تعامدت الشمس على معابد الكرنك الفرعونية في مدينة الأقصر التاريخية، صباح الثلاثاء، وألقَتٌ بأشعتها الذهبية على قدس أقداس «آمون »، بحضور 1650 سائحا وسائحة أجنبية، ومئات المصريين، الذين تمكنوا من رؤية التعامد بصورة واضحة، من أماكن مختلفة داخل المعابد الشهيرة، بداية من البوابة الشرقية، ومن صالة احتفالات الملك تحتمس الثالث ومن أمام قدس الأقداس ومن الساحة الأمامية للمعبد، وسط أجواء ساحرة، واحتفالات شعبية حاشدة.
وجرى تعامد الشمس على قدس أقداس المعبود آمون وسط معابد الكرنك، بحسب عالم المصريات الدكتور محمد يحيى عويضة، في صورة لما كان يجرى قبيل آلاف السنين، حيث كان التعامد يجرى قديما في يوم «نقل الشمس وبداية فصل الشتاء» لدى قدماء المصريين حيث كانت الشمس وما تزال تتعامد على قدس أقداس الإله آمون، ثم تنتقل إلى بهو الأعمدة مشكلة علامة «الأخت» الفرعونية بمعنى «الأفق» في تأكيد لعلاقة آمون بعبادة الشمس.
وقال الدكتور محمد بدر، محافظ الأقصر، إن ظاهرة تعامد الشمس على معابد الكرنك، صارت ضمن أهم الأحداث على الأجندة السياحية للمدينة، التي ستشهد مجموعة من الفعاليات الفنية والسياحية والأثرية، اعتبارا من اليوم وعلى مدار شهور العام، ضمن الجهود الجارية للخروج من الأزمة التي يعانى منها قطاع السياحة الثقافية بمصر منذ سنوات، والتي تتضمن إبراز مثل تلك الأحداث التاريخية، وتسويقها في الداخل والخارج، بهدف جذب مزيد من السياح، وزيادة اعداد الليالي السياحية في الأقصر، التي تضم بين جنباتها عشرات المعابد، ومئات المقابر لملوك وملكات ونبلاء وأشراف الفراعنة.
وقال علماء مصريات إن ظاهرة تعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون في معابد الكرنك، تزامنت مع تعامد مماثل للشمس على قدس أقداس الإله آمون في معبدالملكة حتشبسوت غرب الأقصر والمعروف باسم معبدالدير البحري وذلك ضمن ما يسمى بيوم الانقلاب الشتوي الذي يعد إيذانًا ببدء فصل الشتاء.
ويفسر الدكتور مصطفى وزيري، المدير العام لأثار الأقصر، ذلك التزامن لتعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون في معابد الكرنك ومعبدالملكة حتشبسوت، بقوله بأن محاور معبدي الكرنك الدير البحري تتجه ناحية الأفق الذي تشرق منه الشمس في يوم الانقلاب الشتوي، الأمر الذي يؤكد أن قدماء المصريين كانوا على دراية تامة بحركة الأرض حول الشمس أو الحركة الظاهرية للشمس حول الأرض، كما أن معابد الكرنك، ومعبدحتشبسوت يقعان على محور هندسي واحد.
وقال الباحث المصري الدكتور أحمد عوض إن تعامد الشمس على المعابد المصرية القديمة، ليس محض صدفة، وأن طرق بناء وجهة المعابد والمقاصير المصرية القديمة تم بناءً على مفاهيم معمارية ودلالات دينية كانت سائدة في مصر الفرعونية، تؤكد على أن بناء المصري القديم لمعابده وعمائره الدينية تم من وجهة نظر لاهوتية، حيث أقامها ودشنها كبرزخ سماوي يسلكه قرص الشمس مع معبوده ورفقته المقدسين في ترحالهم ما بين العالم السفلي والعالم المرئي، وعليها يتأكد لنا أن كافة المعابد والعمائر الدينية التي اقامها الفراعنة تتوجه قبلتها نحو مواطن شروق أو ظهيرة أو غروب قرص الشمس سواء بصورة فلكية مباشرة في أيام أعياد بعينها أو بصورة رمزية طبقاً لما ورد في النصوص الدينية، مما يدفعنا إلى مناقشة الآراء الشائعة حول التقويم المصري القديم وذلك لتحديد مواقيت تلك الأعياد على ذلك التقويم وما يوافقها بالتقويمين «اليولياني» و«الجريجوري»،
وعلى هذا يتبين صدق مقصد المصري القديم في تدشين ظاهرة تعامد أشعة الشمس على معابده ومقاصيره المقدسة إبان شروق أيام بعينها وهو أمر تؤكده الدلالات اللاهوتية لأشعة الشمس.
وأشار «عوض» إلى أنه توصل لدراسات تؤكد أن معابد حتشبسوت وكلابشة ودندرة وإدفو وهيبس ودير الحجر وقصر غويطه، تشهد تعامدا للشمس في أيام محددة، وإحياءً لمناسبات دينية وتاريخية ترتبط بمن شيدوا تلك المعابد من ملوك ونبلاء مصر القديمة.
يذكر أن المناطق الأثرية المصرية تحتوى على العديد من المعالم التاريخية التي تؤكد تقدم قدماء المصريين في مجال علوم الفلك، مثل منطقة وادي النبطة الواقع شمال غرب أبوسمبل وذات القيمة الفلكية الكبيرة والذي عثر فيه على أول بوصلة حجرية وأقدم ساعة حجرية تحدد اتجاهات السفر وموعد سقوط المطر ويرجع تاريخهما إلى 11 ألف سنة، وهو أقدم دليل تاريخي حدد بدايات السنة والانقلاب الشمسي والاتجاهات الأربعة وهو من أعظم الاكتشافات الفلكية في مصر والعالم ويؤكد امتلاك المصريين القدماء لفنون وعلوم وأسرار الفلك باقتدار، ويأتي تعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون ضمن 4500 حدث فلكى عرفته مصر الفرعونية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com