كشف اللواء أركان حرب وائل عبدالحكيم ربيع، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة والقيادى السابق بإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، عن تفاصيل جديدة فى عمل لجان ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، التى بمقتضاها تم إثبات سعودية جزيرتى «تيران» و«صنافير»، مؤكداً أنه كان هناك لجان مشتركة بين الجانبين المصرى والسعودى لدراسة ترسيم الحدود منذ أكثر من 10 سنوات، وانتهت من عملها قبل ثورة 25 يناير.
مستشار «الدراسات الاستراتيجية» بالقوات المسلحة يكشف فى حوار لـ« » كواليس جديدة فى المفاوضات «المصرية ـ السعودية» قبل «ترسيم الحدود»
أضاف «ربيع»، فى حوار خاص لـ«الوطن»، أن الدراسة التى جرت بشأن ترسيم الحدود تمت بناءً على معلومات دقيقة جداً، وبناءً على قياسات تمت لإجراء ترسيم الحدود البحرية، مشدداً على أن الموضوع «قُتل بحثاً» مع الجانب السعودى مع وجود زيارات متبادلة بشأن البحث أولاً بأول حتى تم الانتهاء من عمل اللجنة. وأكد «ربيع» أنه حال رفض البرلمان المصرى لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الجانب السعودى سيتم اللجوء للتحكيم الدولى الذى سيؤكد سعودية الجزيرتين، مؤكداً أنه يعلم جيداً ما بداخل ملف الجزيرتين، والذى يؤكد حق «الرياض» فى الجزيرتين، وإلى نص الحوار:
■ مرت مصر بالعديد من الأزمات مؤخراً، وكلما انتهينا من أزمة دخلنا فى أخرى.. كيف ترى هذا الوضع؟
- الوضع فى مصر لا ينفصل عما تعيشه المنطقة من متغيرات كبيرة؛ ومن ثم فإن هناك بعدين، الأول داخلى، والآخر دولى؛ فنحن نحتاج أن نصبر على أوضاع بلادنا حالياً، وذلك مع جهود الدولة لتغيير الأوضاع للأفضل؛ فمثلاً هناك خطة التنمية المستدامة حتى عام 2030، وهو ما يظهر أن هناك بعداً تخطيطياً لدى الدولة، وحينما ترى بعداً تخطيطياً يتابعه الرئيس عبدالفتاح السيسى؛ فيجب أن تعلم أنه سينفذ؛ فأنا عملت تحت قيادته، وأعلم إصراره على إنجاز المهام بشكل علمى، ودقيق، ومخطط، ولا يوجد لدى الرئيس ما يُخطط تحت أى ظروف، فسيادته له صبر وعزيمة لاتلين.
ولكن ينبغى أن نعى وجود العديد من التحديات التى تواجه الدولة، والتى ينبغى التغلب عليها بدءاً من الفساد، وترهل الجهاز الإدارى للدولة، ورفع مستوى كفاءة خدمات التعليم، والصحة، وغيرها من الخدمات التى تقدم للمواطن، ولكن ينبغى أن نعلم أن المواطن له دور كبير فى التقدم؛ فكما يقال «إيد لوحدها متسقفش» ينبغى أن يساعد المواطنون الحكومة على بناء بلادهم، ونجاح خطط التنمية.
■ وكيف يسهم المواطن فى تحقيق ذلك؟
- لو كان له دور فى خطط التنمية فـ«أهلاً وسهلاً يلعبه»، وإذا لم يوجد له فلا بد أن يصبر؛ وتلك ليست مشاكل ثورة 25 يناير، ولكنها كانت موجودة، وخامدة، حتى جاءت الثورة لتطفو على السطح، وتعاود الظهور من جديد؛ فيجب أن تعلموا أن مصر تخوض حرباً فى الداخل والخارج.
فى حال رفض مجلس النواب لاتفاقية ترسيم الحدود سيتم اللجوء للتحكيم الدولى لحسم مصير الجزيرتين.. و«التحكيم» سيعطيهما لـ«المملكة».. ودراسة ملف ترسيم الحدود بدأت قبل أكثر من عشرة أعوام والأمر قتل بحثاً من الجانب السعودى.. ووضع القوات متعددة الجنسيات فى الجزيرتين ستحدده السعودية بعد موافقة البرلمان المصرى على الاتفاقية.. ودخلنا المفاوضات مع «الرياض» بجدية وشفافية لإثبات أحقية أحد البلدين بالجزيرتين.. وكنا ندرس أنهما موجودتان فى البحر الأحمر دون الحديث عن تبعيتهما.. وتركنا القرار بشأنهما للرئيس والملك بعد التيقن م
■ كيف ذلك؟
- فى الداخل هناك أناس يرغبون فى إظهار مساؤى فى كل شىء يتم إنجازه، ولا يشجعون ويساعدون على العمل بل يصدرون طاقة إحباط فقط؛ فالنهضة لا بد أن يساهم فيها الشعب، وبناء أجيال جديدة لديها ثقافة العمل، وحب الوطن، والانتماء، والرغبة فى تحقيق إنجازات على الأرض، وأرى أن مصر تسير بشكل جيد جداً فى انطلاقتها للأمام.
