائفة المصرية اليهودية واحدةً من النواب المعينين فى البرلمان المصرى الحالى قام بنشر البوست الخاص بى مصدّراً إياه بالآية الكريمة (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)!
وكأنه رأى أن أمنيتى مخالفة للآية الكريمة فأجبته معلقاً: القرآن لا يعارض بعضه بعضاً وبالتالى أخى الكريم عندما تجد فى القرآن (ليسوا سواءً) ومثل (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) عندها لابد أن نفهم الآية التى ذكرتَها فهماً لا يتعارض مع هذه النصوص، وأن المقصود فيها من يحاربون النبى الكريم «صلى الله عليه وسلم» فى وقت نزول هذه الآيات، فالألف واللام فى الآية (للعهد) كما يقوله النُّحاةُ، وبالتالى فهى فى المحاربين منهم كالصهاينة فى زماننا والحروب الصليبية الاستعمارية قديماً وليست فى المسالمين منهم.
ويكمل القوصى «حتى لو فهمتها على عمومها فهى تتحدث عن الرضا القلبى وليس عن منع التعامل مع المسالم منهم وديننا يأمرنا بدفع المعتدى علينا بالسلاح حتى لو كان مسلماً (فقاتلوا التى تبغى) وهم مسلمون لكنهم بُغاةٌ ومعتدون مثل الدواعش وتنظيم القاعدة ومن على شاكلتهم فى أيامنا هذه».
بعيداً عن التأسيس الدينى الذى يبرع فيه القوصى، ولست صاحب باع، وليقف منه العلماء وقفة اختلاف أو اتفاق، واختلافهم رحمة، التأسيس الوطنى لدولة المواطنة، والمساواة، والحرية الدينية، يجعل من هذا المقترح حالة تستنفر دعماً من الحادبين على سلامة هذا الوطن، وهم كثر، وحرياً بالرئاسة أن تمعن النظر فى وطنية هذا المقترح، تضرب مثلاً فى العطف على أصحاب الديانات والمعتقدات غير الإسلامية.
الخيال الذى بلغه القوصى، خيال حميد، صورة راقية لوطن متحضر، صورة لدين عبقرى تتسع رقعة أوطانه لغير المسلمين على قدم المساواة مع أبناء الدين الحنيف، صورة لإسلام هذه الدولة الطيبة، صورة للإسلام الجميل الذى لا يُقصى مسيحياً أو يهودياً كان.
ماجدة هارون المصرية فى البرلمان آية من آيات مصر الحديثة، تخيلوا كيف ترسم صورة مصر عالمياً، بلد التسامح الدينى متجلية فى صورة مصرية يهودية تحت قبة البرلمان، دوماً خيالنا يسبق خطواتنا، متى تلحق الخطوات على الأرض بالخيال محلقاً فى السماء.
يوم زار الرئيس السيسى الكاتدرائية فى عيد الميلاد كان أمنية وصارت حدثاً سعيداً، أثلج قلوب الأقباط جميعاً، واحتفى به المسلمون الذين يحبون المسيح «عليه السلام»، رسم الرئيس صورة الدولة التى يتمناها المصريون وإن أنكرها المرجفون فى المدينة، والفرصة سانحة لتأكيد الصورة الزاهية بصورة لا تقل جمالاً وبهاء لمصر الجديدة.
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com