د. عصام عبد الجواد:
على المسلمين التكيف مع مجتمعاتهم الجديدة.. إن أرادوا
التنشئة الاجتماعية لها دور في تطرف بعض المهاجرين
د. نادية حليم:
الإحساس بالغربة يجعل الحياة صعبة على المهاجرين
هناك مهاجرون أثبتوا كفاءتهم بالغرب
د. مصطفى النبراوي:
أحداث "11 سبتمبر" جعلت الغرب يتخذ مواقف سلبية من المسلمين
بعض الدول الأوربية استغنت عن المسلمين في العمل
اسحاق حنا:
المسلمون يدعون المعاناة ولا يحترموا القوانين
الغرب يحترم حقوق الإنسان ونحن نستغلها!
جمال البنا:
الفكر السلفي القديم يعجز المسلمين عن التكيف مع المجتمعات الغربية
لماذا لا تستبدل المرأة الحجاب بالقبعة في أوربا؟!
تحقيق: حكمت حنا
صراع هوية يخوضه المهاجرون المسلمون في الغرب.. الزي الإسلامي مقابل قوانين الغرب.. عادات وثقافات مغايرة لمجتمعاتهم الجديدة.. ما بين نموذج متطرف يُكفر الغرب وإن عاش فيه، ونموذج ينتمي للغرب أكثر من وطنه الأصلي؛ تعيش فئة أخرى –لعلها الأكبر- حائرة بين حنين إلى الوطن الأم بما فيه من عادات وموروثات ثقافية ودينية، وبين الاندماج في مجتمع جديد ومختلف.
هل يعاني –بالفعل- المسلمون في الخارج؟! وهل المسألة صراع ثقافات؛ لابد أن تنتصر إحداها؟! أم أن التعايش ممكن؟!
غسيل مخ!
يرى "د. عصام عبد الجواد" -أستاذ الصحة النفسية بكلية "التربية النوعية" جامعة القاهرة- أن الهجرة بشكل عام تؤدي إلى أن الأشخاص ينسون جذورهم، ويبدأوا بالتكيف مع المجتمع الجديد، ويتناسوا حياتهم القديمة، ويتكيفوا مع المجتمع الجديد؛ بكل طباعه ومشكلاته، خاصة إذا طالت المدة، الأمر الذي يعتبر كأنه عملية "غسيل مخ"، فالمسألة تخص قدرة الفرد على التكيف او التوافق مع المجتمع الجديد، فعليه أن يختار أن يعيشه أو يرفضه، والأفضل أن يتقبل ذاته ويتقبل هذا المجتمع الجديد بدون تطرف؛ لأنه يجب التعامل مع الكل خاصة إذا كنت دخيلاً على المجتمع، والفكر المتطرف ليس من صفات الكل؛ بدليل أن هناك مسلمون نجحوا في الخارج دون معاناة، لأن المجتمع هناك لا ينظر لمعتقده.
الثقافة والتنشئة
ويرى "عبد الجواد" أن أسباب المعاناة قد ترجع لتشدد صفات بعض المسلمين بالخارج؛ نتيجة لثقافتهم وتنشئتهم الاجتماعية؛ فإذا كانت متطرفة فإن المهاجر يتشبع بهذا الفكر ويغزو به المجتمع الجديد، وقد يظن أن الآخر يرفضه لمعتقده؛ وهذا غير صحيح، فأحيانًا يعيش المسلمون في الخارج ويحاولوا ارتداء الحجاب والنقاب، رغم أن الأخير جديد على الاسلام، بدليل أن المرأة أثناء الحج تكون مكشوفة الوجه واليدين، ويعتقدون أن التصدي لهذا الزي هو ضد الإسلام، لكنه في الحقيقة غير متوافق مع قوانين المجتمع الجديد.
إحساس الغربة
من جانبها ترى د. نادية حليم -أستاذ علم الاجتماع- أن أي إنسان يترك بلده يكون لديه إحساس دائم بالغربة، وعليه أن يتكيف مع هذا المجتمع، وهذا له درجات، فكثير من المسلمين هاجروا للمجتمعات الغربية، وتكيفوا معها، وظهروا في مواقف محترمة، وأثبتوا ذواتهم ومكانتهم، ومن الممكن أن غيرهم لا يستطيع التكيف، والموضوع يرجع لعاملين مهمين؛ أولهما الفرصة، وثانيهما القدرات الشخصية.
