* هناك كنائس بنيت في العام الأول الهجري
* الإمام أبي حنيفة ذهب إلي جواز بناء الكنائس وتأجير مكان لإقامة فيه كنيسة
* موضوع بناء الكنائس قضية خلافية بين الفقهاء
* الأزهر الشريف ودار الافتراء المصرية هما المرجعية المعتمدة التي يؤخذ منهما الحكم
اجري الحوار واعد الدراسة للنشر : جرجس وهيب
كان يتوقع الأقباط صدور قانون ينظم بناء الكنائس وينهي معاناة طويلة وصلت إلي حد الإذلال في حالة الرغبة في بناء كنيسة أو حتي ترميم دورة مياه وبخاصة أن دستور ثورة 30 يونيو المجيدة نص علي ضرورة إصدار قانون ينظم بناء الكنائس في دور الانعقاد الأول ولكن فوجئ الأقباط بمحاولات التهرب من إصدار قانون ينهي المعاناة ومحاولة إصدار قانون لا يحقق طموحات الأقباط ولا ينهي معاناة ومأساة إنشاء الكنائس وقيل ويقال أن بعض شيوخ الدعوة السلفية مارسوا ضغوط علي الدولة لمنع صدور القانون بشكل ينهي المشكلة بدعوي أن الشريعة الإسلامية تحرم بناء الكنائس
فهل الشريعة الإسلامية تحرم بناء الكنائس ؟ وهل هناك نصوص صريحة في القران نصت علي ذلك ؟ وهل هناك وقائع دامغة تنص علي ذلك ؟ وفي المقابل هل هناك نصوص قرآنية تسمح ببناء الكنائس ؟ وهل هناك نماذج تطبيقية لبناء كنائس خلال عهد الرسول والصحابة ؟
كل هذه الأسئلة وغيرها حملناها لفضيلة الدكتور ماهر علي جبر نقيب الأئمة والدعاة ببني سويف وكان لنا معه هذا الحوار
رأي الدين الإسلامي في بناء الكنائس ؟
أولاً يجب أن نقول رأي الفقه الإسلامي لا الدين الإسلامي، لأنه يجب التفريق في مثل هذه الأمور بين النص والاجتهاد فالنص في بناء الكنائس غائب ولا يوجد نص يحظر بناء الكنائس، والمقصود بالنص هنا ( النص الشرعي ) قطعي الدلالة والثبوت وهو ( القرآن الكريم ) ، وقد ورد النص النبوي بالنهي عن بناء الكنائس في جزيرة العرب ( الحجاز ) أما في غيرها من البلاد أمّا القول بجواز البناء يسري عند من قالوا به، أما الاجتهاد وهو العائد لاجتهادات الفقهاء فهي اجتهادات وأقوال لبشر يعتريها الصواب والخطأ ويجب مراعاة أن هذه الأقوال لها سياقاتها التاريخية وظروفها الاجتماعية المتعلقة بها ولا يصح جعل الأقوال المانعة لبناء الكنائس في هذه الحقبة التاريخية حاكمة علي واقعنا المصري.
هل بناء الكنائس عند الفقهاء متفق عليه أم مختلف فيه ؟
تفاديا للسفسطائية ودرءً للخلاف والاختلاف وحرصا علي وحدة الصف في ظروف صعبة تمر بها البلاد بعدما أثير الجدل حول مشروع "بناء الكنائس " يجب علينا أولا أن نضع عدة ضوابط نضبط بها مسار الحديث في ضوء الحكم الفقهي لبناء الكنائس ومنها : - أولا: أن موضوع "بناء الكنائس" قضية خلافية بين الفقهاء، الحكم فيها بين الجواز وعدم الجواز ، وطالما أن الأمر خلافي فلا يجوز لأحد الفريقين الإنكار علي الأخر في مذهبه أو حكمِهِ إعمالاً لقاعدة " الإنكار فيما اتفق عليه .. لا فيما اختلف فيه " وقاعدة " لا ينكر المختلف فيه وإنما ينكر المجمع عليه " علي ضوء هاتين القاعدتين يتضح لنا إقرار مبدأ النسبية واحترام الخلاف.. وعليه فمن أجاز بناء الكنائس، من الفقهاء، كالإمام أبي حنيفة فله دليله ورائيهُ معتبر وله شواهده، فيجوز الأخذ به والعمل به ولا يجوز لمن أنكر من الفقهاء بناء الكنائس أن يحتكر الصواب لنفسه ويعيب علي الآخر المخالف إعمالاً للقاعدتين السابقتين . فإذا تمَّ مراعاة أدب الخلاف اجتزنا الفتنة وتوصلنا إلي قاعدة أخري هي (قاعدة الخروج من الخلاف مستحب ).
** ما هي شروط أو ضوابط بناء الكنائس عند الفقهاء؟
لهناك ضوابط وشروط لبناء الكنائس يجب مراعاتها درءً للفتنة وحرصًا على العلاقات المجتمعية واللحمة التاريخية وإبراز سياسة التسامح بين الأديان منها
: 1- ذكر الإمام أبي حنيفة النعماني، الذي ذهب إلي جواز بناء الكنائس أو إجارة الدار ليتخذ كنيسة شريطة إلا يعادون الإسلام ولا يعينون الأعداء علي الإسلام والمسلمين ومع هذين الضابطين تنطبق قاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا.