■ يتحمل المواطنون العديد من المشكلات الحياتية التى تواجههم بسبب الظروف التى تمر بها مصر، ولكن فكرة التنازل عن أرض أشعلت غضب البعض.. كيف رأيت التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للسعودية؟
- أولاً هو ليس تنازل ولكن إرجاع الحق لصاحب، فالرئيس عبدالفتاح السيسى يعرف أبعاد هذا الموضوع بدقة شديدة منذ كان مديراً للمخابرات الحربية والاستطلاع، وهما جزيرتان سعوديتان فى الأساس.
■ يخالف البعض هذا الأمر.. فهل لديك معلومات مؤكدة بشأنه؟
- نعم؛ فهذا الملف كان لدىّ أثناء خدمتى فى القوات المسلحة، فترسيم الحدود لم يتم فى يوم وليلة، ولكن كان هناك لجنة لدى كل من الجانبين المصرى والسعودى لترسيم الحدود البحرية بينهما، ودراسة هذا الأمر، وكانت اللجنة مشكلة من أجهزة معنية سواء فنيين أو سياسيين أو أمنيين، وكانت هناك زيارات متبادلة بهذا الشأن حتى حسم الأمر بأن الجزيرتين سعوديتان.
■ ومتى بدأ عمل اللجنة فى هذا الشأن؟
- لا أعلم تحديداً موعد بدء العمل؛ فأنا تسلمت الملف من مسئول سابق بـ«المخابرات» بعدما توليت نفس المنصب، ولكن أمر دراسة ترسيم الحدود لم يتم العام الحالى أو الذى يسبقه كما يتصور البعض، ولكن قبل قرابة نحو 10 أعوام.
أعلم تماماً ما يوجد بـ«ملف الترسيم».. و«السيسى تعامل بشكل مناسب ولم يخطئ ومخسّرناش الجزيرتين ولكن رد الحق لأصحابه».. ومصر لاتفرط فى ذرة رمل من أراضيها.. وطريقة إعلان الاتفاقية مناسبة.. ولو تحدثنا عنهما قبل زيارة «الملك سلمان» كان سينتقل القلق والتشكيك فى وضع الجزيرتين ليكون «أثناء الزيارة»
■ إذاً، الأمر خضع لتدقيق وفحص ودراسة قبل التيقن من أنها سعودية وليس بقرار من سلطة الرئيس كما يصور البعض الأمر؟
- ملف ترسيم الحدود «قُتل بحثاً» مع الجانب السعودى حتى تيقنا من سعوديتهما.
■ وهل يمكن أن توضح حقيقة هذا الوضع؟
- أولاً: هاتان الجزيرتان، ليس عليهما شىء قديماً أو حديثاً سوى نقطة الأمم المتحدة التى تراقب حركة الملاحة فى خليج العقبة باعتباره ممراً دولياً، والمملكة العربية السعودية لم يكن لديها تسليح أو جيش قوى لحماية تلك الجزر؛ فاتفقت مع مصر على حمايتها، خاصة أن ذلك كان فى ظل تخوف من رغبة دولة إسرائيل المنشأة حديثاً فى هذا التوقيت من رغبتها فى التوسع على الأراضى، خاصة أن من يسيطر على هاتين الجزيرتين يسيطر على خليج العقبة تماماً، ومن ثم كان لهما أهمية كبرى بالنسبة لـ«تل أبيب»، فنجحت فى احتلالهما عام 1956 ثم استعدناهما، ثم فقدناهما فى النكسة، واسترددناهما بعد حرب أكتوبر.
■ وهل كنا نعلم أنها سعودية أم مصرية أم لم يكن لنا موقف محدد؟
- منذ أن كنا ندرس جغرافيا البحر الأحمر فى التعليم؛ فنحن نعلم بوجود جزيرتين تسميان «تيران» و«صنافير»، ولكن لم نكن نتطرق لمصريتهما أو سعوديتهما.
