ماجد سوس
أصعب طائفة من البشر أولئك المظلومون الذين قدموا للوطن و المجتمع الكثير وكان طريق كفاحهم ليس بالأمر الهين فنحتوا نجاحهم كتلك المنحوتات التي قام بها أجدادهم الفراعنة في القديم و بدلا من أن يكرمهم الوطن و يفخر بهم ، بات يهدد حياتهم و مستقبلهم ويهدم تاريخهم المشرف عوضاً عن التكريم و رفع شأنهم عاليا كيلت لهم الإتهامات لكسرهم و هدمهم و الزج بهم في غياهب السجون ظلما.
إخترت من كل هؤلاء رجل يمر بظروف عصيبة جدا و مطارد و طريد و مجروح حتى من أحبائه فأصدقاء الأمس صاروا أعداء اليوم و الذين تغنوا بحكمته و رجاحة عقله هم الذين يقدمونه اليوم قربان لألهة الظلام ، زاهقين الحق الواضح الجلي، متمسكين بالباطل مع رجل عملاق تتحدث عنه كل أوطان الدنيا عدا وطنه الذي فنى نفسه من أجله.
حصل الأستاذ الدكتور يوسف بطرس غالي على البكالوريوس فى الاقتصاد من جامعة القاهرة عام1974
ثم حصل على الدكتوراة عام 1981من معهد ماساشوتس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة.،
ولتألقه وقدرته العجيبة على الابداع فى المجالات الاقتصادية ورؤيته المتفردة لدور القطاعات المالية والمصرفية وأساليب إدارتها بجانب موسوعيته الثقافية والعلمية و إصداره للعديد من نفائس الكتب الإقتصادية ، تفرده على المستوى الوطنى والعالمى حتى ذاعت شهرته مبكرا
فبعد حصوله على الدكتوراه عمل بالتدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ومعها بدأ العمل العام أيضا فشغل منصب مدير مركز التحليل الاقتصادى بمجلس الوزراء وكان له دور كبير فى تحديد الخطوط الرئيسية لعمل الوزارات المالية والاقتصادية كما اختاره البنك الاهلى المصرى عضواً بمجلس إدارته من عام 19991م ولفترة ثلاث سنوات كاملة
كما عمل مستشاراً اقتصادياً لكلمن رئيسمجلس الوزراء ومحافظ البك المركزى منذ عام 1986م ولمدة ثمانية سنوات
ولم تهمل المؤسسات التعليمية والعلمية فرصة الإستفادة من المحاضر الأقتصادى غير التقليدى الدكتور يوسف بطرس غالى فعمل محاضراً في الخارج بمعهد ماساشوستسن للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية ومحاضرا للإقتصاد فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة
كما كان للدكتور غالى دوراً كبيراً وبارز فى مؤسسة الحكم المصرية حيث إختارته القيادة السياسية السابقة وزيراً للتعاون الدولى ولشئون مجلس الوزراء من ابريل 1993 وحتى ديسمبر1995م ووزيراً للشئون الاقتصادية من يناير 1996 وحتى يونيوة 1997 م ووزيراً للأقتصاد من اكتوبر عام 1999 ثم شغل منصب وزير التجارة الخارجية من بداية نوفمبر 2001 ثم وزير للمالية بعدها حتى سقوط الحكومة في فبراير 2011
و من السذاجة أن نلتفت للمغرضين الذين يتهمون مبارك انه وضعه في هذه المناصب مجاملة لعمه العملاق الراحل الدتور بطرس غالي الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة لأنه كفاءة يوسف غالي جعلته يتبوأ مكانة عظيمة بين نظرائه في العالم و لعل واحدة من تلك المكانة إختياره في منصب من أرفع المناصب في العالم فقد انتخب ليرأس لجنة تحديد السياسات في صندوق النقد الدولي ليكون الاول على الاطلاق مندولة صاعدة الذي يتولى هذا المنصب.