" . 2- لولي الأمر السماح بالبناء شرط أن يكون في حدود الحاجة ، مراعيًا تكاثر الأعداد واستمرار تواجدهم وذلك وفقًا للواقع والقوانين التي تنظمها الدولة المصرية في ذلك الأمر
. 3- ألا يكون السعي لبناء الكنائس هدمًا لهوية الدولة ، وتمزيق النسيج الوطني ، كما هو مثبت في الدستور علي إسلامية الدولة فمعلوم أن هوية الدولة ترتبط بالأغلبية .
**هل هناك نماذج تطبيقية لبناء الكنائس في الإسلام ؟
القول بجواز بناء الكنائس لا يمكن أن يكونَ حكرًا على الإمام أبي حنيفة فقط بل المصادر متعددة في القول بالجواز ومنه
: 1-ما أثبته التاريخ وحكاه " المقريزي " في كتابة " الخطط " بأن هناك عدة كنائس في مصر بُنِيَتْ في القرن الأول الهجري مثل كنيسة " مارمرقص " بالإسكندرية ما بين ( 39 – 59 هجري ) كما بنيت أول كنيسة بالفسطاط في حارة الروم في ولاية " مسلمة بن مخلد " على مصر بين عامي ( 47- 58 هجري ) كما سمح " عبد العزيز بن مروان " ، حين انشأ مدينة ( حلوان )ببناء كنيسة فيها وسمح كذلك لبعض الأساقفة ببناء ديرين .
**كيف تعامل الصحابة والولاة مع الكنائس عقب الفتوحات ؟
فِعْلُ الصحابة والسلف من الشواهد والأدلة التي بيّنت بوضوح كيف احترم الإسلام دور العبادة للآخر ، وأعطاها من الرعاية والحماية ما لم يتوفر في أي دين أو حضارة فقد جاء في "فتوح البلدان " لــ" البلاذري " أنَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما حلَّ ببيت المقدس وجاء وقت الصلاة وهو في إحدى الكنائس فامتنع عن الصلاة داخل الكنيسة وصلّى على باب الكنيسة منفردًا ولما قضى صلاته علّل ذلك خوفًا من أن يتخذ المسلمون من صلاته بالكنيسة سابقة وذريعة فيغلبوهم علي الكنيسة ويأخذونها قائلين هنا صلّى " عمر " وذكر ذلك أيضا " بن خلدون " في تاريخه. - وكتاب عمر المشهور الذي أعطي فيه الأمان لأهل الذمة علي أموالهم وأنفسهم وكنائسهم وعدم الإكراه علي الدين خير دليل، وقد ذكره الإمام الطبري في تاريخه مجملاً . - فعلُ الصحابي خالد بن الوليد مع مسيحي طبريه ودمشق و كذا فعل أبي عبيده بن الجراح في حمص وحلب وغيرها
**. ما الذي ينبغي علي الأئمة والدعاة مراعاته في مثل هذه الظروف ؟
ينبغي على الإمام مراعاة فقه الواقع وفقه الأوليات وفقه المصالح والمفاسد وفقه المآل عدة افقه ينبغي مراعاتها عند مثل هذه الظروف فعندما شيدت أول كنيسة في قطر
( الخليج العربي ) أفتي المفتون وعلي رأسهم "القرضاوي " بالسماح والجواز بإنشاء الكنائس، مشيرًا إلي أنه من حق ولي الأمر السماح بذلك بناءً علي فقه السياسة الشرعية التي تقوم على رعاية مقاصد الشرع ومصالح الخلق خاصة . وعلى ضوء ما تقدّم يجب مراعاة هذه الضوابط الفقهية والمتغيرات العالمية والدولية والإقليمية والمحلية وقيام الدولة المدنية الحديثة علي مفهوم المواطنة الذي أقرة النبي (صلّى الله وعليه وسلم) في معاهدة المدينة المنورة ومبدأ المعاملة بالمثل بين الدول والعمل بقاعدة "اتركوهم وما يدينون" وقاعدة "لهم ما لنا وعليهم ما علينا " .
**ماذا تقول لمعارضي بناء الكنائس في مصر ؟
هناك نصوص يجب مراعاتها وإعمالها درأً للفتنة ومنعًا للشر عند الحديث في هذا الموضوع
: 1- قول الله تعالي" وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ " سورة الحج الآية 40
. 2- عهدُ النبي إلي أهل نجران بأن لهم جوار الله وذمة رسوله( صلّى الله عليه وسلم ) على أموالهم وملتهم وبيعهم
. 3- وصية النبي ( صلّى الله عليه وسلم ) بالنصارى عامة وأقباط مصر خاصة بأن لهم فينا دمًا ورحمًا وفي رواية دمًا وصهرًا
. 4- قاعدة " تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والأحوال والعوائد " . وأنصحُ وأنبّهُ وأوجّهُ في مثل هذه الأمور أن يترك الحديث فيها للخواص، وهم أهل الذكر، ويمثلهم الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية بما لهما من السبق في حسم هذه القضية، فهما المرجعية المعتمدة التي يؤخذ منها الحكم وهذا إعمالاً للنص القرآني" وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ " سورة النساء الآية : 83 ، وفي هذه الآية وأد للفتنة في مهدها بالقضاء علي حرب الشائعات التي تهدف إلي هدم المجتمعات والدول وتهدد كيان الأوطان.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com