ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

القس جوزيف نجمة: الإنجيل لم يخبرنا أن الرسل والتلاميذ كانوا من الجبناء والمنهزمين والعبيد

مارغريت خشويان | 2010-11-30 00:00:00

الأقباط أكبر تجمع مسيحي عربي وليس لهم دور في الحياة السياسية بمصر!
أحمل رجال الدين مسئولية قتل المسحيين لأنهم لم يعلموهم أن يدافعوا عن أنفسهم
كيف تجتمع جامعة الدول مئات المرات لقضية فلسطين ولا تجتمع مرة لمسيحيي العراق
800 شهيدًا سريانيًا سقطوا من أجل أن يبقى لبنان رمزًا للحرية في الشرق المضطرب

حوار: مارغريت خشويان*

لقد درجت المسيحية منذ نشأتها أن تحمل لواء الشهادة المتمثل بالصليب، وهو العلامة الفارقة لاتباع يسوع المخلص، والذي علَم المؤمنين به “من لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يستحقَني”. والصليب معنىً ومبنىً ومضمونًا، هو تحمل الألم والصبر عليه، وفي نفس الوقت هو السلَم الذي يرفع إلى السماء، والطريق المؤدي أخيرًا إلى الملكوت السماوي، وهو القائل “ها أنا أرسلكم مثل خراف بين ذئاب، فكونوا ودعاء كالحمام وحكماء كالحيَات”.
القس "جوزيف نجمة" مواليد 1954، نال شهادة "السرتيفيكا" (الابتدائية) في مدرسة "مار بطرس وبولس" –المصيطبة- 1966، نال شهادة "البريفيه" (الإعدادية) في مدرسة "مار إفرآم" –حوش الزراعنة- زحلة 1970، أكمل دروسه الثانوية في "الثانوية الرسمية للصبيان" الميدان – زحلة. رُسم شماسًا إنجيليًا 1987، في كنيسة السيدة -برج حمود – لبنان، رُسم كاهنًا بتاريخ 5 حزيران (يونيو) 1988، في كاتدرائية مار يعقوب – السروجي السريان. السبتية – لبنان. هو أحد مسئولي جمعية "رسل الوحدة" (1986- 1991)، مؤسس ومدير “مجلة السامري”.
ألف العديد من الكتب: "رسائل ومواقف" -تحت الطبع، "المسيحيون المشرقيون في أوروبا"، "القضاء والمحاكم الكنسية"، "رابطة الكهنة لكل الطوائف"، "نكبات المسيحيين في الشرق"،  "الرهبانية ماضيًا وحاضرًا. "تاريخ السريان في لبنان 1910- 2010"، و“شهداء السريان في لبنان”.. وهو محور هذا اللقاء:
•ما الذي دفعك لإصدار كتاب حول شهداء السريان في لبنان؟
أسباب كثيرة أولها كوني لبنانيًا، فقد عشت الحرب وعانيت منها، وساعدت ضمن إمكانياتي المتواضعة، ودافعت عن الوجود المسيحي.
السبب الآخر أني رأيت كل الطوائف تكتب عن شهدائها، سواء أكانت مسيحية أو إسلامية، مثلاً الطائفة المارونية الكريمة لها 100 كتابًا تقريبًا، والروم، والأرمن، إلا طائفتنا وشعبنا السرياني، وأركز على كلمة "شعب" لأنها تتضمن كل الطوائف من سريان وكلدان وآشوريين، فأردت أن أخصص كتابًا لهذه الشعوب؛ ليكون أولاً ذكرى ووثائق، فنحن نعتبر أقلية، في أماكن عدة قيل لي أنتم أقلية وليس لكم حصة، وبعد أن صدر الكتاب تبين للجميع أن لنا 800 شهيدًا سقطوا من أجل أن يبقى لبنان.
هذا الكتاب يعطي فكرة لأجيالنا أن هناك مؤسسات كالرابطة السريانية، كان لديها سلاح ومدفعية، فُرضت علينا الحرب، ودافعنا عن وجودنا في لبنان، وهذا الأمر يعطي للأجيال اللاحقة فكرة عن معنى الشهادة الحقيقية، وكل صفات الشرف والتضحية والوفاء للوطن.

