بوجهها البشوش، استقبلتنا النائبة «ابتسام حبيب» المعينة فى مجلس الشعب، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، وعضو لجنة المرأة بالبرلمان الأورومتوسطى، وأمين عام مصلحة الشهر العقارى سابقًا..
وبين مسؤوليات المناصب التى تتقلدها والمسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقها كزوجة وأم وجدة، دار معها هذا الحديث، لتسترجع معه صفحات من حياتها كطفلة وشابة نشأت فى بيت صعيدى بما يحمله مجتمع الصعيد من عادات وتقاليد صارمة.
■ زواجى كان تقليدياً عقلانياً.. ونصحت أبنائى بأن يحلّوا خلافاتهم داخل منازلهم فقط
■ نريد أن نتعرف عليك عن قرب؟
- اسمى «ابتسام حبيب ميخائيل» من مواليد محافظة المنيا عام ١٩٤٧، زوجة وأم لابنىّ هانى وهايدى، وجدة ليوسف وفرح وفادى، أنا سيدة بسيطة ومتفائلة.. اتكالية ولست متواكلة، أعتبر نفسى شخصية مجتهدة وأضع بيتى فى مقدمة أولوياتى.. أسعى للنجاح فى أى عمل أقوم به، كى أشعر براحة الضمير.. لست مثالية ولكن بقدر الإمكان أحاول اختيار الصواب.. صادقة مع نفسى وكلامى يخرج من القلب لأنى أثق فى أن الكلام الذى يخرج من القلب يدخل إلى القلب والعقل.
■ تشغلين أكثر من منصب، أيها الأقرب إلى قلبك؟
- أجمل منصب ووصف إلى قلبى أننى زوجة وأم، وأعتبر أن الوظيفة الرئيسية لكل سيدة هى أن تكون زوجة وأما، وإذا نجحت فيهما فيمكنها أن تنجح فى أى عمل آخر، وإذا فشلت فى هذا الدور فلن تشعر إحساس بالنجاح فى أى عمل آخر.
■ التليفزيون ينقل صورة للمجتمع الصعيدى تُظهر المرأة وكأنها لا حول لها ولا قوة.. إلى أى مدى تتفقين مع تلك الصورة؟
- نشأت فى أسرة صعيدية، كنت أنا الابنة الكبرى فيها، ولى ٤ إخوة بنات وأخان، وكان والدنا لا يفرق فى معاملته بين بنت وولد، حتى أننى كنت من المقربين له، وكان يحمّلنى الكثير من المسؤوليات، حالى فى ذلك كحال كثيرات من السيدات الصعيديات، فالمرأة الصعيدية على عكس ما يظهر تماما فى التليفزيون، وهو الأمر نفسه بالنسبة للرجل الصعيدى الذى يظهر فى صورة شخص متزمت ومنفرد بقراراته، رغم أنه عكس ذلك تماما،
فالرجل الصعيدى رجل متمسك بعاداته وتقاليده ومحب لعائلته، ولا يتخذ قرارا دون مشاورة زوجته، حتى إن والدى فى خمسينيات القرن الماضى، علمنى أنا وإخوتى، فأصبح منا المهندس والطبيب، ولم يمنعنا أبدا من الخروج لطلب العلم، كما أنه كان وسيما جدا وذا عيون خضراء، على عكس صورة الرجل الصعيدى «المتجهم» التى تظهر فى التليفزيون.
■ كيف بدأت حياتك العملية؟
- بدأت كمحامية لمدة عام، بعد حصولى على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة، وكان قدوتى فى ذلك خالى، لكننى سرعان ما غيرت وجهتى بسبب زواجى، حيث رأيت أن المحاماة تستلزم ذهابى فى الصباح إلى المحكمة وفى المساء إلى المكتب، فقررت أن أتركها وأعمل بمصلحة الشهر العقارى، خاصة أننى كنت من أوائل الدفعة، وكان من السهل أن ألتحق بوظيفة تناسبنى.
■ معنى ذلك أنك ضحيت بحب المحاماة من أجل الزواج؟
- بالفعل كنت أحب المحاماة بشدة، خاصة أن مدرساتى كن يطلقن علىّ «المحامية الصغيرة» لكننى على قناعة بأن الدور الرئيسى لأى سيدة هو منزلها، وإذا ما تعارض مع أى شىء آخر فعليها أن تحافظ عليه، وتبحث عن مجال آخر، وأنا دائماً ما أذكر نفسى بأننى امرأة يجب أن تكون لها سماتها الخاصة فى سلوكها وأدائها وملامحها، ويجب أن أختلف عن الرجال، فالمرأة أجمل وأشيك، وأكثر حكمة وصبراً، كما أن لها أسلوبها الخاص فى التعامل لما حباها الله من صفات إنسانية جميلة، لذا فإنه يمكنها القيام بأشياء ومهام كثيرة جداً.
