ربما تدفع أزمة فساد صوامع القمح- التي ضحى لأجلها وزير التموين خالد حنفي، بمنصبه الوزاري، بعدما تقدم باستقالته اليوم- المهندس شريف إسماعيل، لإجراء تعديل وزاري جديد، لاسيما أن أداء الحكومة الحالي يسير من سيء إلى أسوأ، وجاء تمرير مجلس النواب لبرنامجها على مضض، في ظل غضب شعبي من قراراتها.
قد يصل الأمر إلى السيناريو الأخطر، وهو إقالة الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكومة الحالية برئيسها، على خلفية قضية فساد القمح الكبرى، مثلما حدث في آواخر عام 2015، حينما أطاحت قضية الرشوى الكبرى التي تورط فيها الوزير صلاح هلال بحكومة المهندس إبراهيم محلب وتشكيل الحكومة الحالية.
«فساد القمح»
بدأت وقائع قضية فساد القمح، في مطلع الشهر الماضي، بعد أن تأخرت الوزارة في تسليم صوامع القمح للفلاحين، حتى ألزمها مجلس النواب بشراء إردب القمح منهم بـ420 جنيهًا.
ووصل إجمالي العجز من القمح إلى نحو 198 ألف طن قمح أي بما يعادل 557 مليون جنيه، وهو ما يمثل إهدارًا للمال العام وتلاعبًا في الكميات الموردة، وفجرت لجنة تقصي الحقائق، بالأمس مفاجأة أطاحت بوزير التموين.
وأعلنت اللجنة توصلها لوجود تلاعب في منظومة القمح وإهدار أموال الدولة، وتورط «حنفي»- من الناحيتين القانونية والجنائية- بفساد منظومة القمح؛ لأنه المسؤل عن هذه التجاوزات والفساد الذي طالها ونتج عنه إهدار المال العام.
«رشاوى الزراعة»
مرت أزمة فساد وزارة الزراعة عام 2015، بنفس التفاصيل، والتي وقعت خلال عهد حكومة المهندس إبراهيم محلب، وكان بطلها وزير الزراعة صلاح هلال، الذي اتُّهِمَ بتلقيه رشاوى عينية تقدر قيمتها بـ 11 مليونًا و283 ألف جنيه، من رجل الأعمال أيمن محمد رفعت الجميل.. الأمر الذي أدى في النهاية إلى استقالة الحكومة بأكملها، وتكليف وزير البترول- آنذاك- شريف إسماعيل، بتشكيل الحكومة الجديدة، في 19 سبتمبر 2015.
«هل حان وقت التعديل؟»
تطابق الواقعتان قد يؤدي إلى نفس السيناريو في النهاية، وهو التعجيل برحيل حكومة شريف إسماعيل، لاحقًا بالمهندس محلب، من رئاسة الوزراء، وهو ما أكده مراقبون للشأن السياسي في تصريحات خاصة لـ«بوابة الوفد»، متوقعين أن تقصف "أزمة القمح" ظَهْر الحكومة قريبًا، لاسيما مع تصدر أزمات عدة المشهد الحالي.
«نفس المصير»
هو الطرح الذي توجه إليه الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الذي رأى أن قضية فساد الصوامع قد تدفع الرئيس للإطاحة بحكومة شريف إسماعيل، في ظل غضب شعبي قوي من القرارات التي أصدرتها الحكومة مؤخرًا، وعدم قدرتها على حل أزمات عديدة.
وأوضح أن وزير التموين استقال؛ بعدما استشعر الخطر من تقرير لجنة تقصي الحقائق، فاستمراره كان يعني مثوله أمام البرلمان وسحب الثقة منه والتحقيق معه وقد يصل الأمر إلى حبسه.
وأضاف: «ظهور قضية فساد كبرى أخرى في الحكومة خلال أقل من عام بعد قضية صلاح هلال، دليل على أن الفساد بات متفشيًا بمفاصل الدولة، لعدم الاهتمام بتقارير الذمة المالية للوزراء، فقد كان خالد حنفي وزيرًا للتموين لمدة عامين، ورغم ذلك، لم يُكتشف فساده إلا في وقت متأخر».
«الحكومة عبء»
توقع ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن تُعجِّل قضية "فساد القمح" برحيل حكومة "إسماعيل"، بعدما أصبحت عبئًا شديدًا على الدولة؛ بسبب قراراتها الخاطئة، أو على الأقل إجراء تعديل وزاري.
وأوضح أن إقالة وزير التموين تأخرت كثيرًا، وجاءت بعدما بُحّ صوت الجميع في المطالبة بها، مشيرًا إلى أن تكرار وقائع الفساد خاصة على صعيد الوزارء؛ يعد دلالة على المعايير الخاطئة التي تتبعها الحكومة في اختيار وزرائها.
ولفت إلى أن قضية الفساد تلك، بجانب أزمات عدة، منها.. "ارتفاع سعر الدولار، الغلاء وعدم السيطرة على الأسعار، وسد النهضة" قد تدفع الرئيس للاستغناء عن الحكومة الحالية.
وشدد على ضرورة مراجعة كافة القرارات التى أصدرها الوزير المُقال، وتأثيرها لصالح مافيا الاستيراد، وكذلك تمتد المحاسبة إلى كيفية اختياره وعلى من تقع المسؤولية في ذلك.
«تعديل وليس إطاحة»
على النقيض.. رأى جمال أسعد، المفكر السياسي، أن الدولة لن تُقدِمَ على خطوة الإطاحة بحكومة شريف إسماعيل كاملة؛ ولكنها ستكتفي فقط بتعديل بعض الوزراء غير المرضي عنهم، بسبب وجود رضاء من الدولة على أداء الحكومة.
وأوضح، أن تأخر الحكومة في إقالته؛ دفعه لوضعها في مأزق، بعدما قدم هو استقالته وكأنه رجل شريف ينأى بنفسه عن الاتهام بالفساد، كذلك فقط أُسقطت عنه جميع الاستجوابات وطلبات الإحاطة في البرلمان، ولن تتم محاسبته أمامه.
وأضاف: "كان يجب سحب الثقة سريعًا معه، وتقديمه للتحقيقات أمام النائب العام؛ لأنه ليس شخصًا عاديًا، فهو كان مسؤولًا عن مصالح الشعب"، موضحًا أن التعديل الوزاي الوشيك سيهدف فقط إلى تهدئة الرأي العام والبرلمان.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com