إنفاذ القانون هو أحد إثباتات وجود الدولة، ولذلك فعقاب أى جناة لا يحتاج إلى «تأجيل» بل «تعجيل»، ولا يلزمه «مصالحة» بين أطراف لمداراة المشكلة، بل إلى «مصارحة» للذات للوصول لحل نهائى.. لا سبيل لإنهاء المشكلات الطائفية إلا عودة الدولة وقانونها النافذ؛ لأن الأمر قد طال أكثر مما يجب فهو قديم قدم «ثورة التصحيح»، بدأ بأحداث «الخانكة»، التى كانت اسماً على مسمى، إلى أن وصل إلى «الزاوية الحمرا» التى أصبحت بعد ذلك «زاوية منفرجة» تضم الجميع نتيجة «زاوية حادة» لرؤية لا تفهم أن العدل هو «حجر الزاوية» لبناء الدولة. ومعظم ما نعانيه هو بسبب «زاوية» صغيرة بُنيت عشوائياً فى أى مكان ليعلو منبرها أى شخص عشوائى! احترسوا، فأى مملكة تنقسم على نفسها تسقط.
حادث قرية «الكرم»، به دروس مستفادة كثيرة يمكن الإشارة لعشرة منها فيما يلى:
1- ما حدث ليس «فتنة طائفية» بل هو «اعتداء طائفى» مكتمل الأركان، وهو نار تتجدد كل فترة من تحت رماد حماسيات «عاش الهلال مع الصليب».
2- «نصرة الدين» أصبح مفهوماً مشوهاً ذا تقنيات تتلخص فى «ترويع الآمنين»، و«حرق المنازل وسرقتها».
3- مفهوم الشرف يحتاج لمراجعة؛ فلو لم تكن السيدة قد تعرت وكان قد تم الاكتفاء بحرق المنازل وسرقتها فحسب لما انتفض أحد، لأن الشرف عندنا يكمن فى الجسد وليس بالكرامة.
4- هى أشياء لا تشترى: رفض زوج السيدة المصرية التى تعرت قبول المبلغ المالى الذى عرضه عليه محافظ المنيا.
5- بمصر مسئولون ليسوا على قدر المرحلة: فلم يكن غريباً على محافظ المنيا الذى خرج للإعلام منذ شهور معلناً فتحاً مبيناً باكتشاف «بيضة» عليها لفظ الجلالة أن ينكر ما حدث بالقرية وعلى المنوال نفسه نسج عمدة القرية الذى قال إن أغلب الغفر فى القرية يحرسون كنيستها. بينما القرية بلا كنيسة من الأساس!
6- ازدواجية معايير واضحة يتحلى بها قطاع من المجتمع: فحين أهان المنتج السينمائى «تيمور السبكى» نساء الصعيد لفظاً، انتفض رجال الصعيد. أما حين تم تعرية نساء الصعيد أنفسهن.
7- نحتاج لمجهود داخلى أكثر من الخارجى؛ فمن الطريف أن تحدث واقعة التعرية بالتزامن مع لقاء شيخ الأزهر ببابا الفاتيكان وحديث فضيلته عن السلام والتعايش والقيم والمبادئ. (أرسل الأزهر 40 واعظاً لحل المشكلة، ويستحسن أم يمكثوا طويلاً فى القرية لتعليم أهلها الإسلام، بشرط ألا يكون الأمر على طريقة داونى بالتى هى الداء).
8- عملية الصلح لا تعبر عن شىء إلا عن الضعف الإنسانى لعدد محدود من الأفراد أمام آلاف «الجيران»، فالأمن لن يظل طويلاً فى القرية. والكرة فى ملعب الدولة لفرض القانون لأن غلابة القرية لا يملكون من أمرهم شيئاً.
9- من الأفضل تغيير اسم «بيت العائلة» لأسم آخر؛ حيث تمت فى آخر خمس سنوات حوالى 50 جلسة عرفية، انتهت أغلبها بإجبار مسيحيين على بيع ممتلكات لهم أو الهجرة من أماكنهم أو منعهم من الخروج منها لفترة.
10- كرامة المصرى فى الخارج هى فيض كرامته الداخلية.. هانت علينا مصر حين عرينا أمنا فى المنيا، فتم تعرية ابننا فى الكويت.
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com