■ هل تعتبرين نفسك أمًا وزوجة ناجحة؟
- الحمد لله، أعتقد أننى أمًا وزوجة ناجحة، وهذا ليس بسبب تفوقى وإنما بمشيئة الله، فقد رزقنى زوجا صعيديا بأخلاق صعيدية حقيقية، وأبناء متفوقين، وكان نجاحى كزوجة وأم سببا فى نجاحى العملى، لأنه إذا كان «وراء كل رجل عظيم امرأة»، فإن «وراء كل امرأة ناجحة رجلاً محباً وعظيماً».
■ هل أنت قريبة فى الشبه من والدتك أم والدك؟
- أنا أقرب فى الشبه والصفات لأمى، على الرغم من أننى كنت قريبة جداً من والدىّ، ولدى قناعة بأن البنت لأبيها، والولد يرتبط بأمه، وقد عايشت ذلك مع أبنائى، فابنى «هانى» قريب جدا لى، حتى فى الشكل، بينما أعتبر ابنتى «هايدى» ابنة أبيها، وأتذكر أن أبى كان رجلاً سمحاً وعطوفاً، لكنه كان يتعامل معنا بلغة العيون، فنظرة واحدة منه كانت تكفى لعقابى، وتظهر مدى غضبه لى، وتجعلنى أحاسب نفسى، أمّا والدتى فكانت سيدة حكيمة وتحترم والدى جداً، وكان يستشيرها فى كل الأمور.
■ كيف تعرفت إلى زوجك؟
- لم أتزوج عن قصة حب، وإنما تزوجت بطريقة عقلانية تقليدية، بعد أن اقتنع عقلى بزوجى، وقد تعرفت عليه فى الجامعة، عندما قرر أن يحصل على ليسانس حقوق بعد حصوله على الماجستير فى أعمال البنوك، وتقدم لخطبتى ووجدت فيه شاباً محترماً، رغم أنه يكبرنى بعشرة أعوام مناسبة، وكنت سعيدة جدا به لأنه صاحب شخصية مميزة، وقد تعلمت منه الكثير.
■ هل كان زواج أبنائك مختلفا عن طريقة زواجك؟
- زواج أبنائى كان تقليدياً أيضاً، ولكننى لم أتدخل مطلقاً فى اختياراتهم، وأحمد الله على اختيارهم، لأن للزواج الناجح مقومات يجب اتباعها، فالزواج لا يكون بين فردين فقط وإنما بين أسرتين.
■ كيف تديرين الخلافات بينك وبين زوجك؟
- الرجل بطبعه شخص عصبى، لذا فإننى لا أتحدث تماماً عندما يغضب، وبعد أن تهدأ الأمور نناقش مشاكلنا، وكثيراً ما يعتذر وكثيراً ما أعتذر، والاعتذار لا يعنى كلمة «أنا آسف»، ولكن يمكن أن يكون بابتسامة أو كلمة حلوة، لأن الرجل الشرقى لا يقول «أنا آسف» وأظن أن الحياة أسهل بكثير من أن نعيش فيها لحظات ألم طويلة.
■ من كان مسؤولاً عن تربية الأولاد؟
- كنت أنا المسؤولة عن تربية أولادى، بسبب أشغال زوجى الكثيرة، وكانت أكثر فترة متعبة فى تربيته هى فترة المراهقة، لأنى كنت أراقبهم وأتابعهم كى أحميهم قدر الإمكان، وكان والدهم دائماً ما يشجعنى ويستمع إلىّ ويطلع على كل ما يحدث داخل المنزل.
■ ما أهم نصيحة قدمتها لأولادك عند زواجهم؟
- نصحتهم بأن النجاح فى الحياة الزوجية مهم جداً، وإذا ما لم ينجح الإنسان فى حياته الخاصة، يصبح لديه الكثير من الأعباء التى تمنعه من الاستمتاع بأى نجاح علمى، وأن من أجمل وأعظم المهمات النسائية أن تكونى أما، وأن الصراحة بين الزوجين أساس كل أسرة ناجحة، والمحبة تغفر الأخطاء، والمساواة لا تعنى المنافسة، فلكل شخص دوره فى الحياة.
