سأظل على يقين أن «طالبان والقاعدة والدواعش والسلفية الجهادية والنصرة وبيت المقدس»، وغيرهم لا تعلمونهم الله يعلمهم، هم الأبناء الشرعيون للوهابية، وخلفتها من بطنها، ونبتها الأصيل، وكلهم المصدر الرئيسى للإرهاب، وأصل تكفير المسلم وغير المسلم، وسبب الصدام مع العلم والحضارة، وجميعهم فى سباق وتنافس على تدمير الدنيا وهدمها، ويحصدون الميداليات الذهبية فى ترويع الإنسانية، وتخويف وترهيب خلق الله، حتى أصبحوا ذريعة فزع العالم من الإسلام، وحجتهم لصد المسلمين، ومبررهم لإغلاق المنافذ عنهم وحصارهم حتى يخربوا بيوتهم بأيديهم وأيدى فصائل المقاتلين من المسلمين، ولا ننسَ نصيب شيخ الإسلام تقى الدين ابن تيمية، الأب الروحى لهم،
إمامهم الذى مات محبوساً بتهمة الزندقة والهرطقة، وأستاذه أحمد بن حنبل، فى حصد الجوائز والغنائم، ما يقال عن الوهابية وغير المسلمين، يقال أيضاً عن الوهابية والمنافقين من المسلمين، والمنافقون هم كل المسلمين غير الوهابيين، فهم يستحقون القتل، لأنهم أشد خطراً على الإسلام من الكفار (راجع فتوى الدواعش حين سألوهم لماذا تبدأون الحرب بالمسلمين دون الكافرين؟ قالوا لأن المنافقين أشد خطراً على الإسلام من الكافرين)، فإذا عرفنا أن الحنابلة لا يزيدون عن اثنين بالمائة من جموع المسلمين ويسببون كل هذا الخراب والدمار نكون قد عرفنا أن القتل والإثخان والترويع هى وسيلة الضعيف، وسلاح الجهلاء، والسيف هو حجة من لا حُجة عنده، وقديماً قالوا (إذا قتل الضعيف القوى فإما أن يكون القاتل غادراً، أو يكون القتيل متكاسلاً).الوهابية لها مع المسجد النبوى وضريح الرسول فى المدينة وكل أضرحة المساجد قصص تطول أحياناً وتقصر أخرى، لكنها تؤكد ما قاله أحد المستشرقين: إن محمد بن عبدالوهاب كان باحثاً لنفسه عن رسالة جديدة ودين جديد، وتنازل عنها حين ضاق عليه الأمر إلى مذهبه الوهابى وغلفه بغلاف الرسالة. هذا جده سليمان بن التميمى من نجد بالجزيرة العربية، وكان يعمل بالقضاء العرفى، يرى فى المنام أن ناراً تخرج من جنباته تحرق فى طريقها الزرع والأنعام، والضرع والخيام، قال له مفسرو الأحلام: (سيخرج من صلبك رجل ينير بفكره ما بين المشرق والمغرب)، إرهاصات النبوة وأحلام الرسالة تلاحق أرض الجزيرة العربية وسكانها دون أرض الله. حاول ابنه «عبدالوهاب» أن يكون هذا النبى، لكنه كما قال عنه الرواة: (ذكاؤه محدود، ومكره معقود، وعمره لم يسعفه)، فورث إرهاصاته ابنه محمد بن عبدالوهاب، فالأحلام تتوارث والنبوة جزء من حلم المهاويس،
قالوا: استكمل بحثه عن النبوة، وحين عجز عنها سعى إلى مذهب يوصله إلى الله، حارب زيارة القبور وسعى إلى هدم الأضرحة، جمع حوله أحباءه وأنصاره، ليحقق رؤيا جده لينير ما بين المشرق والمغرب، ربما قرأ جده سليمان التميمى عن إرهاصات النبوة التى شغلت يوماً ما «عبدالمطلب»، التاريخ يقول: إن «عبدالمطلب» جاءت معه ورافقته إرهاصات النبوة والرسالة حين عاد من المدينة إلى مكة، وهو فى الخامسة عشرة من عمره، تاركاً أخواله من عائلة النجار الذين ربوه حتى عاد إلى بيته، وكان محملاً بما يحمله اليهود من قصص القرب والاتصال بالسماء وإرهاصات النبوة، وكان ذات الحلم يراوده، نور يخرج من بين ضلوعه ينير للدنيا ما بين المشرق والمغرب، «عبدالمطلب» أول من تحنث فى غار حراء، وأول من حرم الطواف حول الكعبة للعرايا أو شاربى الخمر، كل هذا وحلم النبوة الذى راوده لم يتحقق، حتى مسيلمة الكذاب ظلت تراوده نفس أحلام النبوة حتى مات كذاباً.
قصة محمد بن عبدالوهاب مع بيت النبوة نرويها للناس حتى يعلم الجميع لماذا يستهين الوهابيون ببيت النبى وضريحه، فهم أولاً قد حرموا زيارة القبور حتى لو كان قبر الرسول، واشترطوا أن تكون زيارة الرسول ليست بقصد زيارة قبره، ولكن بقصد زيارة المسجد. وهم ثانياً لا يؤمنون بشفاعة النبى ويحلون دم كل من يطلب الشفاعة من النبى أو من آل بيته أو أولياء الله الصالحين، وهم ثالثاً: يحرمون إنشاء القباب على المساجد والقبور (لما حاول الوهابيون هدم قبة المسجد النبوى وقف المسلمون فى طريقهم، فحاولوا نقل ضريحه ففشلوا، وأخيراً حاولوا فصل البيت عن المسجد ففشلوا أيضاً)، رابعاً: بطلان الصلاة فى مساجد بها أضرحة حتى لو كان مسجد الرسول.
على أية حال فقد ذكر أحد المؤرخين أن الوهابيين هدموا بيت النبى بشعب الهواشم (بنو هاشم) مولده وصباه بمكة، وهدموا بيت السيدة خديجة بنت خويلد زوجته ورفيقته، وبيت أبى بكر صديقه وخليله، وبيت حمزة بن عبدالمطلب عمه وصديقه، وتقع جميعاً بمحلة المسفلة بمكة، وهدموا البيت الذى ولدت فيه السيدة فاطمة الزهراء ابنته وحبيبته، فى زقاق الحجر بمكة، وهدموا بيت الأرقم، أول بيت اجتمع فيه الرسول بأصحابه ورفاق دعوته، وهدموا قبور الشهداء الواقعة فى المعلى بأعلى مكة، وقبور موقعة بدر وبعثروا رفاتهم وهم صحبة الطريق، ودمروا بقيع الغرقد بالمدينة، وحرقوا المكتبة العربية فى مكة، وفعلها أحفادهم الدواعش فى حرق مكتبة الموصل تيمناً بما فعله الأجداد فى مكتبة الإسكندرية، وهدموا بيت الحسن والحسين وهم عترته وآل بيته، ولما هموا بتدمير القبة التى تظلل جثمان النبى وقفت الشعوب والمسلمون فتراجعوا (هذا على عهدة الرواة).
إن ما حدث مؤخراً من تفجيرات حول المسجد النبوى بالمدينة هو امتداد للفكر الوهابى فى هدم الأضرحة والاستهانة بها، حتى لو كانت أضرحة الأنبياء، كما حدث لضريح سيدنا يونس فى العراق، وما حدث لضريح نبيهم من قبل.
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com