حقّق الجيش الليبى الوطنى بقيادة المشير حفتر نجاحات متتالية فى مواجهة الجماعات المسلحة التى تنتمى إلى «داعش» وفروعها، ومن بينها قوات «فجر ليبيا»، الجناح العسكرى لجماعة الإخوان فى ليبيا، وتمكن الجيش الليبى من طرد عناصر هذه الجماعات من مناطق غنية بالنفط، هنا تكشّفت جميع أبعاد المخطط الغربى تجاه ليبيا، ومن ثم المنطقة، فقد وجهت واشنطن ولندن إنذاراً إلى الجيش الليبى بوقف عملياته وإلا تعرّض لعقوبات غربية، وتحرّكت العاصمتان لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولى يُدين الجيش الوطنى الليبى ويفرض عليه عقوبات، ما لم ينسحب من المناطق التى سيطر عليها ويوقف عملياته ضد الجماعات المسلحة، وهو التوجّه الذى أحبطته روسيا الاتحادية والصين الشعبية ومصر، ويرجع الفضل هنا إلى موسكو وبكين، فكل منهما تمتلك حق النقض (الفيتو) فى مجلس الأمن، وهو كفيل فى حد ذاته بمنع صدور القرار، فقرار مجلس الأمن يصدر بتسعة أعضاء من خمسة عشر عضواً، شريطة عدم اعتراض أىٍّ من الدول دائمة العضوية، وهى خمس دول (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا الاتحادية والصين الشعبية)، واعتراض دولة واحدة من الدول دائمة العضوية كفيل بمنع صدور القرار. وقد سبق للجيش الوطنى الليبى أن حقق تقدّماً ملحوظاً شرق وغرب البلاد، فى ظل ظروف غاية فى الصعوبة. فمن ناحية نتحدّث عن الجيش الليبى، وما هو بجيش حسب المفهوم العسكرى للجيوش، فليبيا لم تمتلك جيشاً طوال فترة حكم معمر القذافى، التى دامت قرابة أربعة عقود كاملة، فقد اعتمد «القذافى» على عناصر من المرتزقة من أفريقيا، جنوب الصحراء، وشكّل كتائب أسند قيادتها إلى أبنائه، وحوّل ليبيا إلى ترسانة من السلاح الحديث، وعندما سقط نظام حكم «القذافى» توزّع السلاح على الأفراد والجماعات.
تحوّلت ليبيا بمرور الوقت إلى دولة فاشلة، بمعنى عدم وجود حكومة مركزية تُسيطر على الأوضاع فى البلاد، تمتلك جيشاً مركزياً يفرض سيطرته على البلاد، ويُؤمّن حدودها، فما حدث كان عبارة عن سقوط الحكومة المركزية وانتشار الميليشيات المسلحة فى أنحاء مختلفة من البلاد، بما فى ذلك الموانئ البحرية والمطارات، وفتحها لاستقبال العناصر المسلحة من مختلف الجنسيات. وفى هذا السياق نسجت جماعة الإخوان عندما كانت فى السلطة فى مصر روابط قوية مع الميليشيات الموالية لها فكرياً، وذكرت قيادات الجماعة فى مصر، عصام العريان تحديداً، أن الجماعة تقوم بتدريب عشرة آلاف مقاتل ليكونوا نواة جيش مصر الحر، على غرار الجيش السورى الحر الذى يقاتل النظام هناك.
جاء التحول من مصر فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ عندما خرج الشعب المصرى، مطالباً بسقوط حكم المرشد والجماعة فكان له ما أراد بعد انحياز القوات المسلحة إلى مطالب الشعب، وبدأت مرحلة استرداد الدولة المصرية، فى الوقت نفسه كان الشعب التونسى يعد العدة لإسقاط الفرع التونسى للجماعة -حركة النهضة- من خلال الانتخابات البرلمانية، ثم الرئاسية التى جرت فى الحادى والعشرين من ديسمبر ٢٠١٤، وفاز بها الباجى قائد السبسى، مرشح حزب «نداء تونس» المدنى، الذى خاض الانتخابات بشعار «تحيا تونس»، بكل ما يعنى الشعار من دلالات مصرية.
من هنا يمكن القول إن شمس الجماعة غربت فى مصر وتونس، وتبقى الجماعة فى ليبيا تحارب معركتها الأخيرة من خلال الميليشيات المسلحة، وهو الأمر الذى تقوم فيه مصر بجهود ضخمة لتمكين الدولة الليبية من استعادة السيطرة على أراضيها وتصفية تلك الميليشيات، حيث تأخذ مصر على عاتقها تحديث وتطوير قدرات الجيش الليبى. ما نود تأكيده هنا هو أن مصر عندما تحركت فى الثلاثين من يونيو تمكنت من تغيير خريطة الشمال الأفريقى وباتت المعركة على الأراضى الليبية هى الفصل الأخير فى القضاء على مخطط تفتيت الكيانات الكبيرة فى المنطقة، وكسب الدولة الليبية للمعركة سوف يغلق هذا الملف وتبدأ مرحلة جديدة من التطور الشامل فى المنطقة.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com