بقلم : الدكتور مجدى شحاته
مضى عامين منذ ان خرج الشعب المصرى العظيم بالملايين فى يوم 30 يونية من اجل الحفاظ على مقومات الوطن وثوابته العريقة ....عندما أدرك الشعب بحسه الوطنى أبعاد المؤامرة الاجنبية التى كانت تستهدف الكيان المصرى لينجرف نحو مستنقع العنف الذى سقطت فيه شعوب عربية صديقة وغالية على قلوبنا . وكانت استجابة الرئيس عبد الفتاح السيسى وجيش مصر الوطنى العظيم لارادة الشعب الذى رفض الحرب بالوكالة ويسجل المصريون صفحة ناصعة البياض فى تاريخهم المعاصر والحفاظ على وحدة صف الشعب المصرى .
بعد عامين فقط وبدون أدنى مبالغة او تهويل يقف المصريون أمام حزمة من الانجازات والمشروعات العملاقة غير المسبوقة لايمكن تحقيقها الا فى عشرات السنين .. فى نفس الوقت يعود الامن و الاستقرار الى الشارع المصرى وتسير البلاد بخطوات واسعة وثابتة نحو البناء والتنمية بصورة لم تشهدها البلاد من قبل واستعادة دور مصر العربى والاقليمى والدولى بكل الثقة واليقين .
كانت البداية وقفة جادة وحازمة ضد العنف والارهاب والبلطجة وعودة الانضباط والامن و الهدوء للشارع المصرى فى زمن قياسى . تزامن هذا مع قيام حرب فعلية وفاعلة ضد الارهاب فى سيناء وتدمير مئات الانفاق تحت الارض من خلال 500 عملية عسكرية للجيش المصرى استشهد فيها 250 ضابطا وجنديا واصابة اكثر من 700 آخرين . لم تشغل المسئوليات الثقيلة القيادات السياسية عن بناء جيش قوى عملاق ليصبح علامة واضحة فى الشرق ويقف ضمن اقوى عشرة جيوش فى العالم بكل الفخر طبقا للتصنيفات العالمية المعترف بها دوليا . جيش يمتلك احدث الاسلحة من مصادر دولية متنوعة المصادر . وبعد الاستفتاء على الدستور المصرى حققت البلاد نجاحا كبيرا فى اتمام الانتخابات البرلمانية والتى كانت تمثل تحدى خطير فى مسيرة خارطة الطريق . ويتشكل مجلس النواب بعد انتخابات نزيهة وحيادية كاملة ويمارس سلطاتة بكل حرية وديمقراطية .
كان فى قمة الانجازات مشروع قناة السويس الجديدة والتى تم حفرها فى سنة واحدة بدلا من ثلاثة سنوات لتكون محورا استراتيجيا لعشرات المشروعات الوجيستية الهامة فى محافظات الاسماعيلية و بور سعيد و السويس . وكان لابد من تنفيذ اكبر مشروع قومى للطرق فى تاريخ مصر كأساس ضرورى للبنية التحتية ، فتم اقامة وتشييد مجموعة من الطرق تبلغ اطوالها مايقرب من خمسة آلاف كيلومترا تربط كافة المحافظات واقامة 130 كوبرى على اعلى المستويات .
وكان ملف الطاقة ضمن اولويات القيادة السياسية حيث تم القضاء على مشكلة انقطاع التيار الكهربى بسرعة وكفاءة بالغة للتخلص من مشكلة مزمنة كانت تعانى منها البلاد منذ سنوات طويلة كان لها
تاثيرات سلبية فى مختلف المجالات ، وعلى المدى البعيد فى مشروعات الطاقة تم البدء فى مشروع انشاء المفاعل الذرى فى منطقة الضبعة كمصدر للطاقة الذرية فى مصر لاول مرة . ولايمكن التغاضى عن الاشارة والاشادة بمنظومة ( رغيف الخبز) التى خففت من معاناة الوقوف ساعات للحصول على رغيف من الخبز ، فكانت تجربة ناجحة لتوفير رغيف الخبز الجيد والحصول علية بطريقة سهلة ومنظمة وتوفير قدر كبير من المهدر والذى يقدر بملايين الجنيهات سنويا .
وتتصدى الدولة لمشكلة الاسكان باقامة مدن وتجمعات سكنية ضخمة ، فقامت بتنفيذ مشروع الاسكان الاجتماعى والذى يشمل بناء مليون وحدة سكنية تم الانتهاء من بناء 244 الف وحدة وجارى تنفيذ 256 الف وحدة باستثمار مقداره 35 مليار جنيه . وفى الوقت الذى بدء فيه الهدوء ان يشمل معظم سيناء كانت هناك عدد من المشروعات التنموية الضخمة تأخذ حيز التنفيذ فى ربوعها ، بدأت بمشروع شرق التفريعة ومدينة الاسماعيلية الجديدة ومدينة السويس الجديدة وشركات لتصنيع الاسمنت واخرى للرخام مع انشاء سلسلة من الطرق والانفاق عبر قناة السويس لربط سيناء وسائر المحافظات المجاورة . وفى قطاع النقل بدأ العمل الجاد فى تطوير 92 محطة سكه حديد و 1200 مزلقان واضافة 1300 عربة قطار جديدة و100 جرار لاسطول هيئة السكك الحديدية والتى تعانى من تدهور شديد فى السنوات الاخيرة ، كذلك تم ضم مئات الحافلات لاسطول النقل البرى فى مختلف المحافظات . وسط هذا الكم من المشروعات القومية الضخمة لم تتوانى القيادة السياسية باعطاء اشارة البدء فى انشاء العاصمة الادارية الجديدة لتخفيف العبئ عن القاهرة التى باتت تزدحم بالملايين من البشروالعمل جارى على قدم وساق . وسط كل ذلك كان لابد من محاربة الفساد بكل اشكاله والقضاء على البيروقراطية ومازالت الحرب مستمرة وقائمة فى كافة مؤسسات الدولة بعد سنوات طويلة من الفساد و الترهل الادارى للتخلص من تلك الافات المدمرة .
