ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

سيادة الرئيس أرجوك استقيل

د. مينا ملاك عازر | 2010-12-02 09:00:57

بقلم: مينا ملاك
منذ أن أحيا الرئيس الراحل "السادات" الحياة الحزبية في مصر بمبادرته المشكور عليها بإطلاق المنابر الثلاثة في مصر، ومصر تعيش مخاض سياسي لتلد الديمقراطية والحياة الحزبية السليمة، ومن يومها لوقتنا هذا ومصر لم تحيا تلك الحياة التي نشدها الرئيس "السادات" رحمه الله، فحتى حينما أعلنها رسميًا حياة حزبية؛ بإطلاقه حزب مصر كحزب وسطي، وصار رئيسه السيد "ممدوح سالم" لم تكن حياة حزبية سليمة، وأذكر أن الرئيس "السادات" قال للكاتب أحمد بهاء الدين في حواراتهما التي جمعتهما سويًا أنه سيطلق الأحزاب بضمانات كافية للجميع ليشتركوا فيها، فأطلق الحزب الوطني وصار رئيسًا له لكي يضمن للمصريين أن يشتركوا في كل الأحزاب بأمن وأمان لهم، ورغم انغماس الرئيس في الحياة الحزبية إلا أن عزوف المصريين عن الانشغال في الحياة الحزبية استمر، فمثلاً وحتى وقتنا هذا لم يشترك في الأحزاب الخمسة والعشرين المصرية للآن سوى أربعة ملايين شخص تقريبًا قل خمسة ملايين.
ولذا فبات واضحًا –للأسف- فشل مبادرة الرئيس "السادات" والتي استمر عليها الرئيس "مبارك" حماه الله لنا ولوطننا الحبيب، مما صار من المفضل أن يخطو الرئيس "مبارك" تلك الخطوة العملاقة في طريق ولادة الديمقراطية الحقيقية في مصر، وتتمثل هذه الخطوة في أن يستقيل من رئاسة الحزب الوطني، وهو إن أَقدم على هذا الفعل سيكون قد ضرب عدة عصافير بحجر واحد.
 أولها أنه يكون قد أرسى سابقة هامة وخطيرة وهي أن يُقدم مسئول مصري استقالته من منصب ما مهما كانت أهميته وخطورته، وسيجعل كل المسئولين معرضين مطالبين لأن يقدموا استقالتهم فور اقترافهم خطأ مهما كان بسيطًا، فإن كان الرئيس متى شعر بعدم جدوى موقفه وهو لم يخطئ في ذلك، وإنما موقفه نفسه لم يؤت ثماره قد استقال، فبالأحرى من أخطأ وأفسد.
ثاني العصافير؛ هو أن يرى مدى هشاشة الحزب الوطني الذي يقول رجاله أنهم يتمتعون بشعبية جارفة، غير أن في حقيقتها أنهم محميين بوجود الرئيس "مبارك" المحبوب من جُل الشعب المصري، والذي يرى فيه حصن أمان المصريين من فساد الحزب الوطني، فسيرى الرئيس بنفسه سقوط الحزب السقوط المدوي، وتخلي الشرطة عن حمايته والشعب من قبلها
 وثالث هذه العصافير؛ سيرى بنفسه مدى ضعف شخصية رجاله الذين اعتادوا القفز على كل المناضد، بين الاشتراكية الناصرية في عهد الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، ومرورًا بأحزاب الوسط بعهد الرئيس "السادات"، وانتهاءًا بالرأسمالية والفكر الجديد الذي قاده السيد "جمال مبارك"، فحينما يستقيل الرئيس "مبارك" من الحزب سيضرب أولئك الرجال "لخمة" بلغة أهل الشارع البسيط، ولن يعودوا قادرين على معرفة وجهتهم إلى أين يذهبون؟ وأين ستكون الحماية الرئاسية حتى يقفوا تحت مظلتها.
رابع هذه العصافير؛ سيتعرف الرئيس "مبارك" بنفسه على مدى حب الشعب المصري له، واحترامه له ولسياساته والتي يسيئ رجال الحزب الوطني تنفيذها، وسيرى الرئيس الوضع الحقيقي الذي آلت إليه مصر، والذي آل إليه الشعب المصري من تردي في مستويات المعيشة، وسيعرف مدى بهتان استطلاعات الرأي التي تٌفبرك.
وأخيرًا سيادة الرئيس؛ أنت في مفترق طرق في أثناء قيادتك لمصر، وأنا وكل المصريين على ثقة بأنك قادر على أن تخط تلك الخطوة التي من شأنها الإتيان بالكثير من الثمار الطيبة لمصر وطننا الحبيب وللمصريين، فإرساء الديمقراطية من شأنه التقدم في كل المستويات التعليمية، والثقافية، والمهنية، والبرلمانية، والحقوقية، بالإجمال في شتى مناحي الحياة.
سيادة الرئيس أثق في أنك قادر على التخلي عن الحزب الوطني الذي يسيء لك، وأنت منه براء، أثق بأنك ستستريح من هموم هذا الحزب التي تُلقي على كاهلك مما يثقله، بأن تجد نفسك مضطرًا للتدخُّل لحلها وتحسين أحوالنا.
وللمستقبل وليس التاريخ، نحن بحاجة أن يقف الحزب الوطني بدون سند رئاسي له، حتى ينكشف على حقيقته، ومصر بحاجة أن تنعم بحمايتك أكثر من الحزب الذي صار مأوى لكل فاسد وقاتل وكاره للشعب، ومجرم في حق البلد.
سيادة الرئيس استقيل من رئاسة الحزب الوطني ولترى ماذا سيجري في الأمور كي ما تعرف الحقيقة كاملة، الحقيقة بلا أية شوائب.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com