كان للدكتور غالى دوره المشهود عالمياً فى تطوير اداء وزارة المالية المصرية خاصة مصلحة الضرائب والارتقاء بالعاملين بها ورفع مستوى ادائها لتصبح نموذجاً يحتذى به فى اسيا وافريقيا وحصل على جائزة أفضل وزير مالية لعام 2009 فى القارتين خلال استفتاء اجرته مجلة " امزيكان بانكر " الشهيرة وتسلم جائزة الفوز خلال احتفال خاص على هامش الاجتماعات السنوية المشتركة لصندوق النقد والبنك الدوليين والتى أقيمت فى اسطنبول بتركيا وتأتى اهمية الجائزة من الموقع الهام الذى تحتله هذه المجلة المذكورة كمجلة رائدة متخصصة فى متابعة وتحليل أداء القطاعات المالية والمصرفية فى افريقيا وقد اجرت استفتاء للجائزة بمشاركة معظم المسئولين الاقتصادين والتنفيذين وكبار مديرى المؤسسات والمصارف المركزية والبنوك التجارية وتقدم جائزتها سنوياً لأفضل وزير مالية وأفضل بنك مركزى و أفضل مصرف
و رغم الركود العالمي والأزمة المالية العالمية غير المسبوقة الا أنه أنقذ مصر من إفلاس وشيك وإتهمه الجهلاء أنه الذي تسبب في غلاء المعيشة وهو أمر ليس له شأن به بل على العكس بالحقائق المقرونة بالدلائل الأرقام تؤكد أن إختياره كأفضل وزير مالية في قارتي أسيا و أفريقيا لم يكن جزافاً فمجموعة القوانين التي أصدرها في سنواته الأخيرة كوزير للمالية تضاهي أفضل قوانين الضرائب في العالم كقانون المعاشات الجديد والتأمينات والضرائب العقارية وإشكالية العملات المعدنية وقانون الإصلاح الضريبي والدمغات. وبعد أن كان مأمور الضرائب المصري يقوم بالتقدير الجزافي للممولين أصبح يقدم الممول إقراره الضريبي – مثل الولايات المتحده- فتأخذ به مصلحة الضرائب على أساس أن الممول صادق وشريف حتى يثبت العكس .
والمشكلة أيضاً التي واجهت الدكتور غالي أنه أتي بعد الوزير محي الدين الغريب المتهم بالآستيلاء على المال العام وقد سلمه الوزارة خربة وقد حورب الرجل من اليوم الأول لتوليه المسئولية حتى أن إحدى الجرائد الصفراء كتبت عنوان كبير كيف يتولى قبطي الإشراف على بيت مال المسلمين (!). وحتى لا يقال أننا نساند الدكتور غالي لأنه قبطي فدعونا نفند كل ما قيل أو قدم عنه وضده
1- بعد قيام الثورةوفي اليوم التالي مباشرة تقدم الصحفي الهمام مصطفى بكري صاحب جريده أنتشرت على دماء الأقباط ، ببلاغات كيدية ضد يوسف غالي أتهمه بمنح ابناء المسئولين بالدولة اعفاءات جمركية لسياراتهم الخاصة و قد أمر النائب العام بسرعة الفحص و التحرى لملفات جمارك السيارات الخاصة بكبار مسئولى الدولة فاثبت التحقيق كذب الادعاء.
2- فأتهمه بشراء اراضى بأبخس الاسعار فى منطقة البحر الاحمر فأصدر النائب العام قرارا بسرعة التحرى عن املاكه العقارية قبل و بعد توليه الوزارة ضمن قرار بالتحرى عن الملكيات العقارية لأربعة عشر وزيراً هو احدهم فكانت المفاجاة ان يوسف بطرس غالى هو الوزير الوحيد بحكومة احمد نظيف الذى لا يمتلك اى اراضى أو عقارات فى محافظة البحر الاحمر و أنه هو الوزير الوحيد الذى لم يتملك أو يبيع اى اراضى طوال فترة توليه الوزارة ؟ فيما أدانت التحريات كل الثلاثة عشر وزيرا الذين تم تضمينهم فى القرار معه خرج يوسف بطرس غالى من هذا الاتهام.
3- قدم بلاغ ضد غالي أنه قام بتحويل امواله للخارج و رغم انها ليست تهمة ما دامت امواله الخاصة و بطرق مشروعة الا النائب العام خاطب البنك المركزى بالتحرى عن اى تحويلات مالية من مصر الى خارج مصر قام بها يوسف بطرس غالى عن طريق اى بنك و كانت المفاجاة أنه لم يحول من مصر الى الخارج طوال فترات وزارته اى اموال و بالتالى فكل امواله فى الخارج هى من عمله كاُستاذ للمالية العامة بجامعة السوربون بفرنسا و تأليفه اكثر من خمسين مرجع باللغة الفرنسية فى علم المالية العامة ضمن مطبوعات مكتبة السوربون و عمله كخبير تقييم مالى فى البنك الدولى و صندوق النقد الدولى لسنوات طويلة كما أسلفنا.
