التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح الخميس الماضى، بوفد من المجمع المقدس للكنيسة المصرية برئاسة البابا تواضروس الثانى. وحسب التصريحات الصادرة عن الطرفين بعد اللقاء فإن الحوار دار حول لُحمة وتماسك المجتمع المصرى وكيفية الحفاظ على النسيج الوطنى فى مواجهة التحديات التى تمر بها البلاد. هناك من أشار إلى تطرق الحوار للاعتداءات الطائفية التى وقعت بحق الأقباط فى محافظة المنيا (لا سيما أن أسقف المنيا الأنبا مكاريوس كان ضمن الحاضرين)، وهناك من نفى ذلك. نفس الأمر يخص مشروع قانون بناء وترميم وإصلاح الكنائس المفترض صدوره عن مجلس النواب بموجب الدستور خلال دور الانعقاد الحالى الذى لم يتبق منه سوى ستة أسابيع، فهناك من شدد على أن الرئيس تناوله فى الحوار مع البابا، وهناك من نفى ذلك نفياً قاطعاً.
بداية، نشير إلى أن طريقة إتمام اللقاء ومعالجة ما دار فيه لا جديد فيها، فهى نفس الطريقة القديمة التى لا يعرف الشعب فيها لماذا تم اللقاء وما دار فيه، ونعرف جميعاً أن اللقاء تم ترتيبه على عجل إثر الانزعاج من التصريحات التى أدلى بها البابا لوفد اللجنة الدينية بمجلس النواب والمنسق العام لائتلاف دعم مصر، حيث قال البابا إنه غير قادر على السيطرة على غضب الأقباط بفعل الاعتداءات التى تقع فى المنيا وبنى سويف، وتمنى أن يصدر قانون بناء وترميم الكنائس دون أن تكون فيه ألغام، وأبدى اعتراضه على أن يكون قرار بناء الكنائس وإصلاحها بيد جهة معينة (الأمن الوطنى). سببت هذه التصريحات انزعاجاً شديداً جرى التعامل معه بترتيب اللقاء.
لقاء الرئيس والبابا مهم فى حد ذاته باعتباره لقاءً بين رئيس الدولة ورأس مؤسسة دينية وطنية، لكننا ضد أن يتناول اللقاء قضايا تخص المواطنين المصريين الأقباط، فالبابا هو رأس الكنيسة والرئيس الروحى للأقباط فيما يخص حياتهم الروحية والشئون الكنسية، ولكنه ليس رئيساً للأقباط ولا معنياً بشئونهم السياسية والحياتية، فذلك مسئولية الدولة المصرية. الأقباط مواطنون مصريون يسرى عليهم ما يسرى على باقى المواطنين المصريين، تحكمهم القوانين المصرية، ويفضلون أن تتناول مؤسسات الدولة كل ما يخصهم من قضايا، فقانون بناء وإصلاح الكنائس هو اختصاص الحكومة ومجلس النواب، ويمكن أن يؤخذ رأى الكنائس المصرية الثلاث فى بنوده، ليس أكثر، وأعلم شخصياً أن قداسة البابا تواضروس الثانى ينأى بنفسه عن السياسة، يحب مصر ويعشقها، ومستعد لفعل كل ما فى صالح البلد، وكلماته التى قال فيها تعقيباً على حرق وتدمير الكنائس على يد عصابات الجماعة الإرهابية خير كاشف عن مكنون قلبه عندما قال «وطن بلا كنائس، أفضل من كنائس بلا وطن». ونعرف أن البابا ورث دوراً سياسياً من سلفه البابا شنودة، والأخير اضطر إلى لعب دور سياسى تجاه الأقباط بسبب انسحاب الدولة من أداء مهامها، فدخل لملء فراغ خلّفته الدولة إرادياً، وتعامل مع واقع احتماء الأقباط بأسوار الكنائس. اليوم الأوضاع تبدلت والوقائع تغيرت، لدينا مؤسسات دولة ومجلس نواب ونواب مصريون يمارسون دورهم التشريعى على أرضية المواطنة الكاملة، وبطريرك عازف عن ممارسة دور سياسى ويفضل دوره الروحى، فلا تواصلوا اللعبة القديمة التى تختزل الأقباط فى الكنيسة والكنيسة قى شخص البابا. الوقائع تغيرت وتبدلت، فلا البابا يريد هذا الدور، ولا الأقباط يرغبون فى ذلك، يريدون فقط التعامل معهم باعتبارهم مواطنين مصريين.
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com