ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

فى مثل هذا اليوم ..مظاهرة عابدين واندﻻع الثورة العرابية

سامح جميل | 2016-09-09 10:58:45

 في مثل هذا اليوم 9 سبتمبر 1881 م.

سامح جميل
في الأول من فبراير عام 1881 استدعي عرابي وزميلاه علي فهمي وعبد العال حلمي لديوان الوزارة لمناقشة ترتيبات حفل زفاف شقيقة الخديوي وهناك جرى اعتقالهم واحتجازهم، وصف عرابي لاحقا هذه اللحظات بقوله "وبعد إقفال باب السجن جاء خسرو باشا وكان رجلا صلفا جاهلا فوقف خارج السجن وقال إيه زينبيل ليهرفرل يعني فلاحين شغالين بالمقاطف"، على أن الأمر كان أخطر من مجرد تحمل سخرية خسرو باشا فقد علموا في محبسهم أن باخرة نيلية قد تم تجهيزها لتصحبهم وقيل إنها تحمل على متنها ثلاثة صناديق بحجمهم تم إحداث ثقوب بها إلا أن الأمور لم تصل بهم ليلاقوا مصير إسماعيل المفتش لأنهم كانوا قد اتخذوا من الاحتياطات ما يؤمن خروجهم من هكذا مأزق، فما لبثت قوات موالية لهم بقيادة البكباشي محمد عبيد أن وصلت لديوان الوزارة حيث اقتحمته عنوة ودون مقاومة تذكر وأطلقت سراحهم. إلا أن هذه الواقعة لم تمر دون أن تنتبه أطراف معنية لأن هناك لاعبا قد ظهر على الساحة المصرية لا بد أن يوضع في الموازنة كما وشت بذلك بعد عدة شهور رسالة تشارلز كوكسن القنصل البريطاني في الإسكندرية إلى وزير خارجيته لورد غرانفيل والموجودة ضمن وثائق وزارة الخارجية بالأرشيف البريطاني وقد ذكر فيها "إن الحركة العسكرية قد نشأت بين الضباط العرب أنفسهم الذين يشعرون بجرح الإهانة بسبب وضع القيادة في يد الأتراك والشركس حصريا وللأسف فهم لا يثقون على الإطلاق بتأكيدات الخديوي ورياض باشا"، لم يلبث محمود سامي البارودي صديق الثوار الذي أقيل من منصبه كناظر للجهادية وجيء بداود يكن الذي استهل عهده بقرارات تستهدف إخراج وحدات الجيش المتمردة من العاصمة وقد رفض ضباط ألايا القلعة تنفيذ الأمر واعتصموا في ثكناتهم بل وأكثر من ذلك قرروا أن يتوجهوا بقيادة عرابي قائد ألالاى الثالث والرجل صاحب النفوذ الأقوى في الجيش إلى قصر عابدين عصر يوم التاسع من سبتمبر 1881 ليعرضوا على الخديوي مطالبهم والتي ستتمدد في لحظة فارقة لتستوعب مطالب الأمة بكاملها.

ومن ضمن ما ذكر كوكسن في رسالته أنه يأمل أن يتمكن شريف باشا من إقناع الضباط أن الخراب سيحل بهم وبعائلاتهم ورفاقهم وبلادهم إذا لم يتراجعوا عن الموقف المحفوف بالمخاطر الذي يتبنونه. أما أوكلاند كولفن المراقب المالي في مصر فيكتب تقريرا يصف الضباط في نبرة عنصرية بأنهم شرقيون لم يعتادوا أفكار أوروبا القاسية ولا الانضباط العسكري رغم أنه يعود فيعترف أنهم يتألمون تحت وطأة شعور قوي بالظلم. ترجع أهمية وثيقتي كوكسن وكولفن ضمن وثائق الأرشيف البريطاني لكونهما الشخصين الذين شهدا وقفة عابدين وقاموا بالتفاوض مع القائم مقام أحمد عرابي بعد انسحاب الخديوي ومن ثم فإن توصياتهما ستؤسس لقرارات لندن لاحقا والتي يبدو أنها انحازت لجانب كولفن، فعلى صعيد احتمالات التدخل العسكري نجد أن كولفن ومنذ اليوم الأول لم يغلق الباب تماما أمام هذا الخيار حيث يذكر في رسالته عن الضباط "وإذا مد إليهم جسر تراجع يضمن لوالي البلاد عدم تكرار أعمال العنف فلن أوصي بحال باتخاذ إجراءات متطرفة معهم" أي أن الإحجام عن الخيار العسكري كان مشروطا عند كولفن بينما عند كوكسن نجد أنه كان يراه أصلا مشروعا كارثيا حيث يذكر في رسالته مخاطبا وزير خارجيته "أشعر بأنني ملتزم بتحذير سعادتكم من أن نزول قوات أوروبية ربما يؤدي إلى كارثة مرعبة إذ أعلن عرابي بيه وفقا لما سمعته من مصادر موثوق بها أنه في هذه الحالة لن يكن مسؤولا عن سلامة الأجانب وتحدث عن قدرته على حشد قوة قوامها مليون من البدو الذين وعدوا بتقديم المساعدة في مقاومة أي غزو أجنبي"، لم يلتفت إلى تحذيرات كوكسن لغرانفيل وزير خارجيته لأن غرانفيل ببساطة كان قد ترك الموضوع برمته للسير تشارلز ديلك وكيل وزارة الخارجية للشؤون البرلمانية، كان ديلك صاحب قدرة على التأثير في أعضاء مجلس العموم وكان من ناحية أخرى يتمتع بدعم قوي من رجل المال والسياسي النافذ جوزيف شيمبيرلين والذي رغم انتمائه لحزب الأحرار كان من أشد الصقور فيما يتعلق بحماية مصالح بريطانيا وراء البحار ولو بالقوة...وفىاليوم المشهود يوم وقفة عابدين يصف بلنت في كتابه المثير للجدل كيف بدأ ذلك اليوم حيث يذكر أن عرابي أرسل في صباح 9 سبتمبر/ أيلول للخديوي بقصر الإسماعلية وهو مقره الشخصي ليخطره أنه سيتحرك بالجيش ظهر نفس اليوم إلى قصر عابدين وهو المقر الرسمي لكي يخبره بطلبات الأمة. 
 
