بقلم: ليديا يؤانس
تحذير: لا تكتُب عن إسرائيل .. سيتهِمُونك بالعمالة، أكيد دفعوا لك!
تحذير: لا تُدافع عن إسرائيل .. سيتهِمُونك بالخيانة، أكيد أنت خائن وبِتخون وطنك!
تحذير: لا تذهب إلي إسرائيل .. سيتهِمُونك بالخيانة، رُبما تكون جاسوسًأ!
تحذير: لا تُحِب إسرائيل .. سيتهِمُونك بالكُفر، بالتأكيد أنت كافر مِثلها!
بشكل لم يسبق لهُ مثيل ولم يحدُث علي مدي حوالي 60 سنة، ظهرت ظاهرة مُلفِتة للنظر جدًا، وبالذات في السنتين الماضيتين، بدأت عيون بعض المصريين ، وبغض النظر عن مُستواهم الثقافي والمِهني، التركيز علي إسرائيل، ليس المُهِمْ إسرائيل، ولكن المُهِمْ، مَن تأتي بِهم الظروف أو الأقدار للتعامُل مع إسرائيل، أو الإقتراب من إسرائيل.
إسرائيل أصبحت، مثل المرأة العاهرة، كُلْ من يقترب مِنها، أو يتحدث عنها، تنالُه لعنتها ويُوصم بالعار مِثلها!
أنا لا أُناقش هُنا، وضع إسرائيل السياسي، وأيضاً لا أُناقش، وضع فلسطين السياسي.
ليس مِنْ إختصاصي، أو إختصاص أي مصري، بإستثناء رؤساء الدولة، أن يُقُحم نفسُه، في العلاقة بين إسرائيل وفلسطين، المفروض أن هذا الشأن من إختصاص الفلسطينيين والإسرائليين، ولسنا نحن.
علي حد معلوماتي، فإن رؤساء الدولة المصرية لم يُجرِمُوا إسرائيل، ولم يُسقطوها من حساباتهم، لأنها في الواقع لها ثقلها الدولي، سواء إن رضينا، أو لم نرضى!
الرئيس جمال عبد الناصر، كان يري عدم التحرُش بإسرائيل، وعدم الإنشغال بِها، والتركيز علي مشاكلِنا الداخلية.
علي ما أعتقد، أن هذه أيضًا، سياسة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالنسبة لإسرائيل.
كتب أحمد حمروش في كتابه (خريف عبد الناصر صفحة 33)، "وأيضًا عبد الناصر لم يُجرم إسرائيل، ولم يكن ضد إسرائيل، ولم يكن من دعاة تدميرها".
أيضًا كل من الرئيسان، مبارك والسادات، وبالرغم مِنْ الحروب التي كانت دائرة في ذلك الوقت، فإن كِلاهُما لم يكونا من دُعاة تدميرها، بل أن الرئيس السادات، وصل إلي إجراء مُعاهدة السلام مع إسرائيل.
البعض قد يعترض ويقول: لا نُريد سلام مع هذه الدولة المُجرمة!
نعم، أنهم لا يُريدون سلامًا .. بل حروبًا لا تنتهي، ودِماءًا لا تجف، وشُعلة الإرهاب تظل مُشتعلة دائِمًا!
ذهب الدكتور فُلان، لحضور مؤتمر في مجال تخصُصه .. لماذا؟
أكيد وراء الموضوع موضوع .. أكيد هو كذا .. من الآخر هُوَ كِده .. هُوَ خائن وعميل!
ذهب مسئول ديني لأداء واجب ديني، لا يستطيع أحد عمله سواه .. لماذا؟
لماذا لم يسرْ مِثل القِطار علي خط مَنْ سبقوه؟!
مِنْ الآخر كِده .. هُوَ لا يحترم ما قالوه الذين سبقوه! .. بالتأكيد لا يُحب أخوته في الوطن .. تصرُفاته تحمل نوعًا مِنْ الغموض!
إذا تحدث إعلامي أوكتب كاتب عن إسرائيل .. مِنْ الآخر كِده، هُوَ مِتمول مِنْ إسرائيل! .. إحنا شاميين رائحة الخيانة!
بعض المصريين سواء في الداخل أو الخارج، إشتاقوا لزيارة الأماكن المُقدسة، وقبر المسيح الفارغ، قبل إنقضاء العُمر، حيث أن العُمر يجري، ومُشكِلة اسرائيل وفلسطين لم تُحلْ .. هل هُمْ خائنين إذا زاروا الأماكن المُقدسة؟!
أهم سِمة مِنْ سِمات الرياضة هيَ الروح الرياضية .. وماذا تعني الروح الرياضية؟
تعني أنني أحترم الطرف الآخر حتي لو كنت مهزومًا!