4- قدمت ضد الدكتور غالي تهمة أخرى وهي أنه أنه أقام حملة اعلانات فى التليفزيون المصرى الحكومى و عبر وكيل اعلانى حكومى هو شركة صوت القاهرة للصوتيات و المرئيات أنتج فيها و عرّض مجموعة اعلانات تدعو المواطنين الى الانتظام فى دفع الضرائب و تخطرهم بان صورة مفتش الضرائب الذى يرفض سجلات المواطن و يفرض على المواطن أرباحا جزافية يتم فرض ضرائب بتقدير عشوائي جزافي فيها ، قد تغير .كما انه فى حالة تقدم المواطن بنفسه لمصلحة الضرائب طالبا محاسبته و مظهرا سجلاته الحقيقية لن تتم مساءلته عن أى سجلات و تقديرات مزورة سبق ان قدمها للضرائب خلال سنوات محاسبته السابقة.
و رغم ان تحفيز المواطنين على القيام بدورهم الوظيفى هو مهمة وطنية كانت معلقة فى عاتقه ابان ولايته على وزارة المالية و رغم انه تعاقد مع شركات حكومية و عرض اعلانات حملته من خلال قنوات حكومية أى انه دفع اموالا من الباب الأيمن للخزانة المصرية إلى الباب الأيسر من ذات الخزانة
و رغم ان تلك الحملة الدعائية أتت اٌكُلها و إطمان المواطن الى مصلحة الضراب و بدا يحاسبها بصدق حتى ان عائدات مصر من الضرائب فى عهده تضاعفت ثلاثة مرات فيما انه خفّض سعر الضريبة من 90% من الأرباح فى بعض الشرائح الى شريحة موحدة 20% فقط لا غير.
5- لم يجد مصطفى بكرى و ابراهيم عيسى وائل الابراشى شيئا يلوثون سمعة الدكتور غالي به الا ان ينشروا صور القصور الثلاثة التى يمتلكها بحق الميراث الشرعى قائلين انها قصور أثرية فى محاولة يائسة منهم ان يوهموا جُهال الناس انها قصور اثرية استولى عليها من الدولة غير عالمين ان القانون يعتبر اى مبنى مضى على بناؤه ثمانين عاما و له قيمة جمالية أنه أثراً ! و الدولة تقر مالكه الشرعى على ملكيته له شريطة ان يكون محروما من حقه فى هدمه و البناء ، والرجل لم يستغل مكانته لهدم هذه القصور بل حافظ عليها ويكفي الدلالة على شرف الدكتور غالي و امانته انه و بالرغم من امتلاكه ثلاثة قصور فإنه هو الوزير الذى فرض على اصحاب القصور (و هو اولهم) ضرائب عقارية باهظة فيما هو المتضرر الاول من هذا القرار.
6- بعد يوم واحد فقط من تنحي الرئيس مبارك ، بدا الشيخ الهارب بأموال الشعب الحاج أشرف السعدإدارة حملة منظمة زعم فيها أن الوزير يوسف بطرس غالى هارب فى لندن و قال انه :" لـــمــَــحَ " الدكتور يوسف بطرس غالى يشترى بعض الحاجيات فى متجر سينسبرى فى لندن ؟؟؟ و رغم ان السعد مجرم مدان و هارب من احكام جنائية بالاشغال الشاقة الا أن لم يتم مطالبة الانتربول بالقبض عليهم بينما يوسف بطرس غالي تم مخاطبة الانتربول للقبض عليه بسرعة وفي كل مكان وتم رصد مكافآت مالية كبيرة للمساعدة في القبض عايه و سيقول قائل: لم لا طالما صدرت أحكام ضده و هو موضوع التهمة التي عوقب فيها وسنشرحها بإستفاضة في الفقرة التالية.
7- بعد أن فشلوا في أن يجدوا أى تهمة تمس الرجل العالِم .أتهموه بإهدار مبلغ 36 مليون جنيه من أموال الاحتياطات العامة الخاصة بالسلع الإستراتيجية للدولة وصرفها على الحملة الإعلامية فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية والدعاية لرئيس الجمهورية السابق حسنى مبارك على نحو يعتبر إهدارا للمال العام وإضرارا متعمدا به. والإتهام اغريب الآخر إن وزارة الداخلية بعد إذن رئيس مجلس الوزراء إستوردت لوحات معدنية للسيارات بثمن غالي مما يعد إهدارا للمال العام وتم الزج بإسم الدكتور غالي بإعتباره وزير المالية وهو إتهام عجيب فوزير المالية ينفذ تعليمات مجلس الوزراء والذي بدوره ينفذ تعليمات رئيس الدولة ودعك من التعليمات هل يستطيع أن يقول وزير في أي دولة في العالم الثالث لا ياريس ادفع اموال حملتك من جيبك وليس للريس فقط بل لأعضاء الحزب الحاكم كله .ما هذا الهراء . بالفعل لم تجد محكمة الجنايات أي ذنب إقترفه الرجل في وقت كان الجميع مغلولي الأيدي فحكمت محكمة جنايات القاهرة ببراءة الدكتور يوسف بطرس غالي من التهم المنسوبة إليه.