أزمة سد النهضة المقصود بها «خنق مصر».. والمشكلة فى فترة ملء السد وليس بناءه.. وثقوا بأن الأجهزة المختلفة تعمل ليل نهار للحفاظ على أمننا القومى من أى تهديد يستهدفه.. والضغوط الأمريكية تقوّى «أديس أبابا» على حساب مصر لا أتخيل أن الرئيس أخبر «تل أبيب» بشأن الاتفاقية قبل إعلانها لأنهم ليس لهم دخل بها.. والتصريحات الإسرائيلية هدفها تسخين الوضع ليكون رد الفعل «إزاى إسرائيل عارفة بالاتفاقية وإحنا مش عارفين».. وكل ما استند عليه معارضو الاتفاق تم الرد عليه إسرائيل تريد ترسيم الحدود البحرية مع مصر فى البحر المتوسط عق
■ معنى حديثك أننا لم ندخل اللجان المشتركة بموقف مسبق؟
- نعم؛ فنحن درسنا الأمر بكل جدية، ودقة ممكنة، وشفافية مع الجانب السعودى، وكنا نريد أن نثبت حقيقة الوضع سواء مصرية أو سعودية، وكنا نناقش التفاصيل معا بكل دقة، حتى توصلنا لأنها سعودية تاريخياً، وعملياً بواسطة قياسات خاصة بتحديد الحدود البحرية، ومن ثم أؤكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يفرط فى ذرة رمل واحدة من التراب الوطنى المصرى، وإنما «رد الحق لصاحبه».
■ وما كانت توصيات اللجنة المشكلة لدراسة ترسيم الحدود البحرية بعد إثبات أنها سعودية؟
- وضعنا نتائج البحث والدراسة التى تمت بإثبات سعوديتهما، وكانت توصياتنا أن القرار الذى سيتخذ بشأنهما «رئاسى» سواء من الرئيس المصرى أو الملك السعودى سواء بالموافقة عليها، وإقرارها أو أى أمر يراه قادة البلدين.
■ ومتى كان ذلك تحديداً؟
- كان منذ فترة قريبة، فى فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وتحديداً قبل ثورة 25 يناير بنحو عام.
■ معنى حديثك أن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى اتخذ بناءً على دراسة متأنية بشأنه؟
- القرار اتخذ بناءً على الدراسة، والتى تمت بناءً على معلومات دقيقة جداً، (وكررها 4 مرات).
■ إذاً، تقول إن الدراسة انتهت فى عهد «مبارك»؛ فلماذا لم يتخذ قراراً بشأنهما؟
- لا أعلم السبب فهذا قرار استراتيجى يمس الدولة لايتخذ إلا بعد دراسة دقيقة ومتأنية.
حضور وزير الدفاع لمشروع «خالد 18» بالمنطقة الجنوبية العسكرية ليس له علاقة بـ«حلايب وشلاتين».. والشخصية العسكرية تفكر 160 ألف مرة قبل أن تحرك سلاحها لتضرب منه النار.. ونخوض حرباً شرسة فى الداخل والخارج وهناك من لا ينظر للإيجابيات التى تتحقق على الأرض.. و«نظارة الميدان» تكشف الحركة بجوار الجزيرتين من شرم الشيخ لوجودهما على بعد 12 كيلومتراً منها.. والسعودية لديها جيش قوى يستطيع حمايتهما حالياً عكس ما كان عليه قديماً
■ ولماذا اختار الرئيس السيسى هذا التوقيت بالذات لإعلان الأمر؟
- يجب أن تعلموا أن زيارة الملك سلمان لمصر لم تكن مفاجئة، لكن كان مخططاً لها من قبلها منذ عدة أشهر، خاصة أنه شخصية ذات ثقل سياسى، ومعنوى، وتقدير خاص من قبل الدولة المصرية؛ ومن ثم يحدد ما يقال، وما لا يقال، والاتفاقيات، والتعاون بين الطرفين، وكافة الأمور المتعلقة بجوانب الدراسة.
■ ولماذا اتخذ قرار إعلان ترسيم الحدود فى مثل هذا التوقيت؟
- مصر والسعودية دولتان لهما ثقل فى منطقة الشرق الأوسط ورد الحقوق لأصحابها حين يطالبون بها لايحتاج إلى وقت محدد، وحينما يعود ملك السعودية ونرد حقاً له كان عندنا وليس تنازلاً عن جزء من أراضينا كما يثير البعض، أو إعطاءه هدية كما يصورون؛ فهى «كبيرة جداً عند العرب أن ترجع له حقه».
■ وكيف ترى هذا الأمر؟
- الرئيس السيسى تعامل معه بشكل مناسب، ولم يخطئ؛ فاتفاقية ترسيم الحدود سيراجعها «مجلس النواب» ليقبلها أو يرفضها، وفى حال رفضها سيتم اللجوء لـ«التحكيم الدولى».
