أعرب رئيس مجلس شورى المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا نديم إلياس في حديث مع "دويتشه فيلّه" عن شجب المسلمين للتطرف الإسلامي ولأي اعتداء إرهابي يحصل باسم الإسلام أو غيره قائلا إن الانفتاح والاندماج في المجتمع هدف إسلامي.
مع تزايد خطر وقوع اعتداءات إرهابية في ألمانيا على يد إسلاميين متطرفين، ورفع السلطات السياسية والأمنية وتيرة التدابير الأمنية إلى حدها الأقصى، يزداد قلق المسلمين في البلاد من ردود فعل انتقامية ضدهم، خاصة بعد تسجيل محاولة لحرق مسجد في برلين. وحضّ رئيس مجلس الشورى في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا الدكتور نديم إلياس، في حديث مع دويتشه فيله، المسلمين على التزام الصبر والهدوء شاجبا الإرهاب، وحاضا على الانفتاح والاندماج، وداعيا المسؤولين إلى تعاون مشترك.
نص الحديث:
دويتشه فيلّه: كيف تنظر إلى المخاطر التي تهدد ألمانيا حاليا على خلفية معلومات أدلى بها وزير الداخلية الاتحادي توماس دو ميزيير حول إمكان وقوع اعتداءات إرهابية في البلاد؟
الدكتور نديم إلياس: لا شك أن الإجراءات التي تتخذ منطقية ومعقولة، ونأمل أن تؤدي إلى ردع كل من يخطط لتنفيذ عمل إرهابي في ألمانيا. إلا أننا نرى تفاعلا غير معقول مع بعض الأخبار والأحداث، وهذا ما لفت إليه رئيس النقابة الاتحادية للشرطة الألمانية الذي دعا إلى عدم السقوط في ردود فعل هستيرية لا تتناسب مع الوضع. وما نخشاه هو أن تكون رد فعل السلطات والجهات الأمنية أكثر مما يحتاج إليه الوضع.
هل تعتقد أن المسلمين في ألمانيا قلقون على وضعهم خوفا من ردود فعل ألمانية في حال حصول عمل إرهابي أم لأنهم يعرفون أن مجموعات إسلامية تقف وراء أي اعتداء قد يقع، ما سيؤثر سلبا عليهم؟
ما صرّح به وزير الداخلية هو أن جهات إسلامية متطرفة تقف خلف هذه التهديدات. لذلك نحن نشجب أي عمل متطرف أو إرهابي أو عدواني من أي شخص سمى نفسه مسلما أم لا. وأي عمل من هذا القبيل يتعارض مع مبادئ الإسلام كما مع قانون الدولة الألمانية، وهو يهدد أمن الجميع هنا بمن فيهم المسلمين. وحالة التوتر لديهم لم تبدأ الآن فقط، وإنما هي مستمرة منذ 11 أيلول/ سبتمبر 2001. هناك اعتداءات على المسلمين وصلت إلى حد القتل كما حصل مع الصيدلانية مروة الشربيني. وكذلك حدثت اعتداءات على المساجد والأفراد بالإضافة إلى مضايقة المسلمات المحجبات في مجالات العمل والسكن والمدرسة. والمسلمون في هذه البلاد مهددون من قبل طرفين: ممن يسمي نفسه متطرفا إسلاميا، ومن قبل روح العداء التي تأصلت الآن في ألمانيا.
رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزيّك قال في تصريحات صحافية إنه، وباستثناء بعض الأصوات الخافتة، لم يسمع أي شجب من المسؤولين لمحاولة حرق مسجد في برلين. هل يفتقد المسلمون هنا التضامن معهم؟ وفي المقابل هل رفع المسلمون الصوت ضد خطر الإسلام المتطرف؟
نحن نفتقد بالفعل روح المناصرة والتضافر مع مسلمي هذه البلاد من قبل سياسييها ووسائل الإعلام إلى حد كبير. المسلمون ليسوا أقلية صغيرة، بل أقلية كبيرة تبلغ أربعة ملايين نسمة. وما يمكن أن يهدد هذه الشريحة سينعكس على المجتمع ككل، ما يتناقض مع مُثل هذه البلاد التي نتفاخر بها وبنظمها التي تتيح المساواة والحريات للجميع. نحن نطلب إعطاء الإسلام مكانه اللائق في هذا المجتمع لتحطيم الصورة التي يريدها اليمين المتطرف له واعتباره جسما غريبا. أما القول بأن المسلمين لم يشجبوا التهديدات فهذا غير صحيح، وهم يكررون منذ سنوات رفضهم القاطع لها ونسبها إلى الإسلام. كل اعتداء هو تطرف واعتداء على حريات الآخرين.
أنت من أكثر المطلعين على أوضاع المسلمين في ألمانيا، كيف تنظر إلى واقعهم، إلى الفروق بينهم، خاصة بين الراغبين في الاندماج والرافضين له؟
إن معظم المسلمين هنا مندمجون في المجتمع ويتقنون اللغة الألمانية ويقبلون به (المجتمع) ولا يعتبرونه مخالفا لدينهم وقناعتهم؛ كما أنهم يعملون في هذه البلاد ويشاركون في النشاط السياسي. بالطبع يوجد تفاوت بين المسلمين كما هي الحال عند غيرهم. ومن يرفض الاندماج أو يعاديه قلّة محدودة، من هنا ضرورة العمل معا للتقليل من هذه القلة. واعتقد أن الانفتاح على المجتمع هنا واجب اجتماعي وأيضا هدف إسلامي، وعلى المنظمات الإسلامية دعم الاندماج بكل ما تملكه. من هنا نطلب من المسؤولين أن يتيحوا لنا الفرصة أكثر لتعزيز اندماج المسلمين.
كيف تتعاملون مع هذه الفئة التي سمَّيتها أقلية غير راغبة في الاندماج لأسباب دينية بحتة؟
هؤلاء مرفوضون في جميع مساجدنا وفي الأطر التي نعمل فيها. ويضطر هؤلاء إلى التقوقع على أنفسهم في جمعيات ينشئونها أو مساجد يقيمونها. ويرى المرء أن هؤلاء يبقون في كل المجتمعات منبوذين من قبل المسلمين. ومن خلال برامجنا نسعى إلى تقديم المثال والقدوة لدفع هذه القلة إلى الانفتاح والخروج من الانكماش والتقوقع. ونحن نتعاون في هذا المجال مع مؤسسات عدة كالكنائس والمؤسسات الحكومية أيضا.
إذا قارنا وضع المسلمين في ألمانيا اليوم بوضعهم قبل 10 أو 15 سنة فما هي المحصلة التي تخرج بها؟
المحصلة إيجابية، وإذا امتدت المقارنة إلى 20 سنة أو أكثر للاحظنا بالفعل أنها إيجابية. الوجود الإسلامي أصبح اليوم مريحا أكثر من السابق: المؤسسات اتسعت والمشاركة السياسية زادت. صحيح أن هذا جاء نتيجة احتجاجات ومطالبات، لكن الحصيلة النهائية إيجابية.
ما الذي تتمناه من السلطات الألمانية المسؤولة عن اندماج الأجانب والمسلمين؟
المجتمع الألماني والسياسة الألمانية يحتاجان إلى اتخاذ خطوة جريئة في تعاملهما مع الإسلام. إن كل ما يُفكّر في عمله في "مؤتمر الإسلام" (الذي تنظمه وزارة الداخلية الألمانية) أو في بعض الإدارات هو عمل ترقيعي. يجب أن تكون هناك جرأة للاعتراف بالوجود الإسلامي اعترافا رسميا وإداريا، والقبول بأن المنظمات الإسلامية هنا منظمات دينية لها حقوقها وتعامل معاملة الند للند ويجري التشاور معها.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com