ألزمت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة الحكومة بعلاج الأطفال دون السن المدرسى منذ ميلادهم المصابين بمرض السكر مجانا طبقا للمرسوم بقانون رقم 86 لسنة 2012 الذى يلزم التأمين الصحى بعلاج جميع الأطفال دون السن الدراسى.
وأكدت أن الامتناع عن تقديم العلاج يؤدى إلى إصابتهم بمضاعفات فى أجسادهم الضعيفة وإحباطهم وتقليل عزيمتهم للتأقلم والتعايش مع هذا المرض.
وقالت المحكمة إنه إذا كان امتناع التأمين الصحى عن تقديم العلاج للمريض جريمة فإن الامتناع عن تقديم العلاج للأطفال هو أبشع ألوان الجرائم لمساسها بينبوع الحياة بحسبان أن مرحلة الطفولة هي المرحلة التي تنمو فيها كل خلية من خلايا جسم الطفل وكل حاسة من حواسه ورفضت المحكمة دفع وزير الصحة بعدم مسئوليته عن التأمين الصحى وأكدت انه الرئيس الاعلى لها كما رفضت دفع هيئة التأمين الصحى بعدم اختصاص القضاء الادارى بقضايا العلاج بحجة انه من اختصاص القضاء العادى
واكدت على اختصاصها بنظر دعاوى العلاج على رأس المنازعات الادارية ووصفت دفع التامين الصحى بانه اساءة لحق التقاضى منها تجاه طفلة عمرها سنتان وانه يتعين على تلك الهيئة علاج الطفلة وبحث حالتها المرضية بدلا من البحث عن كيفية التحلل من الالتزام الدستورى لعلاج غير القادرين
وقضت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى بالأمتناع عن صرف الدواء المقرر لعلاج الطفلة / مريم وجيه الديب ذات العامين ربيعا من مرض السكر المزمن ( سكر أطفال من النوع الأول ) بصفة منتظمة وصرف عقار نوفورابيدNPH + مع الافطار والغذاء والعشاء بالنسب الواردة بالتقرير الطبى وصرف الأقلام الخاصة بكل نوع وشرايط لقياس السكر بالدم بمعدل 10 وحدات يومياً ، وشرايط لقياس الأسيتون فى البول مرتين يومياً وما يترتب على ذلك من أثار اخصها الزام الهيئة بصرف ذلك الدواء للطفلة وعرض حالتها على الطبيب المختص دوريا لتقرير مدى حالتها الصحية فى ضوء ما يسفر عنه تناول ذلك الدواء وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان
وقالت المحكمة ان المشرع بموجب المرسوم بقانون رقم 86 لسنة 2012 الزم التأمين الصحي بتقديم العلاج لجميع المواليد والاطفال الرضع ومن هم دون سن الدراسى اذ الزمها بتقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية والخدمات الطبية لهم والفحص بالأشعة و الفحوص الطبية وإجراء العمليات الجراحية وصرف الأدوية اللازمة للعلاج فضلا عن الخدمات الصحية كالتحصين ضد الأمراض ويكون علاج الطفل ورعايته طبيا مدة انتفاعه الي ان يشفي او تستقر حالته , وهذا الالتزام بالعلاج لا مناص من تحقيقه ولا سبيل للفكاك منه باعتباره حقا من الحقوق الأساسية التى يتمتع بها المواطن فى بلده وتقوم الدولة على توفيره له ولا وجه لحرمانه منه ، فإذا نكلت الدولة عن اداء هذا الالتزام دون سند مشروع فإن مسلكها فى هذا الشأن يعد قرارا سلبيا غير مشروع .
واضافت المحكمة انه لا يجوز للهيئة العامة للتأمين الصحى الامتناع عن صرف ذلك الدواء خاصة وان والد الطفلة عامل باليومية ومن غير القادرين على تحمل النفقات الباهظة لهذا العلاج , ومن شانه كذلك ان يمكن هذا المرض اللعين سارق الصحة من ان يفتك بالطفلة التى تتفتح على الدنيا بظلام الظلم والمرض , فاذا كان امتناع التامين الصحى عن تقديم العلاج للمريض جريمة فان الامتناع عن تقديم العلاج للاطفال هوأبشع الوان الجرائم اقتُرفت على الإطلاق ، لمساسها بينبوع الحياة بحسبان ان مرحلة الطفولة هي المرحلة التي تنمو فيها كل خلية من خلايا جسم الطفل وكل حاسة من حواسه وعلى التامين الصحى ووزير الصحة ان يسعيان الى علاجها فى الحال دون تأجيلها للغد ودون تقسيط او تقطير فى علاجها خمسة ايام فقط كل شهرين .
