بدأ الأمر مثل حدوتة غير منطقية، قرية صغيرة انتشرت بين أسوار منازلها الفقيرة شائعة خبيثة عن خيانة زوجية، زوج مسلم له سابقة فى التخلّص من زوجته الأولى بافتعال المشكلات حتى يتهرّب من حقوقها عليه ونفقتها، أعاد تكرار المأساة نفسها مع زوجته الثانية، لكنه قرّر هذه المرة زيادة معدل الإثارة، متهماً الزوجة بأنها على علاقة مع شاب مسيحى، لا دليل موثقاً على الاتهام، ولا شىء واضحاً سوى زوجة مكلومة تدافع عن شرفها وتتحدى رجال القرية أن يثبتوا الجريمة، وشاب متهم يضع رقبته تحت أيدى عائلتها كدليل للبراءة، ورغم ذلك لم يبخل المتطرّفون والبلطجية فى تسخين الأجواء وتحويل القضية من شائعة غير مثبتة عن خيانة زوجية إلى فتنة طائفية، انطلق على أثرها همج متطرّفون لحرق منازل أقباط القرية، ورفضوا أن يعودوا بأيديهم فارغة بعد هروب الشاب المسيحى المتهم، فقرّروا أن يضربوا والدته المسنّة، وقاموا بتعريتها فى الشارع حتى سترتها وأنقذتها جارة لها مسلمة تحدّت كل أكاذيب مسئولى المنيا الذين حاولوا تخفيف حدة الكارثة بنفى حدوثها.
أىّ أزمة هى أداة كاشفة لمرض من أمراض المجتمع وأزمة سيدة المنيا كشفت لنا عن مرض بشرى متمكن من بعض الشخصيات المسئولة التى يجب أن تحفظها اسماً وصورة حتى تعلم أطفالك ألا يكونوا يوماً مثلهم.
قائمة عار تضم هذه الأسماء التى أرادت تبسيط كارثة تعرية سيدة المنيا، و«الطرمخة» على القضية تحت مظلة ما يُسمى «الصلح خير»، وصحيح أن الصلح خير، لكن خيره ليس دائماً إن لم يتم تأسيسه على عدالة وقانون. تقول لهم ارفعوا شأن القانون وحاسبوا المخطئ، يردون: يا جماعة والله بسيطة، محصلش حاجة يعنى لكل ده.. ده شيطان ودخل ما بينكم.. اللى ييجى فى التعرية بقشيش.. راضوا بعض.. وحبوا بعض وصالحوا بعض.. ومحدش يعمل كده تانى.
تقول لهم: وماذا عن البلطجية الذين حرقوا وانتهكوا حرمة سيدة مصرية مسنّة، أليس ترككم لهم تشجيعاً لغيرهم؟! يردون: يا عم ماتحبكهاش الصلح خير.. تسألهم: وحق السيدة الغلبانة؟! يردون: ماتحبكهاش، الست طيبة، وزى أمهم، وهى مسامحة اللى يتعرى منها زكاة عنها.. تسألهم: والقانون؟! يردون: هو ده وقته، إحنا عيلة فى بعضينا، انت عاوز تعمل فتنة.. تسألهم: وماذا عن حق المجتمع؟! يردون: ملكش دعوة المجتمع، خلاص احنا عودناه على كده، هينسى.. كلها يومين وهينسى..
قولاً واحداً، قضية السيدة المصرية «سعاد ثابت» ليست قضية دينية ولا فتنة طائفية، هى قضية بلطجة وتخريب ممتلكات ونشر للذعر بين المواطنين، وإهانة وانتهاك كرامة سيدة مصرية، ولن يحلها سوى القانون، التطبيق العادل والسريع لقانون يُعاقب المجرم ويمنح الضحية حقها، وما بعد ذلك انطلق كما تشاء لعقد جلسات عرفية للمصالحة..
أما هؤلاء الذين يريدون للجلسات العرفية أن تصبح أعلى شأناً من القانون، فهم أسوأ ما فى هذا الوطن، هم أداة خبيثة لإهدار قيمة القانون ودولته لأجل هذا، واجب جمعهم فى قائمة عار حتى تحفظهم عن ظهر قلب، وحتى تشير إليهم وتخبر أولادك ألا يكونوا مثلهم يوماً إن أرادوا لقب «مواطن صالح».
- الأول فى قائمة عار حادث المنيا هو اللواء طارق نصر، محافظ المنيا، لأنه أول من أوهم الناس بأن حادث تجريد سيدة مصرية من ملابسها أمر بسيط وبلاش نكبّره..
- الثانى فى القائمة هو نائب دائرة أبوالسيد السعداوى عن حزب المصريين الأحرار، لأنه انحاز إلى جلسات الصلح العرفية وأهان القانون، وجعله مرتبة ثانية، ثم أتى لنا بمنطق أعرج يقول: بعد الصلح، المتهمون والمتورطون فى حرق منازل وإهانة سيدة مصرية مسنة وتمزيق ملابسها سيتم الإفراج عنهم..
- الثالث فى قائمة العار هو عمدة قرية الكرم محل الواقعة، وهو العمدة عمر راغب، احفظوا هذا الاسم جيّداً كى تقولوا لأطفالكم: لما تكبروا وتبقوا على كرسى مسئولية ماتبقوش زى عمو ده.. ليه؟ لأن العمدة سعداوى نفى الواقعة كلها، لكنه تناسى أن يخبرنا لماذا تباطأ فى حماية أهل قريته؟ ولماذا قال فى أول أيام الحادث إنه لم يكن موجوداً، ولم يشاهد الكارثة، ثم يعود الآن لينفى.
- الرابع فى قائمة العار هو النائب أحمد عرجاوى، عضو مجلس النواب عن حزب النور، الذى قال فى تصريح رسمى: حادث أبوقرقاص حادث عادى فى مجتمعنا.
- الخامس فى قائمة العار هو محمد أبوحطب، وكيل وزارة الأوقاف بالمنيا، الذى قال إن «الأزمة التى وقعت فى مركز أبوقرقاص، أخذت أكبر من حجمها، إحنا ولا شُفنا تعرية ولا حاجة، وده كلام بيتقال».
- السادس فى قائمة العار هو عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، الذى قال: حادث «سيدة المنيا» خلاف بين الأشقاء.
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com