متى سندرك أننا فى احتياج إلى حكومة حرب؟ وإذا كان البعض يسخر من نظرية المؤامرة إلا أننا نواجه حرباً كاملة شاملة متعددة الأبعاد والاتجاهات والأهداف.
نحن فى حرب اقتصادية لا لبس فيها مع أنفسنا ومع العالم ومع قوى مناوئة وخصوم بالداخل لا يتوقفون عن أفعال التخريب.
نحن فى حالة حرب حقيقية مع خراب اجتماعى كامل فى الشخصية والسلوك يجعلنا فى احتياج لإعادة منظومة قيم وسلوك راقية وصحيحة.
نحن فى حالة حرب والأعداء لا حصر لهم، وأخطر أعدائنا الفساد فهو مكون أصيل وقديم ومزمن فى جسد الدولة وهو ليس فساداً حكومياً فقط -وإن كان ذلك هو الأفدح - فالجهاز الإدارى للدولة طاعن فى الفساد وهناك فساد شعبى يستوى فيه البائع المتجول مع الملياردير ويستوى فيه أصغر موظف فى الحكومة مع الوزير.
الحرب على الفساد لا يكفى فيها تصريحات الحكومة بعزمها على مكافحته ولا يكفى فيها إعلان الرئيس واتخاذ إجراءات ومحاكمات وعقوبات واسترداد بعض الأموال وبعض الأراضى.
إذا كانت هذه الإجراءات تقضى على فساد ما لكنها لا تدمر كل الفساد فطالما الجذور لم تفارق الأرض فستظل فى نمو وما ينتهى هو بعض الفروع.
الدولة لا بد أن تبدأ أسلوب حرب شاملة ضد الفساد ولا بد من نسف ثقافة الفساد نفسها وما يتبعها من ممارسات وهذا أمر أكبر من الحكومة وتصريحاتها.
فلا بد من فعل معلن واضح به كل الأدوات والإمكانيات لخوض هذه الحرب وليكن أشبه بمجلس مكافحة الفساد أو منظمة مكافحة الفساد وتشارك فيه جهات مختلفة وتكون لها ميزانية ضخمة ترصد وتدرس الأسباب وتتعقب الفساد وتلاحقه وسلطة تنفيذية وسلطة قضائية ودوائر ومحاكم خاصة للفساد تشيع مناخاً من الطمأنينة وتعطى ثقة للمجتمع ولقدرة الدولة وقوتها وتكون بمثابة تجريس اجتماعى..
كل هؤلاء الأعداء مع أعلى تجليات الجهل لا تحتاج إلى وزراء مجتهدين وشرفاء فقط ولا تحتاج هذه النوعية من الحكومات التى تتعاقب علينا فهذه النوعية من الوزراء أصغر وأعجز كثيراً من أن تتحمل مسئولية الدولة فى هذه الظروف.
نحن فى احتياج إلى وزراء سياسيين وعلى أعلى درجة من الكفاءة الفنية والسمعة الجيدة، فهذه التحديات لا يجدى معها وزراء بشخصيات فنية فقط تعمل بطريقة سد الثغرات أو الترقيع.
إنها معارك كبرى فى حرب طويلة المدى، وكان لا بد أن نبدأ هذه الحرب بالتعليم والصحة وإيجاد حلول عملية للزيادة السكانية ومعدلات الإنجاب المرتفعة، وهى حروب لن تنتصر فيها حكومات تقليدية ولن تكفى فقط نوايا الرئيس وإرادته وجهده وإيقاعه وجرأته فى فتح ملفات أو اقتحام مشكلات أو البدء فى مشروعات تبدو خيالية بالنسبة للكثيرين.
ولن تكفى مجهودات المؤسسة العسكرية فى مساندة الحكومة وغلق الثغرات والتدخل لحل الأزمات، لا بد من جهاز تنفيذى للحكومة سليم البنيان قادر على العمل بكفاءة، لا بد أن تأتى الدولة بحكومة قوية، حكومة حرب تستطيع كسب ثقة عموم الناس والرأى العام، فالثقة فى الحكومة تعطيها مصداقية وقدرة على الإنجاز والعكس صحيح، ولأن الحكومات الأخيرة لا تضم كفاءة خاصة ومميزة وأصحاب نجاحات سابقة وسمعة متميزة إلا قليلاً فالحكومة تحت الاختبار يومياً سواء أصابت، وهذا نادر، أو أخطأت، وهذا كثير..
هذه النوعية من الحكومات تظلم الوطن وتظلم نفسها، فهى غير مؤهلة لهذه الظروف بالتحديات والحروب التى تفتح نيرانها علينا من كل اتجاه.. حروب قوية وحكومة ضعيفة ومستقبل ينزف..
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com