■ وفى إطار معرفتك بـ«ملف الأزمة».. ما الذى سيتوصل إليه التحكيم الدولى فى هذا الشأن؟
- سنقدم ورقاً بحججنا، وهم سيقدمون ورقاً بحججهم، وأنا أعلم ما يوجد بملفنا، ومن ثم سيتم الحكم بأنها سعودية؛ فالرئيس السيسى «مخسرناش الجزيرتين، ولكن أدى الحق لصاحبه».
■ ولكن لماذا لم يتم التمهيد للرأى العام بشأن هذا الأمر قبل توقيع الاتفاقية؟
- لدينا فى مصر أفراد «بيسخنوا المواضيع من غير لازمة» مهما حدث؛ فالرئيس كان أمامه أمران، إما القول بأن الوضع هكذا، ومن ثم كان سيكون القلق وتشكيك البعض فى تلك العملية سيكون أثناء زيارة الملك السعودى، ومن ثم كان إعلان الأمر بهذا الصدد هو أقل ضرر؛ فأى شىء يتم عمله فى العالم يكون له نقاط قوة، وضعف، وفرص، وإيجابيات، وسلبيات، ومن ثم يتم دراستها لاختيار أحسن الأوضاع، وهو ما حدث، لينظر الرئيس لأحسن لاختيارات، وينفذها، ولكن كان يمكن أن يتم التمهيد للأمر بالخلفية التاريخية للجزيرتين على الرغم من أن ما حدث هو أحسن الخيارات المطروحة.
مصر «عصية» على راغبى تقسيمها.. ونحترم «معاهدة السلام» ولا نبدأ فى العدوان على أحد.. والإرهابيون فى سيناء تزوجوا من بعض العائلات.. واستخدموا النساء فى نقل المتفجرات لاستغلال «حرمتهن»
■ ولماذا إذاً وضعت الجزيرتان فى معاهدة السلام مع إسرائيل إذا كانتا سعوديتين؟
- كل علاقة الجزيرتين بـ«كامب ديفيد»، هو وجود قوة متعددة الجنسيات تابعة للأمم المتحدة لمراقبة الممر الملاحى؛ وهناك خطاب عرض على الرئيس الراحل أنور السادات من وزير خارجية سابق للعرض، وكتب عليه الرئيس بخط يده: «يجب عدم إدراج تيران وصنافير ضمن اتفاقية السلام لأنهما سعوديتان»، وتلك الورقة موجودة حالياً فى الأمم المتحدة.
■ وكيف سيكون وضع القوات متعددة الجنسيات حال إقرار مجلس النواب المصرى سعودية الجزيرتين؟
- سيعود الملف للمملكة العربية السعودية، وسيكون لها الحق فى أن تقول هل تريدهما أم غير ذلك.
■ هناك تصريح أغضب البعض وهو ما بثه الإعلام الإسرائيلى بأن «تل أبيب» كانت تعلم عن تلك الاتفاقية قبلها بأشهر.. كيف ترى هذا التصريح؟
- حينما تريد أن تعرف حقيقة الموقف الإسرائيلى؛ فلا بد أن تنظر له بـ«عمق دون سطحية»؛ فحينما تخرج إسرائيل بتلك التصريحات فهى تهدف لتسخين الوضع ليقال «إزاى إسرائيل عارفة بالاتفاقية واحنا مش عارفين»، ومن ثم سيكون الوضع الطبيعى أن يغضب المواطن؛ فهذا التصريح غرضه هو عمل وقيعة بين القيادة السياسية للبلاد، والشعب المصرى؛ فكل ما استند عليه معارضو توقيع الاتفاق تم الرد عليه سواء كانت اتفاقية 1906، التى كانت لترسيم الحدود البرية وليست البحرية أو غيرها؛ فتحديد الحدود البحرية أصعب من البرية.
■ لماذا؟
- لأن لديها جوانب فنية تتعلق بقاع الأرض، وغيرها من الجوانب الفنية التى لا أعلمها بحكم عدم كونى خبيراً بها.
■ ولماذا لم تُحدد تبعية الجزيرتين بجلاء وقت تسليمهما لمصر؟
- لأن الأمر لم يكن من الأهمية بمكان، خاصة مع عدم وجود ضغينة مثل الموجودة حالياً بين العرب وبعضهم البعض.
