ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

المسيح (2) تأثير المسيح في التاريخ البشري

صموئيل عازر دانيال | 2010-11-18 00:00:00

إنه من الصعوبة بمكان أن نجد شخصاً أثَّر بمفرده في تاريخ البشرية تأثيراً إيجابياً عميقاً أكثر من «يسوع الناصري». هذه الحقيقة وحدها هي التي تجعل هذه الدراسة للمسيح هامة جداً وإن كانت صعبة .
لكن ليس هذا هو السبب الأول في هذه الدراسة. فالمسيح لا يُدرَس مثلما يُدرَس إسكندر الأكبر أو نابليون أو مَنْ على شاكلتهم بسبب قوتهم الهائلة وطغيانهم السياسي على ملايين الناس. ذلك لأن تأثير المسيح لا يمكن قياسه بمقاييس القوة العالمية: «مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خُدّامي يجاهدون لكي لا أُسلَّّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا» (يوحنا 36:18). لكن تأثيره كان، وظل، وسيظل هادئاً غير طاغ، بل كمواجهة هادئة من شخص إلى شخص، ما يجعله تأثيراً روحياً، يكاد التغيير الحادث بسببه لا يُلحظ، لأنه تغيير باطني في المقام الأول.
وليس في إمكان الباحثين في التاريخ أن يتجاهلوا التأثير الواضح للرب يسوع في تاريخ البشرية. فتأثير المسيح صار يعمُّ كل أدبيات العالم الغربي وأخلاقياته وحضارته الاجتماعية، وكذلك في كل قارة في العالم. ومَنْ يا ترى استطاع أن يؤثر في التاريخ أكثر منه؟ لم يَصِرْ أي شخص آخر ذا تأثير غائر في ذاكرة التاريخ مثل المسيح، فعلى مدى مئات الأجيال ما زال يُعبَد كربٍّ.
ولقد تسجل «يسوع» في ذاكرة البشرية من خلال فن العمارة، وفن الرسم، والرسم على الجدران frescoes، محفوراً في الحجارة بفن الموازييك Mosaic، بل وأيضاً بالصلوات الصاعدة من أفواه المؤمنين، وبتراتيل التسبيح التي أبدعها الشعراء ويرتِّلها ملايين المؤمنين، وبفحص حياته بطرق متباينة بواسطة الفلاسفة. وتاريخ الغرب ما كان يمكن أن يكون تاريخ الغرب بدون المسيح.
أما المجهودات العقلية والأخلاقية، التي نشأت عن حياة المسيح، فقد تغلغلت في كل ركن من أركان تاريخ العقل الغربي، وعلوم النفس، والسياسة، والأدب، والعلم بكافة أفرعه. ولا يمكن لأحد أن يفهم التاريخ البشري بدون أن يسأل: من هو المسيح، وماذا فعل، وما زال يفعل؟ ولا أحداً من الدارسين الدراسة الأكاديمية المنهجية إلا ويكون قد تساءل: هل يسوع هو المسيح؟
والذين يتعلَّمون المسيح لا يمكن أن يفوتهم نفس السؤال الذي سأله يسوع لبطرس: «وأنت مَنْ تقول إني أنا»؟ وأتى اعتراف بطرس هكذا: «أنت هو المسيح ابنُ الله الحيُّ!» (متى 16:16). ويظل اعتراف بطرس هو النموذج المختصر الذي ملأ صلوات الليتورجيات (القداسات والتسابيح) وقوانين الإيمان فيما بعد.
إقرار الإيمان بالمسيح يُدخلنا في علاقة شخصية معه:
وبطرس الرسول في اعترافه هذا يكون قد دخل في علاقة شخصية مع شخص المسيح، وليس مع
فكرة أو مبدأ أو مؤسسة، بل مع علاقة شخصية حقيقية مع شخص حي بقوله: «أنت هو». فالاعتراف لم يكن «عن» المسيح، بل مُوجَّهاً «نحو» شخص المسيح الحي. فإن لم يكن المسيح حيّاً إلى الآن، فليس ثمة اعتراف يُوجَّه إليه من مئات الملايين كل يوم بقولهم له: «أنت هو». فالاعتراف يوجَّه دائماً نحو شخص حي.
إن معنى حياة يسوع وموته وقيامته من بين الأموات ظل دائماً موضوع دراسة وتأمل واختبار شخصي لكل الأجيال منذ ظهور المسيح وحتى الآن.
وهذا ما عبَّر عنه القديس بولس الرسول: «لأعرِفَه، وقُوَّة قِيامتِهِ، وشرِكة آلامِهِ، مُتَشبِّهاً بموْته، لعلي أبلغ إلى قيامة الأموات» (فيليبي 10:3).
فهلاَّ عَرَفتَ أيها القارئ – أي هل اشترَكْتَ - في آلام الرب يسوع المسيح وفى موته، لتدرك قيامة الأموات في الدهر الآتي، إنه مُعْطَى لك أن تَتذوَّق عربون هذه القيامة منذ الآن؟
فإن لم تكن قد دخلت في هذه الشركة الحية، فليتك تدخلها وتتذوق من ورائها عربون (أي سبق تذوُّق) قيامة الرب منذ الآن، منتظراً تحقيقها بالكمال في حياة الدهر الآتي. آمين                                                                        

 يتبع ....

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com