بقلم: د. مينا ملاك عازر
الرئيس الأمريكي باراك أوباما يستبعد مسألة تدخل القوات البرية للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ويشير إلى احتمالية ممارسة ضغطاً على إيران وروسيا، ولنبدأ بالجزئية الأخيرة الأكثر وضوحاً إيران وروسيا هما أكثر دولتين تمالئان الأسد وتسنداه، ممارسة الضغط عليهما قد يسفر عن رفع أيديهما عنه.
سؤالنا هنا، لماذا لا يريد الرئيس الأمريكي الزج بقواته في سوريا؟ أولاً لأنه يعرف جيداً أن حرباً برية ضد الأسد ستسفر عن تدخل بري لمصلحة الأسد من قبل البلدين سالفتا الإشارة إليهما روسيا وإيران، وبتدخله هذا سيكون محارب لجوار داعش أو على الأقل في مرمى نيرانها، ومدى انتقامها منه إزاء الهجمات الجوية القليلة والتي استهدفت كوادر كبيرة في داعش.
خبرات الأمريكيين في القتال البري تدفعهم إلى التروي، فقليل ما نجح التدخل الأمريكي في أي بلد، هذا سبب آخر يجعل أوباما يتروى كثيراً قبل التدخل في سوريا برياً، ولكن السؤال، لماذا برياً؟ لماذا لا يكون جواً كما فعل في حالة ليبيا عندما اراد والناتو الإطاحة بالقذافي ودعم الثوار، في هذا الصدد التدخل الجوي في سوريا ضد الأسد يجب أن يكون مدعوماً بقرار من مجلس الأمن أو من الناتو بإيجاد حظر جوي فوق سوريا كما حدث في ليبيا، وهذا مستحيل لأن الطيران الروسي لم يزل محلقاً وينفذ طلعات جوية، وإن أعلنت روسيا انسحابها إلا أنها قريبة وستبقى لحماية قاعدتها البحرية، على كل الأحوال طالما وُجِدت روسيا وإيران في الصورة فسيبقى أي تدخل عسكري ضد الأسد مستبعد.
وعلى ذكر القذافي، يدفعنا هذا لوضع سبب هام لمنع التدخل العسكري في سوريا لعل ما قاله أوباما من قبل بخصوص خطأه في الإطاحة بالقذافي إذ أحدث ذلك فراغ أسفر عن نشاط جماعات إرهابية، وهو ما لا جدال سيؤدي إليه التدخل العسكري الذي قد ينجم عنه الإطاحة بالأسد خاصةً وأن داعش والنصرة وغيرهم من تنظيمات إرهابية موجودة بالفعل على أرض الواقع، ما يعني أن أي تدخل عسكري لخلع الأسد لاينصب إلا في مصلحة الإرهابيين، كما أنه قد لا ينجح بل قد يؤدي لاندلاع حرب عالمية ثالثة.
الفرق الجوهري بين الحالتين السورية والليبية، أن القذافي لم يجد من يدعمه كإيران وروسيا في حالة الأسد، ما حدى بالناتو للتدخل دون وضع حسبان لخصوم يناوئونه في ليبيا، ويزيد الأمر في سوريا الخبرة التي تعلمها العالم من درس ليبيا بأن أي إسقاط لنظام بشكل عنيف لن يصب إلا في مصلحة تنظيمات من المفترض أنهم يحاربونها، وبالنظر للتجربة المصرية أستطيع أن أؤكد أن أي إسقاط للنظام في ظل تغيب للعقول باسم الدين لن يؤدي إلا لوصول الإرهابيين لسدة الحكم أما التجربة اليمنية فلنا فيها كلام آخر بإذن الله قريباً.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com