ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

اشتباكات بين الاخوان وحزب الوفد فى بورسعيد ..وحصار حسن البنا فى المسجد

سامح جميل | 2016-07-06 13:12:10

فى مثل هذا اليوم 6يوليو 1946م..
هل يمكن أن يجمع حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين تحالفا سياسيا؟ حدث هذا فى انتخابات مجلس الشعب عام 1984، والتى جرت بالقائمة النسبية، لكن سرعان ما انفض فى الانتخابات التالية عام 1987، ورغم ما قيل وقتها من أسباب، حول الاختلاف فى ترتيب المرشحين فى القائمة، إلا أن أحدا لم يلتفت الى أن الخلاف بين الفريقين كقوى سياسية له خلفية تاريخية، تتحكم فى مسار الاتفاق والاختلاف بينهما، وقراءتها ربما تعطى ملمحا للمستقبل، فماذا عن هذه الخلفية؟ بعد توقيع معاهدة 1936 احتدم الجدل حول المطالبة بتطبيق قوانين الشريعة الإسلامية والتخلص من القوانين الأجنبية، وهاجم النحاس باشا زعيم حزب الوفد المطالبين بذلك قائلا «لا قيمة لهم ولا وزن وأنهم لا يريدون وجه الله ولا إعلاء كلمة الإسلام، فالإسلام عالى الجنبات»، ورد حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين بمقال تحت عنوان «أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون»، قال البنا إن المشكلة الأساسية هى فى انفصال الزعماء والنحاس منهم عن الإسلام كنظام للحكم «فهم فى ناحية والإسلام العالى الجنبات فى ناحية أخرى». وبوصول الوفد إلى الحكم عقب حادث 4 فبراير 1942 الشهير،أمر النحاس بإغلاق مقرات الإخوان فى المحافظات، ولكن تغير الحال بعد انشقاق مكرم عبيد عن الوفد ونشره الكتاب الأسود الذى كشف فيه مثالب الوفد.

ففى يوم 15 إبريل عام 1943 علق حسن البنا بطريق غير مباشر على ما جاء بالكتاب الأسود قائلا: «إن نظام الحكم فى مصر كله عفن ويحتاج إلى إعادة تنظيم شامل يلعب فية الإخوان دورا بارزا»، ويخشى النحاس هذه المرة أن يتضامن الإخوان مع مكرم عبيد فسعى النحاس إلى الحصول على تأييد الإخوان، والتحالف معهم فألغى قرار إغلاق شعب الجماعة وسمح للإخوان فى 8 مايو 1943 بعقد مؤتمراتهم لتستفيد من جديد. وعلى أثر قرار النحاس وجه البنا دعوة للحكومة الوفدية لزيارة مركزهم العام فلبى الدعوة فؤاد سراج الدين وزير الزراعة، وعدد من الوزراء وهم محمود سليمان غنام ومحمد صلاح الدين سكرتير عام مجلس الوزراء وزير الخارجية فى وزارة الوفد التالية وبعض النواب والشيوخ وكان فى استقبالهم المرشد العام وأحمد السكرى وكيل الجماعة، واستقبل الحاضرون كل وزير بالهتاف والتكبير الله أكبر ولله الحمد وألقى البنا خطبة ترحيب تتضمن أهداف ومبادئ دعوة الإخوان، وخطب بعده كل من وزراء الزراعة والتموين والتجارة،

ومما قاله سراج الدين فى خطابه: «دخلت الإخوان وزيرا وخرجت منها جنديا لخدمة مبادئ الإسلام». والواقع أن ما فعله البنا أثبت دهاءه فهو الذى يرفض الوفد والأحزاب الأخرى، يمد يديه إليهم كى لا يبطشوا بدعوته، وعلى أثر ذلك تسربت الجماعة داخل المعاقل التقليدية للوفد بالجامعة وتجمعات الموظفين والأرياف والنقابات. وتفجر الصراع بين الوفد والإخوان بمجىء صدقى باشا إلى الحكم فبراير 1946- وكان الميدان الأساسى للمعركة هو القضية الوطنية والموقف من حكومة صدقى، فنتيجة لخطأ فى التقدير السياسى للإخوان، وقفوا إلى جانب صدقى فى بداية عهده فقط، بينما رفض الوفد التعاون معه، وهاجموا حكومته منذ بداية عهدها، غير أن هذا التعارض فى الموقف من حكومة صدقى لم يكن السبب الأساسى للصراع بين الوفد والإخوان بدليل أن اضطهاد صدقى للجميع بمن فيهم الإخوان لم يؤد إلى توقف ذلك الصراع بل تزايد. وأراد صدقى من تحالفه مع الإخوان تحقيق توازن مع الوفد فعرض على البنا أن يكون وزيرا للأوقاف، ولكن البنا رفض خوفا من أن يفقد نفوذه ومكانته كقائد ومرشد للإخوان. وعمل الوفد على تشكيل جبهة موحدة فى مواجهة حكومة صدقى باشا فتم تكوين ما سمى بـ«اللجنة الوطنية للعمال والطلبة»، وهى تحالف ضم الوفد والشيوعيين، ورفض الإخوان الانضمام إلى تلك اللجنة وفضلوا العمل منفردين، يؤازرهم فى أغلب الأحيان الحزب الوطنى ومصر الفتاة وشكلوا ما عرف بـ«اللجنة القومية»،

وبرر البنا وجهة نظر الإخوان فى الابتعاد عن اللجنة الوطنية بقوله: «إن اللجنة التى ترى الرغيف أغلى من الحرية وتنادى بفصل مصر عن السودان لجديرة أن ينفض عنها وينفض يده منها الوطنيون الأحرار». وعلى ضوء التعارض بين الوفد والإخوان فى الموقف من حكومة صدقى اشتد التنافس بينهما، وشهدت المدن والأقاليم معارك بين أنصار الطرفين ففى مثل هذا اليوم 6يوليو 1946م انتقلت الاشتباكات إلى بورسعيد وتبادل الطرفان الاتهامات، وزار البنا المدينة ليخطب فيها وحوصر فى المسجد ، فانفجرت قنبلة كادت تودى بحياته، وهاجم الشباب الوفدى دار الإخوان، وأشعلوا فيها الحريق فجرت معركة دموية بين أنصار الطرفين جرح فيها 58 من الوفد 22 من الإخوان.وجرت أيضا اشتباكات دامية بين أنصار الاثنين فى السويس، وخرجت الجماهير الوفدية بهتافات معادية للإخوان، ونادت بسقوط الشيخ «صنيعة الإنجليز».

وفى ظل حملات متوالية من الهجوم شنتها صحافة الوفد على الإخوان بصفة عامة وعلى مرشدهم بصفة خاصة ألقى البنا خطابا فى اجتماع للإخوان آخر أغسطس 1946 تناول علاقة الفريقين قائلا: «مازلنا نجهل الدافع إلى خصومة الوفد للإخوان فماذا جنى الإخوان». وهاجم البنا الوفد والنحاس قائلا: «أخطر ما فى الموقف أن يلجأ الإنجليز إلى إيجاد حكومة محايدة وتأليف وفد مفاوضات جديدة برئاسة النحاس، وينتهى الأمر بالتوقيع على معاهدة المجد والفخار، وتكون هى بعينها معاهدة الشرف والاستقلال الماضية لم يتغير فيها إلا بعض العبارات والألفاظ»، ويقصد المرشد العام بذلك معاهدة 1936 التى وقعها مصطفى النحاس باشا.!!

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com