عبّر البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، مجددًا عن غضبه بشدة من استمرار الهتافات المناهضة له خلال التظاهرات التي شهدتها مصر على مدار الأسابيع الماضية، احتجاجًا على استمرار احتجاز كاميليا شحاتة، زوجة القس تداوس سمعان، كاهن دير مواس داخل الكنيسة منذ أكثر من شهرين، معتبرًا أن الهدف من تلك التظاهرات "تحريض الدولة على الكنيسة"، مبديًا استياءه كذلك من التغطيات الصحفية للفعاليات المنددة بموقف الكنسية، وردود الفعل الاحتجاجية على تصريحات الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس التي وصف فيها المسلمين بأنهم "ضيوف" على الأقباط "أصل البلد"، وتشكيكه في عصمة القرآن الكريم.
واعترف البابا شنودة في افتتاحية مجلة "الكرازة"، الناطقة باسم الكنيسة، الصادرة أمس تحت عنوان "حول الأحداث ولزوم التهدئة" بأن تلك التظاهرات تؤرق مضجعه، قائلاً "الأسابيع الماضية كانت صعبة جدًا وزاد الأمر خطورة مظاهرات غاضبة في بعض جوامع القاهرة والإسكندرية بها إهانات للكنيسة وسب ولعن وإثارة للجماهير ولافتات وتوزع بها منشورات تستعدي المسلمين علي المسيحيين، واستعداء للدولة علي الكنيسة، وإلهاب للمشاعر، وتنتقل نفس المظاهرات إلى الإسكندرية بنفس الأسلوب، ثم تحاول الانتقال إلى طنطا وسلام البلد يهتز".
وحمل البابا على الصحف ووسائل الإعلام التي تقوم بتغطية ومتابعة الجدل القائم في مصر حول موقف الكنيسة وردود الفعل الغاضبة حولها، قائلا "نفس الإثارة أضيفت في بعض الجرائد وبعنف، وأصبح أخبار التوتر الديني تتصدر الصحف وأهم من بعض الأخبار السياسية الهامة، وأخبار زيادة الأسعار وكان لابد من عمل التهدئة ولذا ظهرت في أكثر من لقاء تلفزيوني لهذا الغرض".
وكان البابا الذي امتنع عن إلقاء عظته النصف شهرية بالإسكندرية أمس، احتجاجا على استمرار التظاهرات ظهر في أكثر من مقابلة تلفزيونية في محاولة لاحتواء تصريحات "الرجل الثاني، وعلى الرغم من إعلانه بداية استعداده لـ "ترضية" المسلمين الغاضبين إلا أنه عاد وأكد أنه لم يعتذر عن تلك التصريحات التي زعمت تعرض القرآن الكريم لـ "التحريف" عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي جدد فيه رفضه بشكل مطلق الاستجابة للتظاهرات المطالبة بإطلاق كاميليا، زاعمًا أن احتجازها داخل الكنيسة بإرادتها.
وعلى الرغم من استمرار التظاهرات حتى بعد تصريحاته التلفزيونية، إلا أنه اعتبر أن ظهوره أدى إلي هدوء الأمور بعض الشيء في الصحف، "لكننا في كل يوم جمعة ننتظر هياجًا شديدًا، وشكلاً من الإثارة بعد الصلاة"، ملمحًا بذلك إلى التظاهرات التي شهدتها القاهرة والإسكندرية خلال الأسبوعين الماضيين في أعقاب صلاة الجمعة بمسجدي الفتح برمسيس والقائد إبراهيم بالإسكندرية.
وأشاد البابا بسعي الرئيس حسني مبارك من أجل تهدئة الأمور بصفته راعيًا لهذه الأمة وحفاظًا على سلامتها واجتماعه بقادة المفكرين والمثقفين وإصدار توجيهاته بضرورة أن يضطلعوا بدورهم في مواجهة ما وصفها بـ "دعاوى التطرف والانغلاق وعدم وجود أي فرق بين المسلم والمسيحي، لأننا دولة مدنية تطبق المواطنة".
وشدد الرئيس مبارك على أن المساس بالوحدة الوطنية خط شائك وخطر لن يسمح لأحد بتجاوزه، متوعدًا زارعي الفتنة الطائفية، بأن "أحدًا ليس فوق القانون"، مكررًا ذلك خلال لقائه مع المحافظين وفي الاحتفالات بانتصار أكتوبر.
وفي الوقت الذي لم تبد فيه الكنيسة إجراءات ملموسة استجابة للدعوات المطالبة بإطلاق "مواطنة مصرية"، أيًا كان عقيدتها، قال البابا شنودة إنه يتمنى من الله أن يحفظ مصر من خطر الطائفية وحمايتها من التطرف والعنف والفتن وأن يستيقظ الناس فلا يصغوا لكلام الإثارة، على حد تعبيره.
من جانب آخر، أعلن المقر البابوي أن البابا سيسافر إلى هولندا، خلال الفترة من 15 إلى 17 من الشهر الجاري، لتدشين مذابح كنيستي لاهاي وإيندنهوفن وافتتاح المركز الثقافي القبطي بأمستردام كما سيلتقي مع الأقباط هناك في لقاء مفتوح.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com