تزامن هذا الكم العظيم من المشروعات القومية الضخمة مع زيارة العديد من قادة وزعماء وملوك ورؤساء من مختلف انحاء العالم لمصر وكذلك قيام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة العديد من الدول الاوربية و العربية و الافريقية وروسيا والصين واليابان والولايات المتحدة الامريكية والمشاركة فى المؤتمرات والمحافل الدولية واستطاعت مصر من استعادة مكانتها المرموقة بين دول المنطقة ودول العالم واعتراف المجتمع الدولى بالثورة و بدور مصر الريادى على كافة المستويات اقليميا وعالميا . كذلك مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى العالمى الذى جاء بمثابة دعوة مفتوحة للاستثمار الدولى فى فى كافة المجالات فى مصر .
يعوزنى الوقت للحديث عن مشروعات اخرى هامة وكثيرة ولكن هناك مشروعان لابد من التوقف امامهما ، اولهما المشروع القومى لاستصلاح وزراعة مليون و نصف مليون فدان من الاراضى الصحراوية بمصر والمستهدف استصلاح وزراعة اربعة ملايين فدان بتكلفة 60 مليار جنية... ومن منطلق عملى وخبرتى فى مجال التدريس والبحوث الزراعية بجامعة الاسكندرية ، ادرك تماما ضخامة
هذا العمل الذى يمكن ان يغير خريطة الوطن بالكامل ، فلقد شاهدت بعينى عبر شاشات التلفزيون (يوم الحصاد ) يوم 5 مايو 2016 حيث تم حصاد عشرة آلاف فدان زرعت قمحا فى سهل بركة بواحة الفرافرة مجرد بداية وباكورة استصلاح مليون ونصف المليون فدان ، شاهدت بعينى على امتداد البصر مساحات مترامية متموجة بلون ذهبى لسنابل القمح تعكس اشعة الشمس على ارض الفرافرة والتى هزت المشاعر من الاعماق ، وصل انتاج الفدان 18 _ 20 أردب ، 80% من الاراضى تروى من مياه الابار الجوفية ويضم المشروع مجتمعات عمرانية زراعية وصناعية متكاملة تضمن ثلاثة قرى زراعية حديثة ، بها اكثر من الفين منزل ريفى واربعون عمارة تضم 480 وحدة سكنية للعاملين بالمشروع وتشمل القرى حضانات للاطفال ومدارس ووحدات صحية واقسام للشرطة والحماية المدنية وبنكا زراعىا ودور للعبادة ، وتم ربط المنطقة بشبكة من الطرق الجديدة تبلغ اطوالها 683 كيلومترا والعمل مستمر لاستكمال منطقة صناعية تقوم على المنتجات الزراعية والحيوانية وجارى اقامة محطة للطاقة الشمسية بقوة 8 ميجاوات . ان المشروع الزراعى العملاق يعمل على زيادة المساحة المأهولة بالسكان من 6% الى 10% من مساحة مصر ويعمل على زيادة الرقعة الزراعية بمقدار 20% . لاشك ان قطاع الزراعة فى مصر لديه من الامكانيات والمقومات ما يمكن فتح آفاق خلاقة قادرة على سد الفجوة الغذائية والاكتفاء الذاتى . الامر المهم ان هذا الانجازالمبهر تم فى هدوء ولم نسمع عنه الا فى يوم الحصاد حصاد محصول الذهب الاصفر ...
اما المشروع الثانى الذى يشد الانتباه ويشرح القلوب ، هو البدء فى القضاء على العشوائيات فى غضون سنتين اثنين فقط !!! بدأ المشروع بأعادة تسكين مئات المصريين فى شقق جديدة مفروشة فى منطقة الاسمرات ، حيث كان يعيش اخوة لنا فى المقابر وشقوق الارض واسفل الكبارى وفى عشش من الكرتون والصفيح ، آن الاوان ليأتى من ينتشل مواطنون كابدوا قسوة الزمن والحرمان من صورا لحياة الانسانبة لعقود طويلة ليعيشوا مثل باقى البشر فوق سطح الارض . ويشمل مشروع العشوائيات بناء 11 الف وحدة سكنية وتجهيزها بالمفروشات ، ويقام المشروع بتكلفة مليار ، 550 مليون جنية للقضاء على آفة العشوائيات التى فشلت كل الحكومات السابقة ان تفتح هذا الملف المخجل فى تاريخ الانسانية . ان مشروع القضاء على العشوائيات يؤكد انه قد حان وقت العمل لتحقيق العيش والحرية و العدالة الاجتماعية على ارض الواقع والتنفيذ العملى وليس مجرد شعارات جوفاء وغرغره حناجر لاتغنى ولا تشبع ..
نعم مصر تعيش وقت العمل والبناء ، لم يعد هناك مجال للكلام المنمق والامال واستجلاب التفاؤل لم تعد الاعتصامات والتظاهرات والوقفات قادرة على زيادة الانتاج ولو خطوة واحدة ، ولم تعد سخافات وتطاول اصحاب شبكات التواصل الاجتماعى قادرة على توفير كوب لبن واحد او رغيف خبز... نعم لقد حان الاوان ان يزهو كل مصرى ويفخر بما يتحقق على ارض الواقع فى مصر من مشروعات تنموية لم تشهدها البلاد من قبل ويشارك كل مواطن بكل ما يملك من امكانيات متاحة لديه لمواجهة التحديات والصمود من اجل معركة الوجود .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com