■ ولماذا تحديداً تسعى العديد من الدول لترسيم حدودها البحرية؟
- لكى تستكشف وتحصل على الثروات الموجودة فى البحار؛ فمثلاً مع ظهور الغاز فى البحر المتوسط سعت العديد من الدول لترسيم الحدود؛ فمثلاً إسرائيل رسمت حدودها البحرية مع اليونان، وتريد أن ترسم حدودها البحرية معنا، وذلك لتحديد الثروات بين أى بلدين تكون تابعة لمن، وبعد موافقة أى دولتين على ترسيم الحدود البحرية بينهما يتم تسجيل الأمر بـ«الأمم المتحدة».
■ وهل أخبرت مصر إسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بالفعل؟
- أنا عن نفسى لا أتخيل أن الرئيس السيسى من الممكن أن يقول لإسرائيل إننا سنعقد اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية؛ فهم ليس لهم علاقة بالقضية من قريب أو بعيد.
■ لكن الجزيرتين تقعان فى منطقة حساسة بالنسبة لإسرائيل؟
- نعم؛ فهما أمن قومى بالنسبة لها.
■ وهل ترى أن السعودية تستطيع أن تحميهما من أى أطماع قد تواجههما؟
- نعم؛ فهم لديهم جيش قوى يستطيع حمايتهما حالياً عما كان الوضع قديماً.
■ تحدثت عن أن من يسيطر على الجزيرتين يتحكم فى خليج العقبة، ولكنه ممر دولى لا يجوز غلقه؛ فهل سيكون لذلك أهمية؟
- وقت الحرب لا يوجد شىء اسمه ممر دولى أو إقليمى، ولكنك تبحث عن الانتصار فى المعركة بأى وسيلة ممكنة.
■ قيل إنه سيكون هناك قوات «مصرية- سعودية» مشتركة على الجزيرتين لو عادتا لـ«المملكة».. فما معلوماتك فى هذا الصدد؟
- كرجل عسكرى أرى أنه من مصلحتنا وجود قوات مصرية هناك، ولكن هل هذا أمر واقع أم لا؛ فلا أعرف فى حقيقة الأمر، وعموماً فإن الجزر تقع على بعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، ويمكن كشفها بـ«نظارة ميدان».
■ وما رأيك فى المظاهرات التى تبعت إعلان القرار؟
- «حاجة ملهاش لازمة.. هو كل حاجة هنعمل مظاهرات.. كسبوا إيه بعد المظاهرة.. فالحقيقة التاريخية، والجغرافية، والعلمية ثابتة»، والتفتوا لدور مواقع التواصل الاجتماعى مثل «فيس بوك»، و«تويتر» فى هذا الصدد؛ فهم من أسوأ وسائل حروب «الجيل الرابع»، وذلك عبر وجود معلومات غير دقيقة أو مضللة أو تدس لغرض معين فيه؛ فيجب أن نعلم أولادنا، أنهم لا ينقلون أى شىء إلا وهم «عارفينه ومتأكدين منه»، وهو ما أقوله لأبنائى أيضاً؛ فهناك شىء فى علم النفس درسته فى الولايات المتحدة الأمريكية يُسمى «التفكير النقدى»، وهو أن الخبر الذى يبث وهو غير صحيح سيؤذى الشخص المنوط به هذا الخبر حتى لو لم يكن صحيحاً، كما أن بعض وسائله، تتبنى موقفاً معيناً، وتغفل كافة الحقائق الأخرى فى تلك الموضوعات؛ فيجب أن ننظر لكافة التفاصيل فى الحدث، وليس جانباً واحداً فيه.
■ قيل إن جسر «الملك سلمان» الرابط بين مصر والسعودية سيكون له آثار سلبية على حركة السياحة فى مدينة شرم الشيخ.. ما رأيك فى هذا الصدد؟
- يجب أن يكون هناك ضوابط وقيود لعدم حدوث ذلك، فحينما سيصل الكوبرى إلى شرم الشيخ سينقل سيارات نقل، فأين سيذهب «السواق والعطشجى»، ومما ما قرأته فى هذا الملف أن الرئيس مبارك كان رافضاً لإنشاء الجسر نظراً لوجوده الدائم بمدينة شرم الشيخ، وخوفه من أن تتأثر سلبياً به، وأعتقد أن ذلك سيتم وضعه فى الاعتبار، حتى نستفيد اقتصادياً منه، ونتلافى الآثار السلبية التى قد تنشأ عنه.
■ كيف ترى ما تردد عبر وسائل إعلام أمريكية عبر مطالبة بلادهم بإعادة النظر فى اتفاقية السلام عقب ترسيم الحدود؟
- وما علاقتهم بذلك.
■ كانت مشاركة!
