تختتم الفنانة "أليسا" أحد أغانيها بعبارة تقول: "جربت تموت؟"، وذلك بعد أن تصف في الأغنية من بدايتها مشاعر كثيرة مختلطة من الفراق والهجر والخداع، وتأثيرهما على الشخص الذي تصفه الأغنية بأنه "ضايع ومهزوم".
تذكرت سؤال الأغنية، بينما كنت متواجدًا لأول مرة في حياتي في سيارة دفن الموتى، أو كما يُحب أن يُسميها المصريون "سيارة تكريم الإنسان"، حيث كنت أجلس إلى جوار الصندوق الذي سيوضع فيه أحد الأعزاء!
جال السؤال بخاطري في هذه اللحظات: "جربت تموت؟!؟!"
بعد تأمل طويل طوال الطريق، من المستشفى إلى الجنازة في الكنيسة ثم إلى المدافن، اكتشفت إجابة لهذا السؤال قد تكون صادمة: "نعم أنا جربت.. والكثيرون قد جربوا"، بل في بعض الأحيان نحن نختار أن نجرب الموت!!
لا أدري ما إذا كان الموت "بيولوجيًا" مؤلمًا أم لا؟!؟! فلا أنا ولا أحد على الأرض يستطيع أن يصف لنا ما يشعر به الإنسان وهو يموت، إلا أننا جميعًا نُدرك الألم النفسي للموت، إنه مزيج من المشاعر "المتلخبطة" من الفراق والوجع والهجر والتخلي إنه باختصار "انفصال عن الحياة"!!
دعنا نُعيد صياغة السؤال، وبدلًا من أن نقول: "جربت تموت؟؟" دعنا نقول: "كم مرة انفصلت فيها عن الحياة؟!؟! أو كم مرة اخترت فيها أن تنفصل عن الحياة؟!؟"
رجعت بذاكرتي إلى الوراء.. حاولت التذكر.. كم مرة انقطعت فيها عن الطعام والشراب بسبب مشكلة ما تؤرقني!! كم مرة تقوقعت فيها إلى داخل نفسي وانفصلت عن العالم أجمع حتى لا أختلط به، لا لشيء إلا لأنني لا أريد ولا أستطيع الاختلاط به وبمشاكله واحباطاته المتكررة!!
تذكرت أيضًا.. كم مرة انفصلت فيها عن أحباء سواء بالموت أو الفراق أو الهجر.. تذكرت الإحساس بمرارة الوجع.. وعلى ذكر "المرارة".. تذكرت أيضًا كم تحول مذاق الطعام الشهي في حلقي إلى مرارة صعبة البلع!! والشراب حلو المذاق إلى "حنظل" لم يستطع جوفي تحمله فأفرغه!!.. كم مرة فقدت القدرة على الإحساس بالأشياء والأحداث الجميلة مثل النجاح في عمل ما!!
عُدت بذاكرتي فأيقنت أنني كثيرًا ما قررت بإرادتي أو رغمًا عنها أن أنفصل عن الحياة، ووجدت أنني كثيرًا ما "جربت أموت".. وبالتالي فيجب عليّ في الأيام المتبقية لي من العمر أن أختار الحياة!!.. وأنت صديقي: "جربت تموت؟!؟!"
نقلا عن الطريق
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com