•ما الذي يميز هذا الكتاب؟
 للأسف الشديد لم يكتب أحد في لبنان عن الشهداء السريان، من فترة 75 إلى 95، ولا حتى خارجه، فقط شخص واحد اسمه "الملفونو صليبا نجمة" هو حاليًا في ألمانيا، كتب عن شهداء السريان خلال حرب السنتين 75-76، أما هذا الكتاب فيعتبر الأول من نوعه، يجمع فترة الحرب الممتدة من 75 إلى 90. كتاب وثائقي يصف المعارك التي حدثت خلال هذه الفترة، إضافة إلى أسماء الشهداء، وأرشيف هام من الصور القديمة، ووثائق تعتمدها المصادر الرسمية والغير رسمية.

•ما هي الموضوعات الرئيسية التي يتناولها الكتاب؟
المعارك والحروب والمجازر، التي حصلت في القرى والمدن المسيحية، والمنظمات الإرهابية التي دعت إلى إلغاء الآخرين وقتل المسيحيين في لبنان، فقد كان هناك مخطط للسيطرة واستلام السلطة، والذي يثبت هذا الأمر، المحاولات الكثيرة لإلغاء مدن وقرى مثل "الدامور" ومجزرة "القاع"، مجزرة "شكا"، وغيرها من المجازر التي ارتكبت بحق المسيحيين.

•هل على المسيحي أن يحمل السلاح ويدافع عن نفسه؟ وما رأيك بالتناقضات في الكنيسة حول هذا الموضوع؟
عشت الحرب، وكوني كنت شماسًا، دائمًا كان يُطرح عليّ سؤال: "هل يجوز حمل السلاح للدفاع والقتل"؟ بالنسبة إلى المسيحية في الإنجيل المقدس أو نص الكتاب، يجيز في العهد القديم حروب دفاعية وقتالية واستباقية، في أمثلة كثيرة كداوود النبي، وموسى، لكن في العهد الجديد لم يكن هناك حروب، لكن هناك آيات تجيز الدفاع عن النفس، فهو حق مقدس ومشروع، مثلاً في إنجيل يوحنا ورد في الأصحاح 18/10-11 “ثم أن سمعان بطرس كان معه سيف فاستلٌه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه، فقال يسوع لبطرس اجعل سيفك في الغمد، الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها"؟ فقد قال يسوع “ارجع السيف إلى غمده” أي احتفظ به، ولم يقل له ارمه جانبًا. أما المثل الثاني، ورد في إنجيل لوقا في الأصحاح 22/35، 36، 37 "ثم قال لهم: حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شيء؟.. فقالوا لا. فقال لهم لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك، ومن ليس له فليبع ثيابه ويشتر سيفًا، لأني أقول لكم أنه ينبغي أن يتم فيّ أيضًا هذا المكتوب أن قد أُحصي مع الأثمة، لأن ما هو من جهتي له انقضاء، فقالوا يا ربَ هوذا هنا سيفان، فقال لهم يكفي.(ص 24). ففي إنجيل لوقا يتحدث عن حاملي السيف بالجمع، هذا الكلام يعني أن الجميع كان يحمل السيف، فنضرب بالجمع وليس بالمفرد.

•حدثنا عن المعوقات التي صادفتك في تحضيرك للكتاب؟
كان هناك تحديات كثيرة ومعاناة وإحباط، كمجتمع سرياني في لبنان، عدد قليل من الكتاب، لقد تحدث إلي البعض عن خطورة هذا النوع من الكتب.
اعترضتني مشكلات كثيرة من الناحية المادية، فالإيمان هو الذي قواني، دفعني لأكمل ما بدأته، وإيماني بهذه القضية، هي قضية شهداء الشعب السرياني، هم أبناء الشهداء، وأحفاد الشهداء مثلاً في سفر برلك ضربة موجعة للشعوب المسيحية كلها ومن ضمنها الشعب السرياني والأرمني.

