بدلاً من الفسفسة على الفيس، والتغريد على تويتر، والكتابة فى الصحف، والظهور على الفضائيات، إسهاما وواجبا وخدمة للوطن، لماذا لا يتشكل من وزراء الحكومة السابقين مجلس استشارى لمجلس الوزراء الحالى، يضم بين أعطافه الوزراء السابقين على اختلاف مشاربهم السياسية والحزبية، مجلس يكون عوناً وسنداً للحكومة الحالية.
الوزراء السابقون ثروة قومية، كل منهم خبر العمل الوزارى، وكُلف فاجتهد وأخطأ وأصاب، وخرج من التشكيل الوزارى طوعاً أو كرهاً، وباعتبار التغيير سنة الحياة، فكل منهم قيمة سياسية وعلمية وأكاديمية فى تخصصه الوزارى، والحكومة الحالية ليست فرعاً مقطوعاً من الشجرة الوزارية، وكل وزير سابق من أصل هذه الشجرة.
المجلس الوزارى الاستشارى سيضم كفاءات لها سابق خبرة بالملفات التى تجتهد فى دراستها الحكومة الحالية، وتفاعلت سابقاً، ويمتلك بعضهم حلولاً وأفكاراً لم يتمكن أو لم يُمكّن أو لم يسعفه الوقت أو الإمكانيات أو طحنه الظرف السياسى وحال دون تحقيقها أو تجليسها على الأرض، كل حكومة لها ظروفها، وما هو مستحيل فى زمن قد يكون متاحاً تطبيقه فى زمن تالٍ.
مثل هذه الخبرات الوطنية لا تُترك هكذا تتحدث فى الفراغ، وتُهمل أفكارها التى تملأ الفضاء بأفكار تصب فى حلحلة المشاكل وابتكار الحلول، وليس معنى أنه سابق يعنى وصمه بالفشل، والسابق سبق إلى مواجهة هذه المشاكل المزمنة، وحاول وقُدر لبعضهم النجاح، والنجاح مثل الفشل له أسباب وتحكمه ظروف كانت قاسية على البعض منهم.
نبع من الخبرات النادرة فى العمل الوزارى، إهمالها يُعد إهمالاً لثروة وطنية، وتجاهلها لا يخدم هدفاً وطنياً، مع حفظ الألقاب والمقامات، مَن ينكر خبرات وإسهامات كمال الجنزورى، وحازم الببلاوى، وعمرو موسى، وجودة عبدالخالق، ومنير فخرى عبدالنور، وهشام زعزوع، وأسامة صالح، وزاهى حواس، وميرفت تلاوى، وأحمد الزند، ونبيل فهمى، ومحمود محيى الدين، ونبيل العربى، ونصر علام، وزياد بهاء الدين، وطابور طويل من الخبرات الوزارية المعتبرة، شخصيات وطنية عملت بإخلاص، وبذلت جهداً مقدراً وتشكل مجمع خبرات هائلاً، حد يبقى عنده خبراء من هذه النوعية الفاخرة ولا يستثمرها فى استشارات ودراسات وأفكار، هذا بيت خبرة ليس له مثيل.
السابقون ليسوا أشراراً فجاراً، والسابقون لم تنته مهمتهم فى دولاب الحكم، والسابقون وإن تخففوا من عبء المسؤولية، فإن عليهم مسؤولية إعانة أهل الحكم بالفكرة والمشورة، ويقيناً جميعاً من ضلع الوطن، ولا يتأخرون عن واجب، وسيخفون إلى هذا المجلس الاستشارى، وسيجتهدون زلفى وقربى للوطن.
مثل هذا المجلس الاستشارى سيكون بيت خبرة نموذجياً، الوطن فى أمَسّ الحاجة إليه، ولن يكلف الحكومة شيئاً، وسيشكل احتياطياً استراتيجياً من الخبرات، مجلس كفايات وطنية متسلحة بخبرة وزارية، يُحزننى أن تظل أسماء من الوزن الثقيل خارج الخدمة الفعلية.
ومؤسف أن يتحول الوزراء السابقون إلى ما يشبه خيل الحكومة، يُطلق عليهم الرصاص عند أى صهيل بفكرة أو برأى أو باستشارة، يُقَبَّحون وتُعفر وجوههم، وتُوسخ ملابسهم، الوزير السابق صار مثل الجمل الأجرب، أو المجذوب، يفرون منه أو تنبح عليه «كلاب السكك».
واجب وطنى، تأسيس هذا المجلس الوزارى الاستشارى سيُكسب الوطن كثيراً، إذا استنَّ الرئيس هذه السُنّة فى الاستفادة من هذا الشلال البشرى الغنى بالخبرات الوطنية، يصل ما انقطع بين الخبرات الوزارية، وساعتها سيكون هناك بيت خبرة وطنى، يقف على الحروف جميعاً، يجلى الأفكار، ويجلّس السياسات، ويدعم المشروعات، ويقترح للمستقبل، لن نذهب إلى المستقبل خلواً من خبرات الماضى، على الأقل الماضى القريب وصولاً إلى المستقبل القريب، وكلها من تصريف الأفعال.
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com