مايكل مورجان
"أبيع نفسى لأول مشتر آت أبيع مقهورا حبيباتى كلماتى"، أتذكر هذه الكلمات من فيلم مرجان أحمد مرجان، وهو من الأفلام الفكاهية القريبة إلى قلبى للزعيم الفنان عادل إمام، والذى يحمل رسائل كثيرة كما تعودنا فى أفلام زعيم الكوميديا.
وعند مشاهدة الجزء الخاص بشراء ديوان "أبيع نفسى" لا أستطيع التوقف عن الضحك المتواصل لبراعة التمثيل من فريق التمثيل ومن إخراج لهذا المشهد الرائع، لكن خلف هذه الضحكات إحساسا بحزن الشاعر البسيط لبيعه أشعاره نظرا لفقره وعدم قدرته على اقتناء الأموال بشكل آخر سوى بيع أشعاره، كما إحساسه بأن الأثرياء يستطيعون شراء كل شىء من حولهم بأموالهم وهذا من الممكن أن يكون صحيحا فى الأمور المادية، لكن الموهبة والهوية ليس من الممكن شراؤها بأى مبلغ .
ويحضرنى هذا المثل عندما سمعت ببعض المناقشات والأخبار عن أحقية بيع الجنسية المصرية لغير المصريين مقابل ودائعهم واستثماراتهم، وسوف أناقش هذا الموضوع بمنتهى الحيادية وسأنهى مقالى برأيى الشخصى الذى من الممكن أن يصيب أو يخيب.
أنا أعيش فى أمريكا وهى دولة تسمح بالتجنيس والهجرة لذلك تسمى هذه البلاد ببلاد المهجر وهى دولة كبيرة مكونة من العديد من الولايات، ويقطنها حوالى ٣٢٠ مليون نسمة، منهم ٢٪ فقط من الهنود الحمر أو الأمريكان الأصليين أو أصحاب البلد، فمن المعروف للجميع أن كل الأمريكيين الحاليين تقريبا يأتون من بلاد أخرى وأصول مختلفة، ومن المعروف أن جدودهم قد أتوا من أوروبا بحثا عن حياة أفضل ومستقبل أفضل، وتتم عملية الحصول على الجنسية من خلال عدة خطوات أولها الإقامة المؤقتة ثم الإقامة الدائمة عن طريق الجرين كارد وأخيراً الجنسية، ويتم قبول استمارات التقدم لهذه المراحل، إما عن طريق الزواج من أمريكية أو العمل أو اللجوء أو الاستثمار، وتتراوح تلك الخطوات فى المدة من ٣-١٠ سنوات حسب الحالة والظروف المحيطة بالتقدم بالأوراق.
وأعتقد فى هذه المناسبة أننا بصدد إصدار قوانين للحصول على الجنسية المصرية مقابل ودائع واستثمارات مهمة للدفع بالاقتصاد المصرى، وأودّ أن أطرح على القارئ كيف تتم عملية الحصول على الجنسية مقابل الاستثمارات فى الولايات المتحدة الأمريكية، وهى عملية قد تستغرق من ٥- ٧ سنوات لأنه فى القانون الأمريكى يتم الحصول على الإقامة الدائمة خلال ١٢-٢٤ شهرا من التقدم بأوراق الاستثمار وبداية المشروع، وهناك حد أدنى وهو ٥٠٠ ألف دولار لاستثمار فعلى فى مشاريع وشركات وليس كوديعة بنكية مما يساعد على حركة الاقتصاد، وخلق فرص عمل كثيرة إلى آخره، كما يشترط فى بعض المشروعات خلق ١٠ فرص عمل للمواطنين الأمريكيين فى كل مشروع صغير ومئات الوظائف فى كل مشروع كبير، ثم تمر ٥ أعوام من الحصول على الجرين كارد أو الإقامة الكاملة حتى يتثنى للمستثمر للحصول على الجنسية الأمريكية بعد مراجعة كل أوراقه والتأكد من عدم التلاعب أو الالتفاف حول القانون للحصول على الجنسية الأمريكية.
أردت توضيح هذه الخطوات حتى نعلم أن الحصول على الجنسية الأمريكية لا يأتى فقط باستثمار مؤقت أو وضع ودائع مؤقتة فى البنوك، بل هى عملية طويلة المدى تضمن حسن نوايا المتقدم للجنسية ورغبته للعمل والعيش فى تلك البلاد طوال هذه المدة .
أما عن رأيى الشخصى فنعم أودّ أن يزدهر اقتصاد بلادى عن طريق الاستثمارات الخارجية والودائع البنكية، ولكن كل هذا ممكن أن يتم عن طريق إقامه دائمة أو ما يشبه الجرين كارد حتى يطمئن المستثمرون للاستثمار فى مصر دون القلق من قانونية عملهم وإقامتهم، ولكنى متحفظ جدا على خطوة منح الجنسية المصرية لأسباب كثيرة، ومنها أن الجنسية المصرية هى الشىء الوحيد الذى نملكه فى هذه الفترة من تاريخ البلاد وهويتنا المصرية هى من طفت على السطح فى وقت الأخطار والثورات، وهى الورث الوحيد الذى ورثناه عن أجدادنا، فلهذا تذكرت ديوان الشعر أبيع نفسى حينما بكى الشاعر نظرا لبيعه أشعاره مقابل مبلغ من المال.
وأذكر أيضا أن مصر ليست دولة من دول المهجر فنحن ٩٠ مليون مصرى أو فيما يعادل ٩٩.٩٪ مصريين أصليين وليس مهجرين من دول أخرى، فمصر لا تريد أن يزداد شعبها بل أن يزدهر اقتصادها، وهذا من الممكن تحقيقه إذا منحنا أحقية العيش والإقامة الدائمة للمستثمرين مع بحث إمكانية منحهم الجنسية بعد وقت معين من الإقامة الدائمة والاستثمار فى مصر.
هذا رأيى الشخصى بكل حيادية وموضوعية وأثق فى حكمة ووطنية القائمين على تلك القوانين للحفاظ على الهوية المصرية والعمل لازدهار مصر .
تحيا مصر ويحيا المصريين..
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com