•لماذا اخترت الأقباط كنموذج في مقدمة الكتاب؟
 في هذا الفصل طرحت موضوع شعوب بلا دول، وأعطيت نموذجًا عن الأقباط، فأغلبية الدول كانت مسيحية، ففي العراق (بلاد الرافدين)، كان 70% من سكانه مسيحيين (آشوريين، كلدان، سريان) 25% صابئة ومجوس وزراداشتيين، 5% يهود.
أما سوريا: 80% مسيحيون ( روم، سريان)، 10% صابئة وزرادشتيون، 10% يهود.
أما لبنان(فينيقيا): 90% مسيحيون، 5% وثنيون كنعانيون، 5% يهود.
أما الحجاز (السعودية حالياً): 40% مسيحيون (آشوريون نساطرة)، 40% وثنيون متنوعون، 20% يهود.
أما مصر: كانت هناك غالبية مسيحية (أقباط) وهم أبناء الفراعنة وأحفادهم، مع أقلية يهودية، وأقلية وثنية.
أما ليبيا: كانت هناك أغلبية مسيحية، مع أقلية يهودية، وأقلية وثنية.
الجزائر: كانت هناك أغلبية مسيحية، مع أقلية وثنية، وأقلية يهودية.
السودان (نوبيا): نصفهم مسيحيون، ونصفهم الآخر وثنيون متنوعون، وأروحيون.
الحبشة: كانت هناك غالبية مسيحية، مع أقلية يهودية، وأقلية وثنية.
مراكش (المغرب): كانت هناك أغلبية مسيحية، مع أقلية يهودية، وأقلية وثنية.
اخترت المجتمع القبطي لأنه حاليًا أكبر وجود مسيحي بدولة عربية، فعدد الاقباط 8 ملايين، والكنيسة تقول 12 مليونًا، إذا قلنا 8 ملايين كإحصاء رسمي من الدولة، أمعقول 8 ملايين ليس لهم وجود أو دور؟! هناك اثنا عشر نائباً مسيحيًا فقط بين 444 نائبًا، والنسبة المئوية تقول، الأقباط يحق لهم 57 نائبًا، كما يحق لهم عدد من الوزراء، فإذا كانت الوزارة تشكل من أربعين وزيراً يحق لهم 5 وزراء.
الحقيقة لم يخبرنا الإنجيل أبدًا أن الرسل والتلاميذ كانوا من الجبناء والمنهزمين والعبيد. سقطت كل الحواضر والدول المسيحية في الشرق والغرب، بسبب القيادات الفاسدة والمضللة والأنانية، ومنها قيادة بعض رجال الدين، فسقطت الإسكندرية وأورشليم وغيرها، وحتى هذه اللحظة لم تستيقظ الشعوب المسيحية المشرقية، فلا يزال معظمها يرضخ لقيادات الجبناء والتنابل والمنهزمين والمتوهمين.

•أهناك من يتحمل مسئولية ما حصل في الماضي إلى الآن؟
أُحمل كل رجال الدين المسئولية عن قتل المسيحيين، لأنهم لم يعطوا حافزًا للمسيحي ليدافع عن نفسه. أُحمَل الجامعة العربية تقاعسها، فليس هناك أي قانون يحفظ حقوق الأقليات، كأن هناك فكرة لإلغاء الأقليات، فهي تعتمد مبدأ العنصرية. وصولاً إلى ما يحصل في العراق، فلم يتم اتخاذ قرار أن الشعب المسيحي هو جزء من النسيج العراقي، وجزء من الدول العربية ككل، تجتمع جامعة الدول العربية مئات المرات من أجل قضية فلسطين لكن لم تجتمع من أجل المسيحيين في العراق ومن أجل المشاكل الحاصلة في السودان، هذا المجلس مجلس عنصري بامتياز، ولو هناك قانون دولي لتمت محاسبتهم.
أمعقول أن في جنوب السودان ذهب 2 مليون قتيل ولا اجتماع واحد! والسودان عضو جامعة الدول العربية، هناك تجاهل رهيب بحق المسيحيين.

•ماذا تقول للشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن لبنان؟
أقول لهم: إن دماؤكم الزكية لم تذهب هدرًا، فقد بقي لبنان والدولة اللبنانية، لبنان قاعة الأحرار والديمقراطية في قلب الشرق المضطرب، المعروف بحروبه وحوادثه، ومشكلاته التي لا تنتهي إلا يوم القيامة.

* مديرة موقع طيباين الصادر عن الرابطة السريانية - لبنان

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com