- لا أظن أن أمريكا طالبت بذلك؛ فالمعاهدة بين مصر وإسرائيل، وما تفعله أمريكا فى هذا الأمر هو وجود كتيبة قوات متعددة الجنسيات تنفق عليها مع وجود قوات أخرى بها، فالفقرة الخاصة بالجزيرتين فى الاتفاقية تتعلق بوجود قوات متعددة الجنسيات لمراقبة حركة الملاحة بخليج العقبة فقط.
■ ننتقل للحديث عن أزمة «حلايب وشلاتين».. هل تفسر المشروع الاستراتيجى «خالد 18»، الذى حضره الفريق أول صدقى صبحى، وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة على أنه رسالة بشأن «حلايب وشلاتين»؟
- المشاريع التى تتم فى المنطقة الجنوبية أو الغربية أو فى الجيش الثانى أو الثالث الميدانى أو غيرها من تشكيلات ووحدات قواتنا المسلحة يكون مخططاً لها منذ فترات طويلة تصل إلى سنتين أو ثلاث، فأى دولة فى العالم يكون لها خطتا تدريب، الأولى داخلية والأخرى خارجية، فالأولى تكون بين الفرَق وبعضها، واللواءات وبعضها، وغيرها، أما الخارجية فتكون بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، ويكون مخططاً لها من قبل.
ومن ثم فإن حضور وزير الدفاع هو للتأكد من كفاءة القوات، وإذا لم يحضر وزير الدفاع فلابد من حضور الفريق محمود حجازى، باعتباره رئيساً لأركان حرب القوات المسلحة.
■ وما الأدلة والوثاق الموجودة لدينا التى تؤكد أن حلايب وشلاتين مصرية وليست سودانية؟
- انظروا للتاريخ لتجدوا أن مصر عمرها ما كانت دولة معتدية، فحتى وزارة الحربية كانت مسماة بذلك لأننا سنحارب إسرائيل لاسترداد أراضينا المغتصبة، أما بعد استعادة أراضينا فإن الرئيس الراحل أنور السادات سماها وزارة الدفاع لتكون معنية بشئون الدفاع عن مصر فقط، فسياستنا دفاعية، وليست هجومية.
■ ننتقل للحديث عن التحديات والتهديدات التى تواجه مصر بالمنطقة الغربية، خاصة مع سوء الأحوال فى الأراضى الليبية؟
- المشكلة الرئيسية التى ستواجه مصر بعد سيناء هى ليبيا لأنها حالياً مع الأسف الشديد دولة بلا مؤسسات، ولم يتوصلوا لاتفاق بشأن الحكومة حتى الآن، وهى مشكلة، والمشكلة الأسوأ التى يجب أن نتوقعها ما تردد خلال الفترة الماضية عن تحرك عناصر داعش من سوريا إلى ليبيا، وللأسف ما ينقلهم هو سفن تركية، وهو ما تردد فى الإعلام، وقد يكون خطأ، ولكن من الوضح أن هناك عناصر تنتقل من سوريا إلى ليبيا مع استقرار الأوضاع تدريجياً هناك وهنا نتوقع الخطر.
■ نتحدث عن مخازن السلاح الليبية منذ عدة سنوات.. فهل ما زالت الكمية التى وُجدت فيها وتم التصرف فيها تسبب قلقاً لنا حتى الآن؟
- ليبيا كانت دولة غنية، وكان «القذافى» يهوى شراء السلاح وتخزينه، ومعظمه سرق، هناك ما ذهب لقبائل الطوارق فى الجنوب وتم بيعه، وما ذهب لعناصر متطرفة فى وسط وجنوب أفريقيا، وما ذهب لفلسطين وقطاع غزة، وما ذهب لأى مكان آخر، فدولة ليبيا لم يكن يستطيع أحد أن يديرها مثلما أدارها القذافى وأولاده؛ فهى كانت دولة غنية، والمواطنون لديهم الخدمات، ولكنهم حالياً لا يوجد لديهم مقومات الدولة.
■ وإلى أين سيصل الموقف فى رأيك؟
- الموقف فى ليبيا سيكون سيئاً جداً، ويجب أن نتحسّب لهذا الموقف، خاصة أننا نخوض مواجهة شرسة مع الإرهاب فى سيناء.
■ وهل أرض المنطقة الغربية تماثل الأراضى السيناوية فى الجغرافيا؟
- لا.. هى غيرها تماماً، فسيناء بها جبال، وسهول، ووديان، ولكن هنا الأرض منبسطة، ومختلفة تماماً عنها.
■ ذلك يسهّل تحرك العناصر الإرهابية إليها.. فكيف ستكون مواجهتنا؟
- ثقوا فى أن قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية المعنية لديها خطط مواجهة لأى حادث قد يحدث، كما أنها تعمل ليل نهار للحفاظ على الأمن القومى المصرى من أى تهديد قد يستهدفه.
