ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

البيت بيت أبونا

بقلم : أسامة كمال | 2016-08-23 17:28:02

 دائما ما نسأل: لماذا يبدع المصرى فى الخارج ولا يفعلها داخل مصر؟ والإجابة دائما هى لأن المنظومة هناك تدفعك للإبداع ومنظومة مصر تدفعك للفشل.. ثم يأتى التساؤل: لماذا يحترم المصريون قواعد المرور فى الخارج ويكسرونها فى مصر؟ والإجابة كسابقتها لأن المنظومة هناك تدفعك لاحترام القواعد، بينما هنا لو فعلت لصرت شاذاً عن القاعدة العامة للمواطنين..

ولكن لم يسأل أى منا السؤال المهم: لماذا نتعامل مع الأديان والمعتقدات الأخرى عندما نسافر بمنتهى التسامح وقبول الآخر، بل نفعل كما أعلنت جماعة الإخوان فى بريطانيا عن قبولها المثليين، ولا نفكر ونحن نعيش فى الخارج فى إعطاء المواعظ لعاهرة تسكن فى نفس بنايتنا، بينما فى مصر نتحفز ضد معتقدات الآخرين ولا نقبل حتى صاحب مذهب سياسى مختلف.. محاضرة لبنت الجيران لأن ملابسها ليست حشمة هنا، ولكن هناك المنظومة تمنعك من دس أنفك فى شؤون الآخرين، وتتقبله صاغراً «عشان أكل العيش»..

 
هذه منظومتهم التى أدت لنجاحهم وهذه منظومتنا التى أدت إلى الفشل، لأننا لا نقبل بعضنا، ونعلق على غيرنا، ونقبل القليل من الإنجاز على أنه إعجاز.. لو اتفقنا على ذلك فسنكون قد وضعنا أصابعنا على طرف المشكلة، التى لا يمكن أن أكون قد لخصتها فى بعض العبارات، ولكن هناك المزيد..
 
فى بلادنا الكل لديه عذر وهناك شخص آخر أو جهة بعيدة تتحمل اللوم على أخطائنا وأعمالنا المشينة، لأننا ملائكة ومعصومون.. نلقى القمامة فى الطريق ونتحجج بأن غيرنا يفعلها.. نقود سياراتنا وكأنها عربات ملاهٍ، بحجة أنها غابة لا سبيل للعيش فيها إلا بمبدأ «البقاء للأجدع».. نعمل بأقل جهد وتركيز بحجة «على أد فلوسهم».. نرتشى وندفع الرشوة بحجة ارتفاع تكلفة المعيشة والأجر زهيد «أعمل إيه؟ أسرق؟».. و«ما هو معذور.. عارف مرتبه كام؟». هل تتصدى الدولة وحدها فى الغرب للمخالفين؟ بالطبع لا.. مواطنو هذه الدول يزدرون مَن يخالف القواعد العامة، سواء كانت مرورية أو نظافة أو إهمالا فى العمل أو أى أمر آخر يمس حياة الآخرين، وغير ذلك أنت حر فى نفسك.. لن يسمح أحد بمحاضرة للجارة العاهرة وهى عائدة تترنح لمنزلها فى الخامسة صباحا، ولكنهم سيعطونك أنت الدرس لأنك تركت القمامة فى غير مكانها المخصص، وسيتضامنون ضدك، ويشكونك للسلطات التى لن تتحرك إلا بناء على شكوى الجيران.. ولن تستطيع رشوة الشرطى، رغم أن أجره زهيد مقارنة بمستوى المعيشة فى بلاده.. هذه ليست معلومات سرية خافية علينا جميعاً، حتى لو كنا لم نبرح قرانا من قبل، ناهيك عن السفر للخارج لأن الكل يعرفها.. ولكننى أود أن أضيف سببا قوياً لأسلوبنا فى الحياة الذى لم يؤد إلا للفشل، وهو الاستقواء ببعضنا البعض طوال الوقت.. جارك الذى يلقى القمامة أمام البناية سيستقوى بك وبباقى السكان الذين يفعلون مثله وسيكدرون مَن يخالفهم الرأى، آخذين بمبدأ «يعنى كنت عايزه يعمل إيه؟ يشيل الزبالة على كتفه؟!»، وكذلك مخالف المرور وواضع الحديدة أمام العمارة والمرتشى والمهمل والمتكاسل والغشاش فى الامتحانات ومفترش الرصيف لبيع بضاعة رخيصة.. ودائما سنجد شخصاً آخر أو جهة أخرى لنلومها بعيدا عن مجموعتنا المستقوية ببعضها..
 
نفس الأسلوب الذى اتبعه عدد غفير من المراهقين «الصيع» استقووا ببعضهم للتحرش بأنثى فى الطريق العام.. ونفس أسلوب واعظ بنت الجيران لأنها كشفت عن بعض شعرها.. أو أبناء قريتنا من المسيحيين الذين قرروا الصلاة فى بيت أحدهم.. نفعلها هنا ولا نفعلها فى الخارج، لأننا هنا نفعل ما يحلو لنا لأن فى رأينا «البيت بيت أبونا».
نقلا عن المصرى اليوم
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com