■ ما هى أجمل هدية حصلت عليها فى حياتك؟
- «خاتم» أهدانى به زوجى فى أول عيد زواج لنا، وهو خاتم جميل جدا، وأحرص على ارتدائه فى المناسبات السعيدة، وأعتبره خاتمى المفضل، وأحرص فى جميع المناسبات على التهادى مهما كانت الهدية، وقيمتها، وأن تُقدم فى ميعادها.
■ ما أحب الألوان إلى قلبك؟
- «التركواز».. لذلك أحرص على أن يكون ضمن ألوان ملابسى إضافة إلى اللونين الأبيض والأسود.
■ ماذا عن «ابتسام حبيب» الجدة؟
- أحلى فرحة فى حياتى عشتها كانت مع الحفيد الأول «يوسف»، لهذا فإن له مكانة خاصة فى قلبى، على الرغم من أننى لا أفرق بينه وبين باقى أحفادى فى المعاملة.
■ و«ابتسام» ربة الأسرة؟
- أنا «ست بيت» شاطرة خصوصاً فى الطهى، وأتقن صناعة الحلويات والتورتة وأكون سعيدة جدا عندما يستمتع من حولى بما أقدمه لهم من مأكولات وحلويات، وكنت أعد التورتة أسبوعياً، أثناء تجمع الأسرة فى بيتنا بالمنيا، لكن آخر مرة عملتها كانت قبل أن أنتقل إلى القاهرة للعمل كرئيس لمصلحة الشهر العقارى منذ فترة طويلة.
■ هل أنت راضية عن صورة «الحماة» فى التليفزيون؟
- الإعلام لا ينقل صورة حقيقية عن «الحماة» بل يبالغ فيها بشدة، فالأم التى تحب ابنها يجب أن تحب من ترتبط به، وأنا أحب «دينا» زوجة ابنى و«جورج» زوج ابنتى كحبى لأبنائى، لأنهما يحبانها ويقدرانها كثيرا، وكان أسعد أيام حياتى يوم زواجهما، وقد علمت أولادى ما علمتنى أمى وهو أن مشاكلهم عليهم أن يحلوها بأنفسهم، وقد استمعوا إلى النصيحة ويعيشون حياة هادئة سعيدة.
■ ما رأيك فى حال البيت المصرى الآن؟
- للأسف الشديد، أنا حزينة من زيادة حالات الطلاق بين الشباب، وهذا يرجع لسوء الاختيار، لذا يجب تنبيه الشباب إلى ضرورة «حسن الاختيار»، وأناشد كل أب وأم أن تربى أبناءها وتراعى ربنا فى ذلك كى يشبوا صالحين، ويعوا أهمية الأسرة.
■ هل تناولت القضايا المجتمعية تحت قبة البرلمان؟
- تقدمت بعدد من مشروعات القوانين التى تهم كل بيت مصرى، وتعالج بعض مشكلاته، منها مشروع توثيق عقود الزواج العرفية، وتعديل مشروع قانون الزواج بين المصريات والأجانب.
■ ما الفرق بين الحياة فى المنيا والقاهرة؟
- عشت حياتى كلها فى المنيا، وفيها تقدمت فى عملى حتى وصلت إلى منصب رئيس مصلحة الشهر العقارى، وكان ذلك يستلزم انتقالى إلى القاهرة، والحياة بينهما مختلفة تماما، فالمنيا أكثر جمالا وهدوءاً، والناس فيها يعرفون بعضهم البعض جيدا، والحياة أكثر حميمية، لكن القاهرة مجالها أوسع فى طلب الرزق، وقد كنت أتردد على القاهرة كثيرا لأشترى ملابسى.
■ وما هى أجمل المدن المصرية برأيك؟
- الإسكندرية، ففيها قضيت الكثير من إجازاتى منذ كنت طفلة، ولى فيها ذكريات لا أستطيع نسيانها.
■ وماذا عن رحلاتك خارج مصر؟
- سافرت دولا كثيرة، وزرت أكثر من ٢٥ دولة، لكن أجمل دولة سافرت إليها هى «روما» فهى متحف أوروبا.. أشعر وأنا أسير فى شوارعها بأننى أسير وسط التاريخ، ومن أجمل رحلاتى أيضا زيارتى لأوغندا حيث انبهرت ببحيرة فيكتوريا التى ينبع منها النيل.
■ بماذا تحلمين؟
- أحلم بالصحة والستر وراحة البال لى ولأسرتى ولأحبائى وكل المصريين.
■ لو أتيحت لك فرصة لإرسال رسالة إلى زوجك.. ماذا تقولين له؟
- لقد تعلمت منك الكثير ولك كل الشكر.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com