■ يظهر ذلك فيما قيل عن تطور كبير فى تسليح عناصر حرس الحدود فى عهد «السيسى» للسيطرة على المنطقة الغربية العسكرية؟
- الحقيقة أن قواتنا المسلحة شهدت طفرة كبيرة منذ قدوم الرئيس السيسى لوزارة الدفاع ثم جاء بعده الفريق أول صدقى صبحى، وزير الدفاع الحالى، ليقوم بطفرة فى مختلف الأسلحة وتجهيزات قواتنا المسلحة بشكل علمى راق.
■ ننتقل للحديث عن سد النهضة.. كيف ترى تلك الأزمة؟
- إثيوبيا تقول إن سد النهضة سببه أنها تريد وجود كهرباء لديها لإحداث تنمية واستثمار وخلافه لأنها دولة فقيرة، ولكن مصر عرضت عليها مساعدتها ومدّها بالكهرباء وحلول أخرى، ولكن الوجود الأمريكى والإسرائيلى فى دول حوض النيل المقصود به أن يتم «خنق مصر»؛ فمشكلة مصر خلال المرحلة المقبلة فى المياه، ومشكلة سد النهضة هى فترة ملء السد، وليس بناءه، فهم يريدون ملء السد فى 3 سنوات، وهو ما سيؤثر على حصتنا المائية، ولكن يجب أن يتم زيادة تلك الفترة لـ5 أو 7 سنوات حتى لا تؤثر بشكل كبير على حصتنا المائية.
وهناك عدة حلول، ومن المفترض أن يكون هناك «حلول وسط» بين مصر، وإثيوبيا حتى لا يتضرر أى من الطرفين، ولكن يتم الضغط على مصر لأن الضغوط الأمريكية تقوّى الطرف الآخر على حساب مصر، فالأمر لا يقتصر على بناء سد لتوليد الكهرباء، ولكن الضغط على مصر.
■ يتعجب البعض من حديث أن إسرائيل وأمريكا تقفان وراء السد للإضرار بمصر كما ذكرت، فما ردك عليهم؟
- مثلاً حينما تم إنشاء ترعة السلام كان من المخطط أن تصل إلى قطاع غزة، وحينها رفض بعض الأشقاء الأفارقة ذلك، وكان مفاد اعتراضهم أننا سنعطى المياه لإسرائيل، لكن حالياً الأمر «على قلوبهم زى العسل».
■ ولماذا؟
- بسبب الوجود القوى لإسرائيل فى أفريقيا، فهى تدرب القوات الخاصة لبعض الدول لحماية بعض الرؤساء، فحين يكون لك رئيس دولة يدرّب حرسه إسرائيل فلمن سيكون ولاؤه؟! أنت بعد حادث محاولة اغتيال الرئيس مبارك فى أديس أبابا بعدت عن أفريقيا، وكان أسوأ قرار اتخذه الرئيس مبارك فى ذلك الوقت.
■ وهل كانت محاولة اغتيال مبارك مدبّرة لإيقاعنا فى هذا القرار؟
- كنت فى ذلك التوقيت ملحقاً عسكرياً لمصر فى دولة الجزائر الشقيقة، ولم يكن الحادث مدبراً؛ فالجماعة الإسلامية كانوا يريدون التخلص من مبارك، وكانوا منتشرين فى السودان، وعدة دول أفريقية، فردّ فعل الرئيس مبارك كان «زايد عن اللزوم» لأن أفريقيا يجب أن يكون لنا علاقة خاصة معها لأننا دولة أفريقية ولسنا أوروبيين.
■ وأين توجد الولايات المتحدة الأمريكية فى أفريقيا إذاً؟
- هى توجد فى كل الدول جنوب الصحراء فى أفريقيا، من أول جيبوتى التى يوجد لهم فيها قاعدة عسكرية، مروراً بإثيوبيا، ثم أوغندا، والكاميرون، ثم غينيا، فتلك المنطقة غنية بالبترول واليورانيوم، وأمريكا موجودة هناك للتعاون مع الأمن لتأمينهم من العدائيات المحتملة مثل جماعة بوكو حرام، والتنظيمات الإرهابية الموجودة هناك، لتوقع اتفاقيات أمنية معهم، وهناك وجود طائرات موجهة بدون طائرات، ومصر مش بعيدة عن سيطرة أمريكا وإسرائيل على دول فى منابع النيل؛ فالموضوع مقصود به «خنق مصر»، والضغط عليها لإخضاعها لقرارات سياسية فى اتجاهات أخرى.
