تربت أجيالاً مختلفة على حُب فيلم «الأسد الملك»، وارتبطوا بشخصياته ارتباطًا كبيرًا، حتى أن بعضهم يحفظ عن ظهرِ قلب جُملاً كانت ضمن الحوار، ويتذكرون مغامرات «تيمون وبومبا»، تلك التي تحوّلت فيما بعد إلى سلسلة أفلام مستقلة تحمل اسمهما بعيدًا عن فيلم «الأسد الملك».
كما تُحفظ في الأذهان علاقة الملك «موفاسا» بابنه «سيمبا»، والدروس التي كان يعلمه إياها عندما كان شِبلاً، تمهيدًا لأن يكون ولي العرش من بعده، لولا ألعاب الشرير «سكار» الذي تميز بجبروته، واستطاع بمكره تولي عرش المملكة بعد أن قتل «موفاسا» وحَرّض «سيمبا» على الهرب.
طُرح الفيلم في البداية داخل العالم العربي باللغة الإنجليزية، وعُرض في السينما ونال استحسان الجمهور، واستطاع تحقيق شعبية كبيرة رغم كونه مترجم فقط. لهذا السبب فكرت «ديزني» في الدوبلاج، وتحويل أصوات الممثلين من الإنجليزية للعربية، بعد مرور أكثر من 20 عامًا على التجربة الأولى في فيلم «سنووايت والأقزام السبعة»، ليكون بذلك ثاني فيلم يدبلج لشركة «ديزني».
من هنا، بدأت الشركة بحثها عن مخرج فني جيد يستطيع تولي مهمة تعريب النسخة الإنجليزية بجودة عالية لا تخل بالمحتوى الأصلي، وتحافظ على قيمته الفنيّة الكبيرة التي اكتسبها منذ طرحه للجمهور، مع مراعاة أن يكون هذا الشخص موسيقيًا، وخبيرًا في التوزيع الموسيقي، الأمر الذي سيساعده بشكلٍ كبير على اختيار الأصوات المناسبة بشكل جيد، بالإضافة إلى تعريب أغاني الفيلم، وتوفيق موسيقاه التصويرية مع الأحداث وأداء الممثلين العرب.
سمير حبيب، الموزع الموسيقي، وأحد أهم أعضاء فرقة «الجيبسي» الشهيرة، الذي قام بتلحين معظم أغانيها، ومكنته من تحقيق شهرة في دول عديدة بالعالم منذ منتصف السبعينيات، كان صاحب الحظ السعيد في اختياره ليتولى مهمة «ديزني» داخل الشرق الأوسط، بعد أن تلقى اتصالاً -دون سابق تمهيد- من الشركة لتخبره أنهم بصدد تعريب النسخة الإنجليزية من الأسد الملك، وأنهم اختاروه ليكون مخرجًا فنيًا لها، وعليه أن يقدم خطته في مدة 3 أشهر، ويقترح الأصوات المناسبة لكل شخصية، على أن يرسلها للشركة لتأكيد الموافقة عليها.
يقول حبيب، في لقاء مع إسعاد يونس ببرنامجها صاحبة السعادة: «كنت في يوم بتفرج على فيلم lion king في سينما التحرير، وقعدت أسح عياط، وأتأثرت بالفيلم أوي، بعديها بأسبوع لقيت تليفون.. ألو، تعمل كذا كذا، قولتله باشا تحت أمرك، ومن هنا ابتدينا، وعملنا أول فيلم lion king».
عِشق حبيب للفيلم -لدرجة رهانه أمام إسعاد يونس أنه يستطيع تسميع حواره أمامها من أول مشهد حتى آخر مشهد- كان مدخله لصناعة دوبلاج لم يقل قيمة وأهمية عن الفيلم الأصلي، بل إنه زاد عليه بأصوات وأداء الفنانين المميز، الذين اختارهم بعناية وتحت إشراف شركة «ديزني»، حتى أن الشركة نفسها أرسلت بعد سماع النسخة النهائية رسالة شكر وتحية لجهوده والفريق المعاون.
«إحنا كان بيجيلنا ردود فعل من إدارة والت ديزني بعد ما بنعمل أي شغل، لو قولتلك هم قدرونا إزاي: one of the best copies».
حكى سمير حبيب عن كواليس التحضير للفيلم في الفترة التي استغرقتها عملية الدوبلاج، مشيرًا إلى أنه لم يضف أي توزيعات جديدة لأغاني الفيلم وموسيقاه، «بيجيلنا الساوند تراك من بره، والدكتورة جيهان ناصر هي اللي كانت بتقود الفوكال».
وكشف حبيب عن شرط شركة ديزني الوحيد قبل التعاقد معه على فيلم الأسد الملك، قائلا: «قالولي مافيش ibm»، واستطرد في حديثه شارحًا معنى شرط ديزني، بأنهم حذروه من استخدام تعبيرات المصريين المطاطيّة التي لا تعطي إجابات واضحة، وهم بترتيب الحروف من اليسار لليمين، i بمعنى «إن شاء الله»، وb تعني «بُكرة»، وm تشير إلى «معلشي».
«اتعلمنا الأدب، وكل حاجة محسوبة بالثانية.. اتعلمنا ده، وده اللي ممكن يطلع الواحد بره يشتغل، إحنا بنشتغل دلوقتي مثلاً مع سبيلبيرج».
يستكمل حبيب حديثه عن كواليس دوبلاج الفيلم، مؤكدًا أن أكثر مقطوعة يفضلها فيه هي الموسيقى الافتتاحية، لما فيها من جهد يوضح كيف تتعامل شركة ديزني مع أدق التفاصيل بمهارة وحرفيّة كبيرة.
يقول حبيب: «الدخلة بتاعة فيلم lion king، دي دخلة سِت بتغني بس بطبقة رجالي، فسألت ليه كده؟ طب ماتجيبوا واحدة ست صوتها حنين يعني؟ قالك لأ، دي الطبيعة»، مشيرًا إلى أن هذه الأغنية تحديدًا قامت بغنائها زوجة أحد أعضاء فريق الجيبسي، وهي دنماركية الأصل، لكنها استطاعت غنائها بالعربية بـ«إبداع»، على حد وصفه.
أما فيما يخص شخصيات العمل، أكد حبيب أن أكثر شخصية أرهقتهم في اختيار صوتها العربي، هي شخصية «تيمون»، بعد أن استغرقوا في البحث عن صوت مناسب مدة اقتربت من 3 أشهر متواصلة، وكلما أحضروا ممثل ترفضه شركة «ديزني» وتطلب تغييره، حتى وقع الاختيار على محمد هنيدي، قبل أسبوع واحد من المدة المحددة من جانب الشركة لعمل المكساج، لتوافق عليه «ديزني» دون تردد.
يُذكر أن فيلم «الأسد الملك» بنسختة العربية أحدث وقت صدوره بالسينما والأسواق العربية ضجة كبيرة، وكان حديث الساعة في مصر ودول الخليج العربية، حيث لاقت نسختة المدبلجة باللهجة المصرية استحسان منقطع النظير، ومن أبرز أبطاله محمد هنيدي، وعبدالرحمن أبوزهرة، الذي قام بأداء دور الأسد «سكار».
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com