وذكرت المحكمة انه لن يستطيع الاطفال أن يلبسوا ثوب العافية الا اذا قامت الدولة نحوهم بواجبها الدستورى والقانونى والانسانى , واذ جاء الاب يحمل طفلته البالغة عامين والنّار فيه تحرق الكبدا , والام جاثية ومقلتها حانية ينهل منها دمعا ,والطفلة تبكى وتصرخ ورجفت جوانحها , ووالديها يذوبان لالمها كمدا , ينتظران ممن ناط بها الدستور والقانون علاجها فلم يجدا اذانا لها تسمع , من راحت من الالم همدا ورقدا , والى السماء رفعا نواظرهما , فبسطت العدالة يديها لها سندا وعضدا , وبهذه المثابة يشكل امتناع الجهة الادارية المدعى عليها عن صرف الأدوية المشار إليها آنفاً للطفلة قرارا سلبياً مخالفاً لاحكام الدستور والقانون
واوضحت المحكمة فى حكمها الانسانى ان التأخير فى منح الطفلة ذات العامين جرعات العلاج يعرض حياتها للخطر ويحرمها من حقها فى العلاج المجانى ويمس حقها فى الحياة وهما حقين دستوريين ويتوجب على الدولة ممثلة فى هيئة التأمين الصحى ووزير الصحة بذل العناية اللازمة لتخفيف معاناة الاطفال المرضى من الام المرض العضال الذى الم بهم خاصة وان الطفلة ذات العامين ربيعا الذى لم يتفتح فيه الا الشوك بسبب المرض لا تملك الا حق الصراخ والقدرة عليه , الا ان الجهة الادارية تحجرت قلبها تجاه الطفلة
واصمت اذانها عن سماع صراخاتها بامتناعها عن علاجها فطرقت باب العدالة الذى لا يوصد فى وجه طارقه وإذ استقام طلب وقف التنفيذ على ركنيه وإستوى على سوقه مما يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن علاجها ، وبتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان
واستطردت المحكمة أن ابنة المدعي الطفلة مريم وجيه الديب تبلغ من العمر سنتان ،ومؤمن عليها لدي الهيئة العامة للتأمين الصحي ، وان والدها فقير عامل باليومية ويقيم بقرية الطود مركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة وان الطفلة تعانى من مرض السكر المزمن ( سكر أطفال من النوع الأول )
وبعرضها على العيادة الشاملة بتاريخ 11/7/2015 قررت بإحتياجها إلى العلاج التالي :- صرف عقار نوفورابيدNPH + بنسب محددة مع الافطار والغذاء والعشاء النحو الوارد بالتقرير الطبى وصرف الأقلام الخاصة بكل نوع وشرايط لقياس السكر بالدم بمعدل 10 وحدات يومياً ، وشرايط لقياس الأسيتون فى البول مرتين يومياً , فان الطفلة تستظل باحكام المرسوم بقانون المذكور وتلتزم هيئة التأمين الصحى بتوفير الأودية اللازمة وبالجرعات المقررة لعلاجها وبما يتناسب مع تطور حالتها الصحية بصفة دائمة ومنتظمة دون تأخير حتي تمام شفائها
ونوهت المحكمة انه لا يغيب عن ذهن الجهة الادارية المدعى عليها ان التعامل مع اطفال مرضى السكر الرضع و دون السن المدرسى أمر دقيق للغاية خاصة الفترة التي تلي إكتشاف الاصابة التى تعد من أكثر الأوقات حرجاً وصعوبة على كل أفراد الأسرة وان كثيرا من الآباء والأمهات يعيشون فى رعب من أن يؤثر السكر على أطفالهم بشكل خطير على المدى الطويل وينهك أجسامهم ومن ثم فان امتناعهما عن العلاج هو ما قد يؤدي إلى مشاكل في النمو وإلى مضاعفات خطيرة على باقى اجهزة اجسداهم الضعيفة, فضلا عن انه ينال من حق الطفل فى وضعه الجديد بشأن تنظيم حياته اليومية على نحو يشعره بأنه يختلف عن سائر الأطفال مما يؤدى الى احباطه وتقليل عزيمته للتأقلم والتعايش مع هذا المرض
وبحسبان ان السكري مرض ينخر في أجزاء الجسم وأجهزته المتنوعة ، وبدون العلاج يتغلغل فيها كسريان الماء في الرمال، وبمرور الوقت تسرق من الطفل صحته وعافيته, ذلك إنه اذا كان مرض السكر مرهقا للكبار فماذا يكون بالنسبة للأطفال ! وبالرغم من التقدم الذي يشهده علم الأدوية والعلاج إلا أن مرض السكر يبقى مرضاً يحتاج إلى السيطرة والمتابعة المستمرة ولن يكون ذلك ممكنا دون الالتزام ممن ناط به القانون تقديم العلاج للاطفال الرضع ودون السن المدرسى .