وفى مثل اليوم 9سبتمبر 1881م..تحركت اﻻﻻيات الجيش المصرى من طره ..وتوجهت الى ميدان عابدين وكان احمد عرابى قائد اﻻﻻى الثالث..مشاة ..وفي الساعة التاسعة عربي من يوم الجمعة وفي الميعاد المذكور أتت العساكر من محالها إلى ميدان عابدين بغاية الأدب والاحتشام وقبل ذلك حررت إلى قناصل الدول الأوروباوية كافة بما سيحدث بهدوء وسكون وفي وقت معين وأعلنتهم أنه لا خوف على رعاياهم ولا على أموالهم"، عند الرابعة عصرا أصدر عرابي أوامره بإغلاق منافذ قصر عابدين ومنع الدخول أو الخروج، كان عدد قواته حول القصر قد بلغ نحو من 2500 جندي و18 مدفعا، 
 
وذهبوا الى مقابلة الخديوى توفيق الذى لم تمضى على جلوسه على كرسى الخديوية اﻻ عامان ..وامام سراى عابدين اصطفت القوات ووقف احمد عرابى شاهرا سيفه ..
 
ونزل الخديوى وسار الخديوي إلى الساحة ولما توسط الميدان طلب عرابي فتوجه إليه وخلفه نحو ثلاثين ضابطا وسيوفهم مسلولة وعرابي أمامهم ممتطيا جواده وسيفه في يده، فلما قرب منه دعاه الخديوي إلى أن يترجل فنفذ عرابي الأمر وعندها همس كولفن محرضا توفيق "الآن هذه لحظتك، كن شجاعا".وعرض عليه عرابى مطالب الجيش والامة وأظهرت اللحظات الحاسمة خلال وقفة عابدين ردود أفعال متباينة ما بين كولفن وكوكسن من خلال نصيحة كل منهما للخديوي توفيق. : أحدهما نصحه بأن يطلق النار على عرابي والآخر طلب منه أن ينسحب إلى الداخل الا أن انطباعات الرجلين المباشرة قد اتفقت تماما على أن عرابي ووفقا لأي تقييم كان لديه من الدوافع السامية ما يبرر سلوكه لنفسه وأنه شخصية جديرة بالاحترام ويحظى بتقدير أتباعه المؤيدين له. انسحب الخديوي لداخل القصر استجابة لنصيحة كوكسن الذي أدار هو وكولفن بعد ذلك جولة من المفاوضات مع عرابي عبر مترجم ويذكر بلنت أن كوكسن قد عاد إلى ومن القصر ست أو سبع مرات وفي المرة الأخيرة عاد حاملا موافقة الخديوي النهائية على المطالب وعلى تسمية شريف رئيسا للنظار. بدا الإصلاح الدستوري على مرمى حجر ففي الرابع من أكتوبر أصدر الخديوي مرسوما لإجراء الانتخابات التي ستأتي بمجلس يضع دستور البلاد. كان كل شيء يدعو للتفاؤل لولا أن حبكة ما كانت تنضج على الجانب الآخر من البحر
 
وانحصرت المطالب فى زيادة عدد افراد الجيش المصرى الى الحد المقرر من السلطان العثمانى وهو 18 الف جندى..وتشكيل مجلس شورى النواب وعزل وزارة رياض باشا..واستجاب الخديوى لكثير من المطالب..وعهد بتشكيل وزارة برئاسة شريف باشا ،واسند وزارة الجهادية لمحمود سامى
البارودى..وسميت وزارة سبتمبر 1881 ووضع شريف باشا دستورا للبﻻد فى 7 فبراير 1882 ..وتشكلت وزارة جديدة برئاسة البارودى باشا وشغل احمد عرابى وزيرا للجهاديةولكن هذه الخطوة تعثرت بسبب قبول الخديوى توفيق المذكرة المشتركةاﻻولى فى 7 يناير وقبل تشكيل وزارة البارودى باشا..والمذكرة المشتركة قدمتها انجلترا وفرنسا لتازيم اﻻوضاع وفى ظاهرها كانت تاييدا للخديوى ..ومساندتهما له..وانتهزت انجلترا فرصة تجديد القلاع والطوابى فى اﻻسكندرية وارسلت انجلترا انذارا بوقف عمليات التحصين ..ورفضت حكومة الثورة اﻻنذار..وضرب اﻻنجليز اﻻسكندربة مستغلين مشاجرة المالطى مع الحمار المصرى فى يوليو وتحرك عرابى بقواته لكفر الدوار وعزل الخديوى عرابى ةاستصدر امرا من السلطان العثمانى بعصيانه وكفره 
ولكن عرابى لم يمتثل لقرار الخديوى وحقق انتصارا فى كفر الدوار وفى 28 اغسطس 1882 التقى الجيشان البريطانى والمصرى وانهزم عرابى ثم اعقبتهما هزيمة 
 
عرابى فى التل الكبير فى سبتمبر 1882 وحوكم عرابى وحكم علبه بالنفى الى جزيرة سرنديب (سيريﻻنكا)..ولم يعود الى بﻻده اﻻ بعد حوالى عشرين عاما...!!
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com