لن تحدث نهضة مصرية طالما هدف الشباب الأول هو الزواج أو الهجرة
دولة الإنسان تقوم على الحرية والإخاء والمساواة
كتبت: ميرفت عياد
أقامت "ساقية الصاوي" ندوة بقاعة الكلمة تحت عنوان "مفهوم حقوق الإنسان"، قامت بتقديمها الكاتبة وباحثة حقوق الإنسان "وفاء الجندي". دارت الندوة حول معنى ومدلول حقوق الإنسان، وهل هو مفهوم ديني أم إنساني، ومتى تم تفعيله للمجتمعات الغربية، ولماذا تفتقر إليه المجتمعات العربية وخاصة مصر، وما هي مسودة تفعيله في مصر.
بناء حضارة انسانية
فى البداية أكدت الكاتبة "وفاء الجندي" أن مفهوم حقوق الإنسان؛ يعني من حيث المبدأ الحق في حياة كريمة؛ من حيث المأكل والملبس والمسكن والصحة، أما على الجانب الآخر فهو يعني سعي الإنسان لبناء حضارة إنسانية على الأرض، وهذه الحضارة تعتمد على قاعدتين أساسيتين لبنائها هما مكارم الأخلاق، والعلم؛ الذي يقود الإنسانية إلى التطور والتقدم الذي يحدث كل مائة عام، مثل الثورة التكنولوجية الرهيبة التي نشهدها الآن، مشيرة إلى أن مشكلات المجتمع المصري تعود إلى معايشته لفترات طويلة من الاستعمار الذي ولد لديه مشاعر الحرمان، وجرده من جميع الأحاسيس الإنسانية التي هي الحق الأول من حقوق الإنسان، والتي نحرم منها حتى أبناءنا عن طريق المعاملة القاسية، وعلى الرغم من كل تعب الآباء في توفير حياة كريمة لأبنائهم، لأنهم يظنون أنهم بهذا يصنعون مستقبل أولادهم، غير مدركين أن الحرمان المعنوي الذي يعيشه الأبناء، يجعلهم يفتقدون إحساسهم بإنسانيتهم، وبالتالي بكل حقوق الإنسان التي تتحدث عنها المواثيق الدولية.
من أين ستأتى النهضة؟
وأوضحت "وفاء الجندي" أن المجتمع المصري إذا لم يعي سلبياته، سوف يفقد وجوده على الخريطة العالمية، وسوف يفقد صوته وحقوقه ومستقبله، الذي يتمنى أن يتركه لأولاده، فالحقيقة المذرية إننا لم نعدو نخطو للأمام فقط، بل إننا نسير عكس اتجاه عجلة الزمن، العالم يتقدم ونحن نرجع إلى الخلف، لأننا فقدنا إحساسنا بآدميتنا وإنسانيتنا، ولم يعد لدينا هدف نسعى إليه، حتى أن الشباب أصبح كل هدفهم هو الزواج، ولم يعد هدف الشاب أن يكون عالمًا أو مفكرًا أو سياسيًا أو أديبًا، متسائلة بأسى: من أين ستأتي النهضة؟ وكيف يتم التطوير والتقدم إذا كان هذا هو فكر شبابنا؟ الذي يريد الفرار من تلك البلد؟ حتى لو عرض حياته للخطر في الهجرة العشوائية التي نسمع عن العدد الكبير لضحاياها.
الحرية، الإخاء، المساواة
إن مبادئ حقوق الإنسان تم تفعيلها في المجتمعات الغربية؛ تجاوبًا مع الحركات الاستقلالية، هذا ما أكدته الكاتبة "وفاء الجندي"، مشيرة إلى أن أهم هذه الحركات وأكبرها هي "الثورة الفرنسية"، التى كان هدفها الأساسي بناء دولة الإنسان؛ المعتمدة على ثلاثة أركان للمثلث المضيء؛ وهي الحرية، الإخاء، المساواة، هذه الأركان هي التي قام عليها المجتمع الأوروبي والأمريكي، وقد فسر "فيكتور روجيه" -أول محلل سياسي ظهر في تاريخ الحركات السياسية في أوروبا بعد الثورة الفرنسية- أركان المثلث المضيء بأن الإخاء يعني أن جميع البشر مخلوقين من روح واحدة، ولهذا يجب أن يراعوا الصدق والأمانة وجميع الأخلاقيات التي تندرج تحت المفهوم الإنساني، أما المساواة فهي تنطلق من قاعدة تطبيق العدالة الاجتماعية، دون ممارسة التفرقة من أي نوع، بينما تشمل الحرية الاستمتاع بالحق في التعبير عن الرأي، وممارسة تفاصيل الحياة بالصورة التي أراها، بشرط عدم الإضرار بالآخرين، لأن لن يُسمح لحرية تعتدي على حقوق الآخرين.
مظلة الجهل التعليمى
وأشارت الكاتبة إلى أن المجتمعات العربية عامة تفتقد إلى مفهوم حقوق الإنسان، لأن هذه المجتمعات تقع تحت مظلة الجهل التعليمي، والمقصود بها فشل منظومة التعليم في إخراج كوادر لديها مقومات العلم والتقدم، أما المجتمع المصري بصفة خاصة فإنه يفتقر لمفهوم حقوق الإنسان، وذلك طبقًا للتقرير الصادر عام 1925 من منظمة حقوق الإنسان؛ الذي ينص على أن المجتمع المصري يفتقر إلى مفهوم حقوق الإنسان، لأن هذا الشعب عاش لفترات طويلة تحت يد الاستعمار، الذي جرد عنه الحق الإنساني في حياة كريمة، وقد رصد التقرير 75 عامًا سوف يعاني هذا المجتمع من غياب هذا المفهوم، إلى أن يتبنى النظام الحاكم أيدولوجية جديدة تقوم بتفعيل مفهوم حقوق الإنسان، الذي يعتمد على التنمية البشرية، من حيث العلم والبنية التعليمية السليمة، والأخلاق التي لا تعتمد على لغة خطاب ديني متعصب، وأفكار متطرفة، وهذا من شأنه أن ينمى فكر الإنسان الذي من خلاله يستطيع المجتمع المصري أن يتقدم.
العدالة.. التعليم.. الصحة
وفي نهاية حديثها؛ أكدت الكاتبة على أن مسودة قانون تفعيل حقوق الإنسان محصورة في مثلث له ثلاثة أضلاع؛ هي العدالة، التي بتحققها تنتفي جميع مظاهر الفساد والمحسوبية، التي نعيش فيها الآن، والتعليم الذي يحتاج إلى إصلاح منظومته إصلاحًا جذريًا بما يتناسب مع متطلبات العصر الذي نعيش فيه، وأخيرًا الصحة التي يجب أن تضبط جميع المخالفات التي تحدث، ومن شأنها الإضرار بصحة المواطنين، فإذا تحقق هذا المثلث أمكننا بسهولة أن نحقق المثلث المضئ الذي تبنت مبادئه الثروة الفرنسية، وهي؛ الحرية، والمساواة، والإخاء.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com