كتب: هشام عواض
"يا مين يعيش" كان تلك العبارة دائمًا الترد على لسان إمام الملحنيين سيد درويش، ليعبر بها عن فلسفته في الحياة وأيامه المعدودة في الحياة، ولهذا كان دائم الحركة والاإنطلاق والنشاط، الذي يصل أحيانًا للتهور، مثل ما فعل بتعاطي الهيروين الذي أدى إلى وفاته، بعد تعاطي جرعة كبيرة منها مما أصاب عضلة قلبه، وذلك بعد أن سطع نجمه وصار إنتاجه غزيرًا، ويعتبر مجدد الموسيقى وباعث النهضة الموسيقية في مصر والوطن العربي، فقام بالتلحين لكافة الفرق المسرحية في عماد الدين أمثال فرقة نجيب الريحاني، جورج أبيض وعلي الكسار، حتى قامت ثورة 1919 فغنى قوم يا مصري. ونستعرض في الأسطر التالية أبرز 10 معلومات حول سيد درويش.
- وُلد ابن الإسكدرية سيد درويش فيها يوم 17 مارس 1892، واسمه الحقيقي السيد درويش البحر. وبدأ ينشد مع أصدقائه ألحان الشيخ سلامة حجازي والشيخ حسن الأزهري، ثم التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية عام 1905 ثم عمل في الغناء في المقاهي.
كانت حياة سيد درويش مقسومة بين عبقريته فى العمل ومطالبه الذاتية، فمن ناحية عبقرية العمل يصفه عباس محمود العقاد فى مقال له بصحيفة البلاغ 29 سبتمبر 1925 بأنه "إمام الملحنين" ونابغة الموسيقى المفرد في هذا الزمان.
- تزوج درويش وهو في سن مبكرة جدًا فتزوج وهو في السادسة عشرة من العمر، على الرغم من شغفه للغناء والفن، لكنه تفرغ للعمل مع الفرق الموسيقية، لكنه لم يوفق حينها، فاضطر أن يشتغل عامل بناء، وكان خلال العمل يرفع صوته بالغناء.
- عاد درويش مرة أخرى إلى الفن وذلك على يد الأخوين أمين وسليم عطا الله، اللذين يعدان من أشهر المشتغلين بالفن في ذلك الوقت، في مقهى قريب من العمل، فأثار انتباههما ومن جمال صوته واتفقا معه على أن يرافقهما في رحلة فنية إلى الشام في نهاية وكانت عام 1908. وبقى فى الشام حتى عام 1914 حيث أتقن أصول العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية هناك، فبدأت موهبته الموسيقية تتميز وتعلو، ولحن حينها أول أعمالة الفنية وكانت "يا فؤادى ليه بتعشق".
- وعاد إلى مصر ثم انتقل للعيش في القاهرة عام 1917، وبدأ مسيرته الفنية هناك فقام بالتلحين لكل الفرق المسرحية في عماد الدين مثل فرقة نجيب الريحاني، وجورج أبيض وعلى الكسار، حتى قامت ثورة 1919 فغنى أغنيته الشهر " قوم يا مصري". مما جعل مقولة تتردد أن ثورة 1919 في مصر كان لها زعيمان سعد زغلول وسيد درويش.
- وتعرف درويش على أمور لم يكن يعرفها من قبل، خلال فترة عمله بالمسارح والكازينوهات وهما النساء وشرب الخمر وتعرف على عدد كبير من النساء وكان لكل موقف يحدث له أغنية تتحدث عنه، خاصة أنه كان مرهف الحس. وكانت من قصصه الشهيرة فتاة أحبها من الإسكندرية، وغنى لها أجمل ما لحن منهم: "زروني كل سنة مرة حرام تنسوني بالمرة، وأنا هويت وانتهيت وليه بقى لوم العزول، وضيعت مستقبل حياتي في هواك".
- لحن سيد أجمل أغانيه في مناسبة غرامية حرجة وكانت الأغنية من مقام حجاز كار وقصة هذه الأغنية أنه بينما كان يعمل مغنيًا على مسارح الإسكندرية يعلق قلبه بحب غانيتين الأولى اسمها فردوس والثانية اسمها رضوان فكان إذا تخاصم مع الأولى ذهب إلى الثانية والعكس بالعكس وصدف مرة أن هجرته الاثنتان معًا، وبقي مدة من الزمن يتلوى من ألم الهجران وفي إحدى لياليه بينما كان رأسه مليئًا بما تعود عليه في بيئته ومحيطه من ألوان الخمور والمخدرات خطرت على باله فردوس وهاج شوقه فقصد بيتها طالبًا الصفح والسماح بالدخول عليها ولكنها أبت استقباله لعلاقته مع عشيقته الثانية رضوان فأقسم الشيخ سيد أيمانًا مغلظة بأنها صاحبة المقام الأول في قلبه وجوارحه ولكن فردوس أرادت البرهان بأن يغنيها أغنية لم يسبق أن قالها أحد قبله في أغنية فأنشدها في الحال: يا ناس أنا مت في حبي وجم الملايكة يحاسبوني حدش كده قال وانتهت الأغنية بالبيت الأخير الذي كان له شفيعًا في دخول بيت فردوس فقال: قالوا لي أهو جنة رضوان واخترت أنا جنة فردوس.
- سافر درويش مع فرقة جورج أبيض إلى البلاد السورية فأعاد الصلات الفنية بينه وبين موسيقييها واكتسب من أساتذتها ما افتقر إليه من ألوان المعرفة ولما عاد إلى القاهرة في هذه المرة رسم لنفسه خطة جديدة في ميدانه الغنائي والمسرحي فلحن معظم أدواره وموشحاته الخالدة التي عرفت الناس بمدرسته الإبداعية الجديدة ظهر للشيخ سيد أول دور بعد هذه الرحلة وكان مقام العجم يا فؤادي ليه بتعشق وكان مقتبسا من موشح حلبي قديم مقام العجم أيضًا أخذه الشيخ سيد عن الشيخ عثمان الموصلي ولكنه لم يستطع في بادئ الأمر أن ينسبه إلى نفسه وإنما نسبه إلى إبراهيم القباني واشتهر درويش في تلحين الأدوار بين الناس عاد ونسبه إلى نفسه وينسب إلى الشيخ سيد عشرة أدوار وخمسة عشر موشحا وأوبريت وطقاطيق وأهازيج وأناشيد حاسبة وغيرها.
- خلال فترة حياته أنتج أربعين موشحًا ومائة طقطوقة و30 رواية مسرحية وأوبريت.
- عندما كان سيد درويش فى زيارة إلى الإسكندرية، خطر له أن يزور إحدى صاحباته فى منزلها، وعندها شرب حتى الثمالة، وحسب كتاب سيد درويش لـ"محمد محمود دوارة"، "الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة": كان قد زار طبيبه قبل ذلك وحقنه بحقنة قوية التأثير على القلب يحتاج متعاطيها إلى الراحة فشعر ببعض التعب وخرج مستئذنا، حيث عاد إلى منزل شقيقته فى نهاية محرم بك وعند الفجر صعدت روحه إلى بارئها.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com