.. وكان أغتت طالب فى الفصل يمسك بحقائب زملائه ويلقيها خارج الفصل أو يركلها بقدمه، أو يتمادى فى الرزالة ويحدفها من فوق السور، وقبل أن يفكر أحدنا فى الانتقام فجأة تلاقيه قلب على مقيم شعائر مردداً: «خلى بالك شنطتى فيها كتاب دين».. تزعجنى عبارة إننا شعب متدين بالفطرة، ربما يكون الأكثر دقة هو أننا شعب متدين «على سطر ويسيب سطر».
هل تتخيل أن الذى سرّب امتحان الدين فى الثانوية العامة متدين مثلاً أو له علاقة من قريب أو بعيد بـ«من غشنا فليس منا»؟ وهل تعتقد أن من نشر الإجابات النموذجية لـ«الدين» كان قصده نشر الإسلام داخل اللجنة؟ للأسف الشديد من سرب أسئلة وإجابة مادة الدين، ومن قبلها مادة اللغة العربية، قدم أكبر خدمة للشعب المصرى، حيث وضعه أمام مرآة يرى فيها أهم العيوب التى يتستر خلفها، وهى الادعاء بأننا متدينون بالفطرة.. لا يا شيخ.. على بابا ده انت بتغش فى امتحان الدين.. الصورة لا تتوقف على تبادل الأسئلة على صفحات التواصل الاجتماعى، وسّع الكادر قليلاً وشاهد بقية الصور التى انتشرت من داخل اللجان لطلاب يتجمعون حول ورقة إجابة وصلتهم ولا كأنهم متجمعين على فيلم ثقافى.. هل تريد أن تقترب من الصورة أكثر.. اخطف رجلك لأى قرية أو مدينة بعيدة، ستشاهد العجب، الميكروفونات تدور حول المدرسة «إجابة السؤال الأول مرة تانية للى ما لحقش يكتب من شوية.. اكتبوا بالراحة وعلى مهلكم يا شباب وربنا يوفقكم».. أوراق تدخل وتخرج مع أشخاص لا يفترض بهم أن يدخلوا لجنة الامتحان.. وجدع اتكلم، ومنطق جدع اتكلم هو السلوك الأكثر إبهاراً فى الامتحانات، غالباً ما يسمعها المراقب الذى هو فى الأساس مدرس منتدب لمحافظة أخرى أو مكان بعيد عن أهله، حيث تأتى التهديدات فى منطقة وسط بين العشم «يا عم ده فلان الفلانى بلدياتك صاحبنا»، ونظرة العين الحادة «انت مالكش فى الموضوع واعتبر عيالنا زى عيالك» وما بين العشم والتهديد يبقى المراقب فى منطقة قلقة لا يعلم هل يمشيها ميرى ويقطع ميه ونور ويمنع الغش واللى يحصل يحصل، ولاّ يعمل فيها من بنها.. فى الغالب يميل المراقب إلى فكرة «إنها ماجاتش عليه»، ويقرر أنه يقضى «امتحاناته» على خير.. طيب بأمارة إيه الطلاب يذاكروا، إذا كانت الإجابة بتوصل ديلفرى، فى مثل هذه الأجواء تسير امتحانات الثانوية العامة فى مثل هذه الظروف يتم ترحيل جيل من منطقة الثانوية العامة إلى منطقة الجامعة ومن الجامعة مباشرة إلى المقاهى، فى مثل هذه الظروف تتم تربية أجيال بتغش «التدين» بالفطرة فى ظل وزير تعليم أعلن أن زمن الغش الجميل انتهى، ليفاجأ بأن الأسئلة بإجاباتها قبل الامتحان بساعة ونص، عموماً الوزير لن يسكت وسيتخذ إجراءات رادعة، أولها إعادة الامتحان وآخرها أنه «هيقرا على اللى سرب امتحان الدين عدية ياسين».
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com