جدل وتكهن وتصريحات أقرب للتنجيم السياسي متعلقة بلقاء مرتقب يجمع الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.. البعض وجه بوصلة اللقاء للسعودية، والأخر تكهن بزيارة السيسي إلى أنقرة لتسليم رئاسة المؤتمر الإسلامى.
وأخيرا شطح خيال البعض للحديث عن زيارة "أردوغان" إلى القاهرة مرجحا الشهر المقبل كموعد للقاء المستحيل بين الغريمين على زعامة المنطقة.
وبعد هدوء عاصفة التصريحات، نشط الغبار في العلاقات بين البلدين من جديد على خلفية غزل يحمل مكيدة لوزير الخارجية التركى مولود جاويش أوغلو حول تطبيع العلاقات الرياض، قابلها رد حاسم من نظيره سامح شكري رفض خلاله دس السم في العسل والحديث عن الشأن الداخلى المصري بزريعة إعادة التطبيع.
وبعيدا عن سم "أوغلو"، وحسم "شكري"، ترصد "فيتو" خلال التقرير التالى 5 أسباب تؤكد استحالة وجود لقاء يجمع بين السيسي وأردوغان.
أولا، القاهرة اختارت الاتجاه شرقا ونقلت ثقلها السياسي والعسكري إلى المعسكر الشرقى-روسيا-، التي تناصب تركيا العداء على خلفية موقفها من الرئيس السوري بشار الأسد، علاوة على إسقاط مقاتلها "السوخوي" الحادث الذي وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"الطعنة في الظهر"، وفتح ملف المصالحة مع تركيا في هذا التوقيت السياسي الحرج سوف يكلف القاهرة الكثير على صعيد الخطوات التي اتخذتها تجاه التقرب من الدب الروسي، والتي تعول عليه كثير للتصدي للشروط الأمريكية التي تمليها واشنطن لصالح جماعة الإخوان.
ثانيا، الرئيس عبدالفتاح السيسي، يدرك جيدا برغم تصدع مصر اقتصاديا أنه رئيس لدولة ذات ثقل في المنطقة تصارع تركيا على الزعامة بعدما استلغت –أنقرة- الغيبة السياسية لمصر وسعت لفرض زعامتها على منطقة الشرق الأوسط، وتريد تهميش كل القوى العربية لصالح المشروع العثمانى، ومثل هذه الزيارة سوف تعد بمثابة "صك" لبيع الدور المصري وإهانة لرئيس الدولة.
ثالثا، الرؤية المصرية لملفات المنطقة تتعارض مع نظيرتها التركية في سوريا وليبيا، بالإضافة إلى سعى أردوغان للتواجد في العمق الإفريقى وسط تقارير تشير إلى تروطه في "سد النهضة" بإثيوبيا ومعاونة "اديس أبابا" على مشروعها الهادف لتعطيش القاهرة، ولن يجد الطرفين ملف مشترك على طاولة مفاوضات تجمعهما سوي العراك السياسي والكيد الدبلوماسي.
رابعا، النظام التركى يداعب الخليج بشكل عام، ووقع رسميا عقد زواج كاثوليكى مع النظام القطري، على الصعيد العسكري والاقتصادي.. والألغام المرزوعة في الطريق بين القاهرة والدوحة تهدد العاصمتين بالتفجير في حال السير دون اتخاذ خريطة ألغام قطر في الحسبان، والتي يراها النظام التركى الآن طوق نجاة لأزمة الغاز التي لحقت به عقب قطع العلاقات مع روسيا وشروع "بوتين" في اتخاذ إجراءات اقتصادية عقابية لحكومة أردوغان.
خامسا، وهذه النقطة "أم الأسباب"، بعد التصريحات العنترية للرئيس التركى ضد مصر على خلفية عزل محمد مرسي، والإطاحة بجماعة الإخوان وهدم مشروع إقليميى لتنظيم "البنا"، بالإضافة إلى الشروط الأردوغانية للمصالحة التي تقضى بإلغاء أحكام الإعدام والإفراج عن قيادات الجماعة ومرسي، بهدف حفظ ماء الوجه للعنترية التي تبناه الرئيس التركى في هذا الملف، وتحويله "إسطنبول" إلى جنة للهاربين من عناصر الجماعة، الأمر الذي يستحيل للنظام التركى التراجع عنها الآن عقب تورطه داخل مستنقعه منذ عامين.
في المقابل تراجع النظام المصري خطوة للخلف في هذا الملف سوف تكلفه الكثير أمام الجموع الشعبية، خاصة أن خطاب رأس النظام –السيسي- دائم التذكير بإرهاب الجماعة بسبب تورطها في أعمال العنف والقتل التي تطول العسكريين والمدنيين على حد سواء.
خلاصة ما سبق تؤكد أن ما يتردد عن لقاء في الأمد القريب بين الرئيسين ضرب من الخيال، وحال تمت مصالحة بوساطة سعودية لن تتخطى لغة المصالح الاقتصادية والسياسية التي تمليها ظروف المنظقة بطريقة تحرك مياه العلاقات الراكدة، بعيدا عن التطبيع على مستوى مؤسستى الرئاسة مثلما افصح الرئيس التركى في وقت سابق.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com