تعني أنني أركز علي القوانين الرياضية وليس قوانين الموسيقي أو الرسم أو الرقص أو السياسة!
لا أتكلم عن المُصافحة أو عدم المًصافحة، كما تعالت الأصوات، وبعض آراء المُعلقين الرياضيين، تبُرر عدم مُصافحة لاعب الجودو المصري لِلاعب الجودو الإسرائيلي.
وأيضًا كما تعللت، اللاعبة السعودية، بالمرض حتي لا تلعب أمام اللاعبة الإسرائيلية.
كان موقف كُلْ مِنْ، إسلام الشهابي لاعب الجودو المصري، وجود فهمي لاعبة الجودو السعودية في "أولمبياد ريو 2016" موقِفًا سيئًا للغاية، لا يتناسب إطلاقًا، مع القواعد الرياضية، ولا مع الروح الرياضية، ولا مع الروح الإنسانية، ولا مع الروح السياسية، ولا حتي مع الروح الإجتماعية في قبول الآخر!
مواقف الدول من بعضها، لابد ان تكون مُقننة، والإجراءات السياسية تقوم بها الحكومات، وليس الأفراد كُل يتصرف كما يحلو له!
ما حدث بالألومبياد، ليس لهُ علاقة بالوطنية أو التطبيع، بل هيَ ظاهرة خطيرة وبشعة في ايدولوجيتها، وهي نشر الكراهية بدلاً مِنْ الحُب، وتحبيذ القلاقِل وعدم الإستقرار بدلاً من السلام.
أقول: ل"إسلام" و ل"جود" و ل"لِكُل مَنْ ينهج علي هذا النهج" ان إسرائيل دولة لها مكانتها، ومُعترف بها عالميًا، وسوف لا يفرق معها سلامكُم مِنْ عدمه!
أقول لكُمْ ولأمثالكم: كفاكُم مِنْ بَثْ فِكرْ التعصُب والضغينة وعدم محبة الآخر.
كان تبربر اللاعبان، المِثاليان الملاكان، اللذان نزلا من السماء، وحلا علي العالم، لتوضيح الحقيقة الغائبة عن الناس، وهيَ .. أن إسرائيل دولة مُجرمة!!!
هل الدورة الألومبية لم يكُن فيها سوي اسرائيل دولة مجرمة؟!
سؤالي الآن: هل إسرائيل هي الدولة الوحيدة المُجرمة في العالم؟
وأوجه نفس السؤال للاعبة السعودية وأقول لها: أليست ما تفعله السعودية الآن في العالم يندرج تحت الإجرام؟!
السعودية شنت حربًا علي اليمن، دمرت مُدن، شردت وشوهت وقتلت الآلاف من البشر، حتي الأطفال كان لهم نصيبًا كبيرًا في هذه المذابح.
أثبتت التقارير السرية العالمية، التي خرجت مِنْ تحت عباءة الأُممْ المُتحدة، بما يُشير إلي أن السعودية كان لها دورًا كبيرًا، في أحداث الحادي عشر مِنْ سبتمبر، وإنهيار بُرجي أمريكا، وقتل الآلاف مِنْ الضحايا، وتدمير الكثيرين مِنْ الذين فقدوا أحباءهم.
السعودية مازالت تتدخل وتضغط وتُدعم إستمرار الحرب في سوريا.
السعودية مازالت تقوم بتمويل، الجماعات المُتطرفة علي مستوي العالم، وخاصة في سوريا والعراق وليبيا.
متي ستعترِفون بأن السعودية دولة مجرمة؟!
أمريكا بالإشتراك مع دول أخري، وما فعلوه بالعراق، وتشريد شعب بأكمله، ودمار الدولة بمنشآتها، وضياع تراثها الحضاري، أليس ذلك يندرج تحت الإجرام؟!
متي ستعترفون بأن أمريكا وهذه الدول دولاً مُجرمة؟
ما تفعله تركيا وقطر في المنطقة، في إشعال وقيد الفتنة والحروب ودمار العديد من الدول .. أليس ذلك إجرامًا؟!
متي ستعترفون بأن تركيا وقطر دوًلا مُجرمة؟!
مازلت أسأل: إذا كانت كُلْ هذه الدول مُجرمة .. فلِماذا هذا التعنُت مع إسرائيل، وإعتبارها الدولة الوحيدة المُجرمة؟!
في النهاية، بسبب كتابة هذه المقالة، أتمني عدم تصنيفي بأنني إسرائلية، أو بأنني غير وطنية، أو بأنني خائنة!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com