إلا أن النيابة العامة لم تستسغ حكم البراءة ،إستأنفت الحكم وأحالت الدعوة لمحكمة أخري حكمت على الدكتور غالي حكماً مريعاً بثلاثين عاما بالسجن المشدد وهو الذي لم تسند إليه أية إختلاسات أو كسب غير مشروع بل أن رئيس الحكومة نفسه حكم عليه بسنة مع وقف التنفيذ أما وزير الداخلية والذي قام بالإستيراد فقد حكم عليه بخمس سنوات .
عزيزي القاريء لقد صرح وزير المالية في وزارة ما بعد الثورة، السيد سمير رضوان لبرنامج القاهرة اليوم للإعلامي عمرو اديب عندما سأله عن رأيه في الدكتور غالي فرد قائلاً: "..إن الدكتور يوسف بطرس غالى عالم اقتصادى جليل ضاعف دخل مصر من الضرائب ثلاثة مرات على الرغم من كونه خفض سعر الضريبة من نسب غير معقولة تصل الى التسعين فى المئة ، الى نسب لا تتعدى العشرين فى المئة فقط و على الرغم من انه رفع حد الاعفاء الضريبى للمواطنين محدودى الدخل حتى وصل به الى اكثر من عشرين الف جنيه سنويا من دون ضرائب و رفع الحد الادنى للمنشآت المعفاه من اعداد دفاتر ضريبية عدة مرات.
كما تمكن بأتصالاته الخارجية من رفع حصص مصر من السلع المصدرة لكل دول العالم اضعافا مضاعفة.."
وأكد الوزير سمير رضوان : ".. ان مصر حتى يومنا هذا تعيش فى خير يوسف بطرس غالى و تنفق من المليارات التى أدخلها يوسف بطرس غالى فى الخزينة و التى لم يحدث على مر تاريخ مصر ان استطاع وزير مالية توفير موارد بتلك الضخامة للخزينة..".
أعداء الرجل بدأوا إثارة الكثير من الشائعات منها أنه طلب من إسرائيل الحصول على جنسيتها وهو أمر ليس له معنى فالرجل معه الجنسية الأمريكية ويستطيع أن يبقى فيها دون اللجوء للدولة العبرية ولا سيما أنه أقام في إنجلترا الدولة التي لا يوجد بينها وبين مصر إتفاقية تسليم المطلوبين للتحقيق وأشرف السعد و غيره لهم أكبر دليل على ذلك . خرجت إشاعة أخرى أن الدكتور غالي قبض عليه في اسبانيا الا أن الإنتربول الأسباني نفي ذلك. أخيرابعض المصادر أكدت أن بعض الدول إستعانت بالدكتور غالي ليكون مستشارا أقتصاديا لها لأنها تعلم مدى خبرته و مكانته وهو مقيم الآن في أراضيها و تحت حمايتها فإن صح هذا الخبر فسأترك لك عزيزي القاريء التعليق على هذا الخبر.
انظروا ماذا يحدث للدولار الآن في مصر و هو الذي إستطاع ان يثبت سعره بخمسة جنيهات في أصعب اوقات مرت بها مصر و كان حينها احتياطي النقد الاجنبي أضعاف ما هو عليه الآن حتى ان البعض بدأ ينادي بالرجوع الى سياسة غالي و اتباعها.
في النهاية أصارحك بأنني حاولت أن أقمع أفكاري وإحساسي بالظلم الواقع على الرجل بأن أشترك أنا أيضا في تحميل الرجل مصائب الركود العالمي و إنهيا الإقتصاد العالمي ومايحدث في أمريكا واليونان والصومال و في مصر ممكن أيضا أن نحمله حتى الإنفجار السكاني و مشكلة رغيف العيش ولكن لم أستطع عزيزي القاريء فالرجل وقع في مؤامرة تحيق بالشرفاء و بالأقباط و السؤال الذي يدور في رأسي الآن هل أصبح القضاء المصري في تعامله مع الأقباط هو قضاء أم قضاء وقدر.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com