وعن الدفع المبدى من وزير الصحة بعدم قبول الدعوى بالنسبة له فى الدعاوى التى ترفع على الهيئة العامة للتأمين الصحى بحجة ان لها شخصية اعتبارية مستقلة وطلبه اخراجه من الدعوى قالت المحكمة فان ذلك مردود عليه انه طبقا لقانون لك الهيئة فان وزير الصحة هو الرئيس الأعلى للهيئة العامة للتأمين الصحي وما يصدر من أحكام على الهيئة تتولى الهيئة تنفيذها تحت إشرافه
فاختصام وزير الصحة واجب حتى يكون الحكم الصادر على الهيئة في مواجهته لإلزامها بتنفيذه , وكان احرى بوزير الصحة ان يمد يده علاجا للطفلة ذات العامين ربيعا لا ان يتنصل من مسئوليته التى القاها على عاتقه القانون بحجة ان لهيئة التأمين الصحى استقلالها وهو الرئيس الاعلى لها بقوة القانون , ومن ثم يغدو طلبه باخراجه من الدعوى قائم على غير سبب صحيح من القانون مما يتعين معه رفض هذا الدفع
وعن الدفع المبدى من هيئة التأمين الصحى بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى بحجة ان المختص هو قاضى الامور المستعجلة تأسيسا على أن القرار محل المنازعة لا يعد قرارا اداريا ، قالت المحكمة ان قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن المنازعة بين المرضى وهيئة التأمين الصحى هي منازعة ادارية حول تقديم العلاج والرعاية الطبية المنوط بتلك الهيئة تقديمها ومن ثم تدخل هذه المنازعة في مفهوم المنازعة الإدارية طبقا لقانون مجلس الدولة والتى لا يختص بها قاضى الامور المستعجلة وان اختصاص القضاء الادارى بسائر المنازعات الادارية بات مستقرا طبقا للدستور , مما يكون معه الامتناع عن تقديم العلاج للطفلة والادعاء بعدم اختصاص المحكمة اساءة لحق التقاضى ومن المستقر عليه فقهاً وقضاء أنه لا يجوز لصاحب الحق أن يتعسف في استعمال حقه على نحو يلحق ضرراً بالغير، فدرء المفاسد أولى من جلب المنافع وان حق الإلتجاء إلى القضاء وإن كان من الحقوق العامة التي تثبت للكافة
إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما شرع له واستعماله تنصلا من واجب دستورى او كيدياً ابتغاء مضارة الغير ولا ريب ان الاضرار الناجمة عن امتناع علاج الطفلة يعرض حياتها للخطر بل ينال من حقها فى الحياة وقد كان يتعين على القائمين على مرفق هيئة التأمين الصحى بدلا من التحلل من ربقة الالتزام الدستورى بعلاج المرضى المشمولين قانونا برعايتهم صحيا وعلاجيا ان يقوموا بدورهم المنوط بهم قانونا لانقاذ حياة طفلة ذات العامين ربيعا وهى الضعيفة المجردة من كل سلطان ازاء فقر والديها , وكان الاولى بهم النظر اليها بعين الرحمة وبحث حالتها المرضية لابحث كيفية التحلل من الالتزامات التى اوجبها الدستور والقانون تجاه المواطنين من حقوق فى علاجهم .
وبموجب حكم المادة 18 من الدستور المعدل لعام 2014 التى الزمت الدولة اقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الامراض بل جعل الامتناع عن تقديم العلاج باشكاله المختلفة لكل انسان فى حالت الطوارئ او الخطر على الحياة جريمة يعاقب عليها القانون , فضلا عما فيه من امتهان لاحكام الدستور وعلى سلطات الدولة وهيئاتها الاذعان له باعتباره تعبيرا عن ارادة الامة , مما يتعين معه رفض هذا الدفع.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com