خرجت الخلافات بين أتباع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والحوثيين إالى العلن بعد ستة أشهر من محاولة إيجاد جبهة معارضة عسكرية موحدة.
الاتهامات الموجهة من الحوثيين لاتباع الرئيس السابق بالوقوف وراء الفساد المتفشي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم واتهام الحوثيين لصالح بمحاولة تصدر المشهد السياسي من خلال التصريحات النارية ضد السعودية والحكومة الشرعية، وشكوى حزب الرئيس السابق من قيام الحوثيين بإقصاء كوادره من أجهزة الدولة، باتت كلها حديثا علنيا ومحل تجاذبات بين أتباع الطرفين.
محمد المقالح عضو اللجنة الثورية العليا التي تدير العاصمة والمناطق الخاضعة للحوثيين، وغيره من قيادات جماعة الحوثي، عبروا عن موقفهم من الرئيس السابق وأتباعه بوضوح ووصل الأمر إلى طرد مسؤول في رئاسة الوزراء هدد بانتقاد زعيم الحوثيين، ردا على الانتقادات الموجهة من الجماعة للرئيس السابق.
مع بدء العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية حرص الرئيس السابق على البقاء خلف الحوثين، رغم أن قوات الحرس الجمهوري التي احتفظت بولائها له هي من فتحت الطريق أمام الحوثيين للاستيلاء على العاصمة وغيرها من مدن البلاد، انتقاما من خصومه مثل الرئيس عبد ربه منصور هادي واللواء علي محسن الاحمر وحزب الإصلاح.
لكن وبعد أسابيع من بداية العمليات العسكرية قصفت الطائرات السعودية منزل الرئيس السابق في صنعاء وفي مسقط راْسه بمديرية سنحان وامتدت الغارات إلى كل منازل أقاربه والمعسكرات الخاضعة لسيطرته في صنعاء وغيرها، ومعها خرج صالح يعلن أنه الآن سيكون حليفا للحوثيين في ميدان القتال، وزاد على ذلك بأن أكد أن الحروب الست التي شنها على الحوثيين خلال فترة حكمه كانت حروبا سياسية وليست إيدلوجية، في إشارة واضحة الى السعودية وحلفائها في اليمن.
هذا الموقف وفقا للجانب الحكومي لايشكل تحولا في موقف الرجل، بل اعتبره إقرارا بما هو قائم بالفعل، وهو أمر كان محل استهجان الرئيس السابق وقيادات في حزبه جزمت بأن قتال قوات الجيش الموالية للرئيس السابق كان نتاج سيطرة الحوثيين على وزارة الدفاع.
الرئيس السابق الذي أصبح هدفا للسعودية باعتباره الحليف الذي انقلب عليها كان ومازال يمتلك قوة فاعلة في الجيش وفي صفوف الحزام القبلي المحيط بصنعاء، وأثبتت الأحداث أنه يتمتع بنفوذ أيضا في محافظات كبيرة مثل تعز وأب والحديدة، حيث يقاتل أتباعه إلى جانب الحوثيين كما تقاتل وحدات الجيش المؤيدة له السعوديين على الشريط الحدودي، وهو ما جعل التحالف يقيم اتصالات مباشرة معه عبر وساطة عمانية.
الاتصالات الجارية حاليا بين الحكومة السعودية والرئيس السابق علي عبد الله صالح ساهمت في تأجيج الخلافات الموجودة أصلا بحكم الحروب السابقة الدامية بين الجانبين، وبحكم أيضا الخلاف الأيدلوجي بين الطرفين حيث يقدم حزب الموتمر الشعبي نفسه حزبا يمينيا لادينيا، خلافا لجماعة الحوثي التي ترى في نفسها جماعة دينية يسارية.
وفي ظل الشكوك المتعاظمة بين الخصمين السابقين فإن أي تقدم في الاتصالات الدائرة مع التحالف تزيد من رقعة الخلافات، وربما تصل إلى مرحلة الصدام، إذ أيقنت دول التحالف بعد تسعة أشهر على الحرب أن بقاء تحالف صالح والحوثيين لن يساعد على تحقيق انتصار مقبول يقود الى تسوية مطمئنة بأن لايكون لطهران نفوذ فعلي داخل اليمن.
ولأن الرئيس السابق صاحب خبرة سياسية وعسكرية أثبتت فاعليتها خلال المواجهات فإنه لن يغامر بمواجهة مسلحة مع الحوثيين، كما يأمل خصومه، ولكنه ووفق مراقبين سيعمل على إيجاد مخرج سياسي يشمل الحوثيين أيضا بعد أن يعلم هؤلاء أنه لن يستمر بالقتال معهم، على غرار التسوية التي تمت عند الإطاحة به في العام ٢٠١١ عبر المبادرة الخليجية التي ضمنت خروجه الأمن من السلطة واحتفظت لحزبه بدور رئيسي في إدارة الدولة وفي الحياة السياسية بشكل عام.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com