ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

النسر والسيف !

عادل عطية | 2010-11-22 00:00:00

بقلم : عــادل عطيــة
كثيراً ما نكيل الاتهامات بدون حد أقصى للبطش الروماني ، ونتجاهل ما صنعه الغزاة الذين غزو مصر فيما بعد !
وكثيراً ما يلذ لأتباعهم ـ الذين يواصلون كذبهم ببراعة منكرة عندما يفتحون فمهم ـ ، أن يتبجحوا بالقول : أنه لولا السيف العربي ؛ لأفنى النسر الروماني الأقباط ، وماترك منهم في الوجود بقية !
وكأنهم يريدون أن يمحوا بكلمة واحدة :
تاريخاً من التواتر جيلاً بعد جيل !
وتأريخاً من المؤرخين ، منهم مسلمين ، من أمثال : البغدادي ، وابن القفطي ، والمقريزي ، وحاجي خليفة !
وأن يغسلوا كل ما تفوه به حاملي السيف أنفسهم ، عندما طالعتهم مصر بجمالها ، وعظمتها ، وخيراتها ، وهي تسقط في قبضتهم !
 فهاهوذا عمرو بن العاص ، قائد الغزو العربي ، يقول عن رأسها : "فتحت مدينة لا أستطيع أن أصف ما فيها ، الاعراب يغطون عيونهم من بهر المرمر والطلاء" !

فماذا فعل ابن العاص بثاني مدينة في العالم بعد روما ، الغنية بسكانها ، البالغة أقصى درجات الجمال ، وعجائبها أكثر من أن تحصى ؟!..
لقد دك اسوارها ، وطرحها أرضاً ، وأضرم النار في ربوعها ، حتى تحولت إلى خرائب !
ومن منا لا يرثي في غضب وقور خسارة العالم التي لا تعوض ، عندما حرق المتبربرون مكتبتها الفائقة الفخامة ، بناء على إذن من عمر بن الخطاب : "إن كانت هذه المؤلفات تتفق وكتاب الله ، فلا فائدة منها ولا حاجة بنا إلى حفظها . وإن كانت تخالفه ، فهي ضارة ويجب إعدامها" !
وبعد أن انزوت مدينة الاسكندرية في وادي ظلال الموت ، يلتفت عمرو بن العاص إلى جسد مصر الطاهر النقي ، ويغازلها في رسالة إلى ابن الخطاب : "فبينما مصر يا أمير المؤمنين لؤلؤة بيضاء ، إذا هي عنبرة سوداء ، فإذا هي زمردة خضراء ، فإذا هي ديباجة رقشاء ، فتبارك الله لما يشاء" !
ويلاحقه ابنه عبد الله ، بالقول : "من أراد أن ينظر إلى الفردوس فلينظر إلى أرض مصر حين تخضرّ زروعها ، ويزهر ربيعها ، وتكسي بالنوار أشجارها ، وتغني أطيارها" !

ولكننا نكتشف أنه غزل شرير ، يمكننا اختزاله في قول عمر بن الخطاب ، عندما حاقت المجاعة بالمدينة المنورة : "خرّب الله مصر في عمران المدينة وصلاحها" !
وهل هناك خراب أكثر من هذا ، أن تتحوّل جنة الله على الأرض ، من مزرعة غلال العالم كله إلى أرض المجاعات !
وأن يقضى على آلاف السنين من الابداع العبقري للحضارة المصرية !
وأن يباد شعبها ليصل إلى أقل من الربع ، ليودّعوا هويتهم ، ولغتهم ، وحريتهم الدينية ! 
لقد كان للرومان حضارة وثقافة ورقي وتحضر ..
وكان ضميرهم ملفوفاً داخل قطعة من علمهم المرشوش بالماء المقدس ،
أو الذي كان الكهنة يسمونه مقدساً .

ورغم انهم استخدموا العنف تجاه ذوي الاديان الأخرى غير الرومانية ،
إلا انهم لم يلغوا هوية الآخرين ، أو ثقافتهم .
وقمة احتلالهم لم يصل بهم إلى الاستيطان كما فعل العرب .
فماذا يمكن أن تنتج الصحراء غير القسوة والتوحش وإزدهار ثقافة الغزو والسلب والنهب التي كانت ملمحاً مهماً في حياة العرب سواء قبل الإسلام ، أو بعده !
،...،...،...
في مأساة النسر والسيف ، سيبقى الماضي ، حاضراً ..
يدعمه الواقع الأليم !

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com