وتؤكد "حليم" أن الفرد طالما هاجر للخارج؛ فعليه أن يتكيف مع المجتمع الجديد، وأن تصبح ثقافة المجتمع جزء من ثقافته، والمهاجر الذي ليس لديه استعداد للتكيف؛ يضع نفسه في مكان لا يحفظ له حياته؛ فإما العيش منغلقًا على ذاته، أو تقبل المجتمع.
11 سبتمبر وأفعال المسلمين
أما "د. مصطفي النبراوي" -مدير مركز الحوار الإنساني- فله رأي آخر؛ يقول: معاناة المسلمين في المجتمعات الغربية بدأت تظهر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فقد بدأت المجتماعات الغربية بعد هذه الهجمة تأخذ مواقف سلبية من المسلمين، بغض النظر عن الأعراق.
كما أن المسلمين -أيًا كانت أعراقهم- وخاصة العرب؛ يأتوا بمواقف تثير الأغلبية، وبالتالي يتخذوا منهم مواقفًا سلبية، فمجرد الشعور بالنفور هذا عقاب شديد، كما أن هذه المعاناة ليست سببًا؛ لكنها نتيجة، بمعنى أن المجتمعات الغربية أخذت هذه المواقف بناء على أفعال سيئة من المسلمين، كما إنني أعرف بعض البلدان الأوروبية وصلت لمرحلة الاستغناء عن المسلمين في العمل.
ويرى النبراوي أنه من المهم أن تندمج الأقليات في المجتمعات؛ وخاصة من يريدوا العمل، بحيث يندمجوا في المجتمعات هذه بكل قوانينها وأعرافها، مع الاحتفاظ بهويتهم.
مآذن سويسرا
وجهة نظر مغايرة يتبناها -مدير "الجمعية المصرية للتنوير"- "إسحق حنا": المسلمون في الغرب لا يعانوا لكنهم يدعون المعاناة!، فهم غير متسقين مع القوانين الموجودة هناك، وليس المسلمين فقط لكن الكثير من مهاجري البلاد النامية –والعرب بالذات- لديهم نفس المشكلة فهم لم يتربوا على هذا النظام الدقيق، وبالتالي يثيروا العشوائية وعدم النظام، ولا يحترموا هذه القوانين، وبالتالي لا يحترموا أصحاب هذه البلد.
ويدعم "حنا" وجهة نظره: مشكلة المآذن بسويسرا صنفت على أنها هجمة ضد الإسلام، رغم أنها قوانين بلد، وكان النظام يقضي بأن المأذنة لا تزيد عن ارتفاع معين، ونظام الدولة يأخذ برأي المواطنين، وأجمع الغالبية العظمى منهم أنهم مع بناء المأذن ولم يعارضوا البناء، لكنهم عارضوا الارتفاع طبقا لقوانين البلد.
عيد الأضحى!
مثال آخر يسوقه "حنا": فثقافة المسلم تبيح ذبخ الأضاحي في العيد، وهذا منافٍ للنظام العام في أوروبا، وليس للأمر علاقة بالدين، وبالتالي عليه أن يحترم هذا النظام، فالدولة المحترمة لا تتعامل بالدين، وإلا لم تكن تقدمت، إلا أن هذه البلاد احترمت الإنسان؛ وجعلت المساواة نهج تعامل بين كل المواطنين، فهم علمونا حقوق الإنسان ولا تعرف تمييز، لكننا –للأسف- نستغل الديمقراطية وحقوق الإنسان بشكل مبالغ فيه لمصلحتنا، دون النظر لمصالح الآخرين. نحن العيب فينا والمرض فينا.
حواجز المسلمين
المفكر الإسلامي "جمال البنا" يُرجع أسباب شعور المسلمين بمعاناة في المجتمعات الغربية؛ إلى عدم استطاعتهم التوفيق بين الحضارة الأوروبية الجديدة؛ وبين المقومات الإسلامية، فقد فشلوا في التعايش مع المجتمع الأوروبي مع الاحتفاظ بالخصائص الإسلامية، ولو كانوا فكروا لاستطاعوا؛ لكن الفكر السلفي القديم يعجزهم عن ذلك.
ويضيف "البنا": على المرأة مثلاً ارتداء القبعة بدلاً من الحجاب، حتى يتقبلها المجتمع ولا تكون منبوذة، لكن تصرفات المسلمين هناك تخلق الحواجز، فالقضية سببها غباء الأقليات الإسلامية في المجتمعات الغربية، وأيضًا هناك تحامل وعنصرية من الغرب، فنظرتهم للعرب على أنهم أقل منهم سبب المشكلة، وقديمًا قال "أرسطو": "أكبر منفعة للشعوب الأخرى يمكن أن تصل إليها أن تخدم الأمة اليونانية."
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com