ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

رحل رافد صبحي أديب

د.عبد الهادى الخليلي | 2010-12-24 11:49:21

بقلم: د. عبد الهادي الخليلي
غادرنا صباح الأربعاء 22/12/2010 الى الرفيق الأعلى الدكتور رافد صبحي أديب وهو على سريره في داره في مدينة ويكفيلد في أطراف مدينة ليدز في انكلترا.
تخرج رافد عام 1952 حسب ماذكر لي وكان طبيبا على ملاك الجيش. خدم في الجيش وابتعث للحصول على شهادة زمالة كلية الجراحين البريطانية والتي حصل عليها بوقت قصير. عاد ليعمل في مستشفى الرشيد العسكري وزامل الطيبين الاكفاء الدكتور كمال حسين والدكتور سالم خطاب عمر وغيرهم من الجراحين الافذاذ.
في خضم المعمعه السياسية والفوران العقائدي وردود الفعل المؤلمة بعيد ثورة تموز 1958 تعثرت مسيرته وأدخل السجن لفترة وكان زملاؤه في السجن يلجأون اليه في كل احتياجاتهم الطبية فكان الساهر عليهم والراعي لصحتهم وكان له دورا كبيرا في انقاذ ارواح بعضهم. وبعد خروجه من السجن أعفي من الخدمة وافتتح عيادته الخاصة في ساحة الطيران بجنب عيادة مختبر الطبيب الذي عز مثيله في الخلق والكفاءة أخي وعزيزي المرحوم عبد السلام محمد بلطة.
تعرفت على المرحوم أبا ليلى في عام 1966 حينما عملت مباشرة بعد تخرجي ولفترة شهرين قبل الخدمة العسكرية الالزامية في مستشفى ابن سينا الاهلي بمعية الاستاذ الفاضل المرحوم الدكتور كاظم شبر. لقد كان رافد متميزا بين الجراحين بكفاءته الجراحية وحسن طلعته ورقة معاملته مع مرضاه ومع كادر المستشفى. ساعدته في عدة عمليات جراحية وشاهدته عن قرب وهو يتعامل مع حالات جراحية معقدة وكأنه يتعامل مع أبسطها لثقته العالية بما لديه من القدرة والجرأة.
انقطعت صلتي به حين سار كل بدربه، وشاءت الصدف أن ألتقيه في مدينة ليدز في انكلترا حينما عملت في قسم جراحة الدماغ في المستشفى الجامعي هناك. وكان قد قدم للعمل فيها كطبيب مقيم في قسم الامراض البولية وهو أعلى مقاما من ذلك بكثير ولكن للضرورة أحكام. ولكن وبعد فترة قصيرة شغر منصب استشاري في نفس القسم وإذا بالجميع يرشحوا رافد لشغل هذا الموقع. وعند إجراء المقابلة للعديد ممن قدموا عليه لأهميته كونه في مستشفى من المستشفيات الراقية في العالم صوت جميع أعضاء اللجنة وبالإجماع لرافد ومن ضمن الذين صوتوا وبشدة كان رئيس القسم فيليبس والذي أدلى بصوته هاتفيا من استراليا حيث كان في سفرة علمية هناك وأراد أن يضمن تعيين رافد لمعرفته من هو رافد وماهي كفاءته.
ولكوني كنت المقيم المسؤول عن قسم جراحة الدماغ هناك كنا نلتقي كثيرا وبصحبة عزيزنا "مختار ليدز" المهندس الاخ مهدي الحسني. ولنا ذكريات عابقات مليئة بروح الأخوة والمحبة والأنس.
عاشرت عائلته الكريمة المتمثلة بزوجته كريستل وابنته ليلى وتانيا ودلير. كان العائلة سعيدة بما هي فيه الى أن غدر بها الزمن بوفاة الملاك الجميل ليلى بعد اصابتها بسرطان قاتل لم يمهلها. فنكب بها أبويها واقلبت الحياة الى ألم وحسرة وشمل الالم والحسرة جميع محبيه ومحبيها. ولكن كانت مشيئة الله التي يجب تقبلها. ولكن وبعد سنين قليلة انتقلت كريستل الى جوار ربها فكانت الفاجعة الكبرى الاخرى التي أصيب بها. ولكن عزاءه في المحروسين تانيا ودلير. واستمر في عمله الجراحي وخدمته المتميزة لمرضاه وكان في هذا عزاؤه. وكان مما خفف عنه الالم سلامة وسعادة حبيبيه تانيا ودلير حرسهما الله.

عانى المرحوم الكثير من مرضه المزمن الذي لازمه لسنين وأخيرا اضطر أن يلزم الفراش في بيته بعد أن دخل المستشفى عدة مرات. وقد كنت على اتصال مستمر به عبر الهاتف من واشنطن أتحدث معه لدقائق نتذكر خلالها الايام الجميلة ونسعد بذكراها ولكن حالته المتعبة لا تسمح بالتحدث معه أكثر من دقائق قليلة. وفي آواخر رحلة الحياة كنت أتحدث مع الممرضة التي ترعاه وأطلب أن تحييه عني حينما كان لايقوى على التحدث. وحل الوقت الموعود للسفر وانتقلت روحه الطيبة الى بارئها.
نم قرير العين في نومتك الابدية ياأخي العزيز النبيل والمكافح والمعذب والوطني والكفوء، أبا ليلى فذكراك العبقة ستبقى مع محبيك وطلابك ومرضاك.


أسكنك الله فسيح جناته وحشرك مع الصالحين.
وألهم محروسيك تانيا ودلير وعائلتك الكبيرة وكل محبيك الصبر والسلوان.
وإنا لله وإنا اليه راجعون
من لن ينساك
عبد الهادي الخليلي
واشنطن

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com