استمعت إلى المداخلة التليفونية التى أجرتها الإعلامية رشا نبيل بقناة دريم مع الكابتن إكرامى المسئول عن اختبارات الناشئين بالنادى الأهلى، ثم مع الطفل مينا الذى ما إن سمع الكابتن إكرامى اسمه حتى أمره بمغادرة الاختبارات والخروج خارج النادى. حاول الكابتن إكرامى نفى صفة التطرف والتشدد عن نفسه وإنكار وجود دوافع تمييز دينى وراء طرد الطفل مينا من الاختبارات، مطالباً الطفل بالمجىء مرة ثانية يوم الاثنين المقبل (اليوم) لخوض الاختبارات، وهو ما كذّبته نبرات صوت الطفل الذى يبلغ من العمر ١٢ سنة، فقد أعلن الطفل بكل قوة اعتذاره عن عدم خوض التجربة مرة ثانية، قائلاً: «لقد تعرضت للإهانة ولا أريد التعرض لها مرة ثانية»، مضيفاً: «إذا كان وانا عندى اتناشر سنة عملوا معايا كده، أمال لما يبقى عندى عشرين سنة هيعملوا معايا إيه؟ هيحرقونى؟». خرجت كلمات الطفل شديدة القسوة وتعبر عن حزن عميق وألم شديد سبّبه له شخص متطرف ومتعصب لم يطق سماع اسم طفل لمجرد أن اسمه يشير إلى مسيحيته، رغم أنه طفل مصرى كان يراوده حلم اللعب فى النادى الأهلى الذى يهواه ويشجعه بجنون، إلا أن الكابتن إكرامى ومن على شاكلته من المتطرفين والمعتصبين الذين غزا الفكر الوهابى قلوبهم وعقولهم فتحولوا إلى كائنات مجردة من المشاعر والأحاسيس، باتوا يرون فى الكراهية والتضييق على المخالف الدينى نوعاً من الجهاد الذى يثابون عليه ومصدراً من مصادر جلب الحسنات. التضييق على طفل مصرى مسيحى بات فى قناعة الكابتن إكرامى مصدراً من مصادر جلب الحسنات وإذهاب السيئات، التنكيد على طفل مصرى برىء جائز فى عرف السيد إكرامى ومن على شاكلته، وسوف يثاب عليه من رب العباد!!
لم تكن واقعة الطفل مينا هى الواقعة الأولى مع الكابتن المجاهد إكرامى، فقد سبقتها ولحقت بها وقائع عديدة، ولا أحد يحاسب فى بر مصر. السيد إكرامى هنا مثله مثل شيخ الجامع فى قرية «كوم اللوفى» الذى قال فى تحقيق رائع لجريدة الأهرام إن كوم اللوفى جزء من أرض الإسلام لا يجوز بناء كنائس فيها، وأيده فى ذلك مقرئ القرآن فى المسجد، ولم يراجعهما أحد رغم أن شيخ الجامع يفخر بانتمائه للأزهر وبأنه يمثل الإسلام الوسطى.
حال كابتن إكرامى وشيخ مسجد قرية كوم اللوفى كحال ملايين المصريين الذين تعرضوا لرياح الفكر الوهابى الأحادى المعادى لكل القيم الإنسانية، الرافض للمواطنة وحقوق الإنسان، العامل ضد الحرية والمساواة، الذى يرى المشابه الدينى فى أى بقعة من بقاع الأرض أقرب من شريك الوطن المغاير دينياً أو طائفياً. هذا الفكر الذى يُعد أساساً لكل تطرف وعنف وإرهاب، لا يعرف سوى الكراهية على النحو الذى تجلى فى سلوك الكابتن إسلام الشهابى تجاه لاعب إسرائيل الذى هزمه فى لمح البصر، فما كان من اللاعب المصرى إلا أن رفض المصافحة المعتادة بعد مثل هذه اللقاءات، فنال ما نال من استهجان الجمهور وتوبيخ اللجنة الأولمبية وقدم صورة متخلفة عن مصر مهد الحضارة وملجأ المضطهدين من شتى أنحاء العالم. مصر فجر الضمير باتت على يد أصحاب الفكر الوهابى بلا ضمير فى عيون قطاع من أولادها وعيون العالم، مصر المكتسية برداء الوهابية باتت نموذجاً للتشدد والانغلاق والتطرف، تصدّر، مثل أفغانستان وباكستان والسعودية، العنف والإرهاب إلى العالم ويمتنع السياح عن القدوم إليها خشية التعرُّض للنصب والاحتيال، وتعرُّض السائحات للتحرش فى غياب غريب وعجيب للمحاسبة ودولة القانون.
وللحديث بقية.
نقلا عن الوطن
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com