■ حديثك يقودنا للحديث عن الموقف الأمريكى من المنطقة إضافة لأفريقيا؟
- بالتأكيد، فهو موقف لا يجوز إهماله، لأن السياسة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط تقوم على تقسيم المنطقة، وذلك على الرغم من تصريح وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى أثناء زيارته الأخيرة لمصر أن أمريكا تساعد مصر، وأنا عن نفسى لا أعلم كيف تساعد أمريكا مصر فى ظل مخططها الواضح لتقسيم الدول العربية، وهنا سيظهر أناس يقولون لى إننى أعيش «نظرية المؤامرة».
■ وكيف سترد عليهم إذاً؟!
- منذ عدة أيام كان وزير الدفاع الأمريكى موجوداً فى العراق، وقال إن الإدارة الأمريكية صدّقت على إرسال قوات أمريكية للعراق حتى تُنهى احتلال داعش لمدينة الموصل، كما قال الرئيس الأمريكى باراك أوباما مؤخراً إن أمريكا ستحرر الموصل بنهاية العام الحالى، فى الوقت الذى قال وزير دفاعه إنهم قرروا دعم البشمركة بالسلاح لتدريبهم، ولو جمعت كل تلك التصريحات ستجد ما يحدث فى العراق يصب فى صالح الأكراد ويكرس لتقسيم العراق ليكون فى الشمال دولة كردستان للأكراد، وفى الوسط السنة، وفى الجنوب الشيعة، فكون أن الأمريكان يريدون إرسال قوات لهم خارج حدودهم رغم استراتيجيتهم التى تتحدث عن سحب قواتهم من الخارج مع الإبقاء على قوات قليلة منها، يدل على وجود «متغير لتنفيذ هدف معين».
■ لكن إنهاء احتلال «داعش» للموصل يبدو أمراً إيجابياً!
- وبعد إنهاء الاحتلال مع دعم قوات البشمركة ووجود الأكراد هل ستعطيها أمريكا للحكومة أو لمن؟ والحقيقة أنها ستتركها ليسيطر عليها الأكراد بعد ذلك، والأمر مشابه لما يحدث فى سوريا لو نظرت لأماكن وجود عناصر المعارضة، والأماكن التى يسيطر عليها النظام، وكذلك الوضع فى دولة لبنان، وحينما ستنتهى تلك القصية سيذهبون باتجاه مصر لأننا دولة «عصية عليهم».
■ لماذا؟
- لأن شعبنا وجيشنا أقوياء، فحتى بعد هزيمة عام 1967، وقفنا وأصررنا على أن نعيد قوة جيشنا وحاربنا وعقدنا السلام بعد استرداد أراضينا ونحترم معاهدة السلام مع الجانب الإسرائيلى، ولا نبدأ فى العدوان على أحد.
■ ننتقل للحديث عن الوضع فى سيناء، وخاصة المثلث «رفح - العريش - الشيخ زويد».. كيف ترى تطور مواجهة الإرهاب هناك؟
- من الواضح جداً نجاحات قواتنا المسلحة فى مواجهة الإرهاب فى تلك المنطقة، فالجيش المصرى يعلم جيداً أن الإرهابيين موجودون داخل عائلات، وهم ما يطلق عليهم المجاهدين، والمقبلين من الخارج ليتزوجوا من بعض أهالى سيناء ليكون بينهم نسب وعائلة فيوجدون بينهم، ومن ثم فإن القوات المسلحة حينما تقوم بعملية تراعى ذلك، على الرغم من أنه ثبت بالدليل القاطع أن من ينقل المتفجرات التى تستهدف القوات هو السيدات لأنها «حرمة» لا يجوز تفتيشها لتكون قواتنا المسلحة بين نارين، أن تفتشها أم لا، ليتم بدء تفتيشها ليتضايق بعض العرب؛ فالمواجهة ليست سهلة.
■ وما تقييمك لتلك المواجهة؟
- أنا كضابط سابق بالقوات المسلحة أرى أن ما يحدث هو الصواب؛ فلا يجب أن نحقق نجاحاً سريعاً فى مقابل أن يلصق بنا أننا قتلنا سيدات أو اعتدينا على أطفال أو غيرهم؛ فالنتائج البطيئة والناجحة أحسن من السريعة التى تلصق بنا أثراً سلبياً مستقبلياً، وكما قلت سابقاً إن الشخصية العسكرية تفكر 160 ألف مرة قبل أن تحرك سلاحها لتضرب منه النار، إلا إذا كنت أمام عدو مؤكد؛ فإنك تتعامل معه.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com