(1)
لا أدرى من أين أبدأ؟.. هل أبدأ من آلاف السطور التى سطرتها مدرسة المواطنة فى معالجتها للشأن القبطى؟.. أم من نضالات المواطنين المصريين من المسلمين والمسيحيين من أجل بناء الوطن داخليا، والدفاع عنه ضد الحكام الوافدين والمستعمرين؟.. أم من بناة الدولة الحديثة الوطنية الذين كافحوا من أجل «المصرنة» فى مواجهة «العثمنة»؟.. ولإعادة التذكير بأن مصر لم تعرف مفاهيم: «الملة»؛ (راجع أبوسيف يوسف فى الأقباط والقومية العربية، ومحمد عفيفى فى الأقباط والعصر العثمانى، وسمير مرقس فى الحماية والعقاب: الغرب والمسألة الدينية فى الشرق الأوسط،... إلخ).
(2)
كما لم تعرف، أيضا؛...
نظام «الطوائف» بالمعنى العثمانى الذى رأينا تطبيقاته فى بلاد الشام. ولا يعنى استخدام المفردات العثمانية من قبل الإدارة العثمانية الحاكمة (والتى فوضوا المماليك فى إدارتها من الباطن) أنه كان لها «تجسيد» فى الواقع. فلقد كان المصريون يتضامنون معا فى مواجهة بطش وظلم الحاكم الوافد الذى اعتصرهم دون «تمييز». ومثلوا دوما حكما سلطويا مغلقا ممنوعا على المصريين: مسيحيين ومسلمين، اختراقه.. وعليه سهل على محمد على أن يطلق مشروعه المستقل/ المغاير عن مشروع العثمانيين. مشروع محمد على هو فى إيجاز: «مشروع الدولة الحديثة المصرية المستقلة».. ولم يكن ليقوم هذا المشروع دون إقامة جيش وطنى قوامه المصريون، وتملك المصريين للأرض. وفى الأمرين لم يغب أحد من المصريين. لذا هل يستقيم أن تستعيد «آلية التشريع المصرية الوطنية» مفردات تعود للباب وتُضمنها تشريعات معاصرة.. كيف؟
(3)
فى نص القانون المقترح بشأن «تنظيم بناء وترميم الكنائس»، يذكر فى المادة (1)، والتى تتناول التعريفات المتعلقة بالموضوع، تعبير «الطائفة» (رقم 7 فى التعريفات) ويعرفها بأنها: «الطائفة الدينية التى تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية». كما يستخدم النص أيضا تعبير: «الممثل القانونى للطائفة»، ويعرفه بأنه: «شخص طبيعى من غير رجال الدين، يختص دون غيره باتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بأى من الأعمال المطلوب الترخيص بها وفق أحكام هذا القانون، ويحدده الرئيس الدينى الأعلى لكل طائفة فى كل حالة»... ويستمر القانون من خلال بنوده يكرر تعبير: «الممثل القانونى للطائفة». والسؤال الذى يطرح نفسه وبقوة هل يستقيم استخدام تعبير «الطائفة» فى دولة تناضل من أجل المواطنة بغض النظر عن أية اختلافات: بكل مواطنيها ولكل مواطنيها...
(4)
قد يقول قائل: «يعنى هى من كلمة».. نعم لأن المفردة - أى مفردة - إنما: «تعكس كيف ننظر إلى أنفسنا وإلى غيرنا والواقع والعالم».. كما «تعكس منطقنا فى التفكير».. فالفلسفة التى يقوم عليها القانون- على بساطته وركاكة لغته وليس لى اعتراض على تفاصيله إذا ما نال توافقا - هو «تطييف» المجتمع المصرى وتقسيمه على أساس دينى. وهو أيضا تعبير «عثمانلى أصيل» (المقابل الموضوعى للملة). فالطائفة ـ علميا - أو «Sect»، تعنى الجماعة التى ربما تكون مستقلة أو مغلقة أو متمركزة عن المجتمع ككل... علينا إدراك أن اللغة «تظهر» ما يدور فى عقلنا من رؤى وأفكار وما ينتج عن ذلك من مواقف وممارسات.. كذلك كيف ننظر إلى أنفسنا وكيف ننظر إلى الآخرين.. فى هذا المقام يدخل تعبير الفتنة الطائفية وهو تعبير وافد إلينا من لبنان ونستخدمه دون أن نعى أنه لا يتطابق مع واقعنا.. فلبنان تضم 18 طائفة. لذا دوما نستخدم «التوتر الدينى».. فدقة المصطلح والتعريف المنضبط تعنى علاجات صحيحة...
(5)
وبعد، وحتى تكون مساهمتنا إيجابية، أقترح التغييرات التالية: أولا: فى تعريف «الكنيسة» (تعريف رقم 1) يذكر: «مبنى مستقل محاط بسور، تمارس فيه الصلاة والشعائر الدينية للمسيحيين...». وأظن أنه حرى إضافة «... للمواطنين المصريين المسيحيين». هنا الاستجابة لحق بناء الكنائس وترميمها تكون، ليس لطائفة دينية من المجتمع، وإنما هى حق لكل مواطنى مصر على اختلافهم. ثانيا: فى تعريف الرئيس الدينى المختص (تعريف رقم 5) نص على: «الرئيس الدينى الأعلى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية (مثلا) (وليس للطائفة) المعترف بها...». ثالثا: يلغى تعبير «الطائفة» (تعريف رقم 7). رابعا: فى تعريف «الممثل القانونى للطائفة» (رقم 8) يمكن النص على ما يلى: الممثل القانونى/ الممثلون القانونيون للكنيسة/ للكنائس المصرية؛ أو الممثل القانونى المعتمد لكل كنيسة؛ أو رؤساء الكنائس المصرية أو من يفوضونهم قانونيا،...ونواصل...
(6)
فى النهاية، لا أدرى لماذا لا يكون هناك تواصل مع «أهل الذكر»، أو تراكم على ما سبق، أو...ونواصل...
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com