ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مجزرة فى «مسجد» يوم «عرفات»

بقلم د. محمود خليل | 2016-09-13 08:57:24

خناقة داخل «ميضأة» أحد المساجد بكفر الشيخ أدت إلى مذبحة فى يوم عرفات، راح ضحيتها 3 قتلى و3 مصابين. سبب الخناقة خلاف على نظافة مكان الوضوء. حادثة عجيبة، تحمل فى طياتها العديد من الدلالات التى تمنحك مؤشرات عن طبيعة تدين قطاع من المصريين.

أول هذه الدلالات النظرة الشكلية إلى الدين. فالإسلام فى نظر البعض مسجد وميضأة ومصاحف وسجاجيد، وصلاة، ودعاء، لا يهم أن يُحترم المسجد، وليس من الضرورى أن تُقرأ المصاحف، وليس من الغريب ألا تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر والبغى، وليس لازماً أن تخلص النية فى الدعاء، أو تصفو القلوب لحظة التوجه إلى الله. المهم أن يتكامل الشكل، لذلك تجد أن البعض يتمسك بالشكليات أكثر من القيم التى يتركز عليها الإسلام، مثل أهل خناقة كفر الشيخ. فقد صور لهم خيالهم العقيم أن نظافة الميضأة أو المسجد أهم من حفظ النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، فترخصوا فى إراقة دماء ستة منهم، مات منهم ثلاثة، رغم أن النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «لهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل امرئ مسلم». تخيل الكعبة المشرفة، وليس مسجداً من المساجد التى توشك أن تتحول إلى «دكاكين للدين»، مع الاعتذار عن التعبير.

الدلالة الثانية تتعلق بفكرة «الدعوشة»، فالعلاقة بين الدعوشة والتدين الشكلى علاقة أساسية. فالدعوشة حالة لا ترتبط بتنظيم أو زمان أو مكان، بل تتعلق بشخص تسطح عقله، حتى تساوى بالأرض، وظرف يشجع على العنف، ولا ينزعج من منظر الدماء. هنالك يقفز الداعشى المختفى فى الباطن ليطفو على أرض الواقع، ويمسك بالسكاكين والسيوف كما فعل أهل خناقة كفر الشيخ، فى مشهد يتشابه مع مشاهد الذبح التى ارتكبها حمقى «داعش». الدلالة الثالثة تتعلق بمستقبل هذا المجتمع. وحقيقة الأمر فإن التفكير فى المقبل أصبح أمراً مخيفاً، فالمتابع لحوادث خنق وإغراق الآباء لأبنائهم، والذبح المتبادل بين الأزواج والزوجات بمعاونة العشيق أو العشيقة، والمتأمل فى الكثير من حوادث القتل يمكنه أن يلاحظ كيف أن الدم أصبح يراق على أتفه الأسباب. ولا أحد يعلم هل السبب فى ذلك التسطح الدينى، أم الجهل، أم المناخ الذى يشجع على العنف، أم الظروف الاقتصادية الضاغطة التى يعيشها الكثيرون؟. ولكى نكون منصفين علينا أن نعترف أن ظاهرة الذبح اللا مبالى بمكان أو زمان -كما حدث فى كفر الشيخ- تشكل حاصل جمع وإضافة هذه العوامل إلى بعضها البعض!.

لست أدرى أين مراكز البحوث الاجتماعية بالجامعات، وكذلك المركز القومى للبحوث الاجتماعية، من هذه الظاهرة التى استشرت حتى أصبحت تنذر بالخطر، وأمست التحدى الأكبر الذى يهدد وجودنا فى المستقبل. هذه الظاهرة يجب ألا نتعامل معها باستخفاف، لأن قطاعاً لا بأس به من المصريين أصبح يعيش نوعاً من الفصام فيما يتعلق بالتعامل الشكلى والموضوعى مع القيم الحقيقية للدين والدنيا. أتصور أن اهتمام المعنيين بدراسة هذه الظاهرة يمكن أن يساعدهم على كشف «دواعش» كثر ينتشرون فى بر المحروسة!.
نقلا عن الوطن

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com